بعد تراجع المحكمة.. تفتيش عن مخارج للسلاح

بعد تراجع المحكمة..
تفتيش عن مخارج للسلاح
 البناء // 21-10-2010
محمد شمس الدين
لا يبدو ان في الأفق ما يوحي بأن مخرجا ما للأزمة السياسية التي تعيشها البلاد قد تهيأ. ذلك ان اللقاء بين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد الذي جرى في الرياض نهاية الأسبوع الماضي، لم يرشح عنه سوى الأجواء التي تؤكد على منع الانفجار أو حتى منع بلوغ حده في وقت قريب، لأن لا أحد من الأطراف في لبنان أو بعض من في الخارج يرى في هذا الأمر مصلحة، اللهم ما عدا «إسرائيل» المراهنة دائما على خلل أمني وتدهور داخلي يعيد خلط الاوراق من جديد ويفتح ثغرة في جدار الأزمة التي تواجهها منذ أكثر من أربع سنوات متتالية لم تتوقف فيها «الحرب البديلة» وعلى غير مستوى لحظة واحدة.
ما جرى في الرياض اكد أن التفاهم السعودي السوري لن يستجيب لأي خلاف يعيد الأوضاع بين البلدين الى مرحلة ما قبل قمة كسر الجليد في الكويت في كانون الثاني 2009، التي كرست نمطا جديدا في التعاطي مع مختلف الأزمات ذات الاهتمام المشترك بينهما في المنطقة لا سيما ما يتعلق بالملفات الفلسطيني والعراقي واللبناني. إلا أن الملف الأخير يمر في مرحلة حرجة قد تفضي الى ما لا تحمد عقباه إذا لم يتم احتواء تداعيات التصعيد الأخير الناتج مما يعرف بملف «شهود الزور» وما آلت اليه أمور المحكمة الدولية بعد التسريبات التي اكدت على «تسييس» قرارها الظني المنتظر من خلال توجيه الاتهام الى جهة بعينها استنادا الى «أدلة» ضعيفة تؤشر بما لا يدع مجالا للشك الى الأهداف المتوخاة من خلالها وهي النيل من حزب الله ومقاومته وسلاحها. الأمر الذي بات أيضا محط حديث كل البعثات الدبلوماسية في لبنان والمنطقة، التي بدأت تفتش منذ الآن عن سبل اخرى لتحقيق تلك الأهداف إذا ما فشلت المحكمة في ذلك، خصوصا وأن ما يرشح عن الإدارة السعودية يوحي بتراجع رهان المملكة عليها وبروز مؤشرات لدى هذه الأخيرة على ما يمكن أن تؤدي اليه المحكمة في حال استمر استخدامها ورقة ضغط.
مصادر دبلوماسية عربية أكدت هذا المنحى لدى بعض السفارات الغربية العاملة في لبنان والمنطقة حيث بدأت تسأل عن كيفية الخروج من ازمة التسلح المستفحلة في لبنان وطريقة تفكيك منظومة سلاح حزب الله الذي يلقي بثقله على استقرار الدولة العبرية التي طرحت بدورها على دول تلك السفارات قلقها من استمرار تنامي القوة في لبنان ما يعيق أية مبادرة للتسوية على كل الجبهات المشتعلة مع لبنان وفي فلسطين (حركة حماس) ويقوض أي اتفاق ممكن مع السلطة الفلسطينية في رام الله الضعيفة، وغير القادرة على الإيفاء بالتزاماتها مهما كان دعم دول «الاعتدال العربي» متوافرا لها. ودائما بحسب المصادر العربية التي تنقل نقاشاتها مع نظرائها الغربيين.
وتربط تلك المصادر بين ما تسمعه من سفراء الدول الغربية وما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حول القرار 1559 وتقرأ فيه إصرارا اميركيا على إعادة تظهير هذا القرار كأداة للضغط في ظل تراجع عامل المحكمة على هذا الصعيد، مشيرة الى أن العامل «الإسرائيلي» يبدو واضحا في توجيه بوصلة الاتهامات والتركيز على مسألة السلاح من خلال الأمم المتحدة والدبلوماسية الأميركية التي حركت جيفري فيلتمان باتجاه بيروت قادما من الرياض للحد من الانحدار السريع لعامل المحمكة، بعدما لمست الولايات المتحدة تراجع الموقف السعودي حولها الى درجة التفكير جديا في إلغائها، غير أن عوامل الإلغاء لا يبدو أنها متوافرة لا سياسيا ولا قضائيا بموجب القوانين الدولية المرعية في إنشائها بغض النظر عن بطلانها او عدمه، إلا أن المؤكد هو أن المملكة السعودية تعمل على خفض نسبة التوتر الناجم عن المحكمة من خلال العمل على تأخير القرار الظني «العتيد» إفساحا في المجال أمام تسويات من مستويات عدة يجري الحديث عنها في بعض الأروقة، وتقضي في إحدى سيناريوهاتها بطرح مقايضة السلاح بالمحكمة أو بالقرار الظني وإدخال فرضية «إسرائيل» انطلاقا من القرائن التي قدمها حزب الله، غير أن تلك الأفكار لا تنم عن نضج في قراءة الوقائع والمتغيرات التي حصلت وتستمر مفاعيلها يوميا وهو ما يقرأ من خلال تراجع المشاريع السياسية التي كانت متقدمة منذ 2005 ويسعى أصحابها اليوم الى لملمة ما يمكن لملمته، للحفاظ على الحد الادنى من المكتسبات ولو على حساب بعض الفرقاء المحسوبين عليهم.
هذه الأفكار تردّ عليها جهات سياسية في المعارضة اللبنانية انها، بغض النظر عن كونها غير قابلة للتحقيق، ترى أن الثمن الذي دفع سلفا هو أهم من المقايضة المطروحة، وهو منح السلطة للفريق الآخر بقيادة الرئيس سعد الحريري الذي تصر المعارضة على توليه لها الى ان يحين موعد الانتخابات النيايبة المقبلة في 2013، مشيرة الى أن الحريري جاد في إيجاد مخارج للأزمة وهو بات جاهزا للدخول في تسويات ما زالت تحتاج الى الكثير من الجهود والرعاية والتوجيه السعودي للحريري الذي دفع بعلاقته بدمشق وبحزب الله الى الهاوية من خلال ادائه السياسي في الفترة الأخيرة بالرغم من تصريحه الإيجابي حول شهود الزور الذي توقف عنده ولم يستطع إدارته بعد ذلك. 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار