"المسعى".. في عهدة الملك

"المسعى".. في عهدة الملك
البناء – 29 – تشرين الثاني - 2010
 محمد شمس الدين
لا يزال المسعى السعودي - السوري الموعود الأمل الوحيد المتبقي، لإيجاد حلول للأزمة في لبنان والناجمة عن المحكمة الدولية وما ينتظر من قرار ظني أو اتهامي ستصدره قريبا، بناء على المعطيات المسربة عبر وسائل إعلام متعددة منها من هو مقرب من المحكمة أو مريديها. إلا أن ما تسعى اليه كل من الرياض ودمشق لم تتضح معالمه بعد، خصوصا وأن الصيغ المقترحة للحل قد غابت كليا مع تجميد المساعي إثر مغادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز الى الولايات المتحدة في زيارة علاجية على ما صدر عن الديوان الملكي السعودي الأسبوع الماضي.
مصادر سياسية متابعة تقول إن غياب الصيغ، إنما هو ناجم عن صعوبة تقديم مقترحات «وسط» بحيث تجمع بين ما يمكن أن يصدر في قرار المحكمة، والرفض الكلي له من قبل حزب الله والمعارضة في لبنان، باعتباره مسيسا ويخدم أهدافا استراتيجية أميركية و»إسرائيلية» حصرا، بعدما سربت دول عديدة من بينها فرنسا بأنها ليست معنية بأي شيء يصدر عن تلك المحكمة وهو الأمر الذي تبنته المملكة السعودية ويعمل ملكها على معالجته بما يخدم مصلحة لبنان، أولا ويجنب دول المنطقة على امتدادها التأثيرات المحتملة لأي قرار .
وفي هذا السياق فإن المصادر نفسها تعتبر أن المساعي التي يجري الحديث عنها، لن تتحرك إلا مع عودة الملك لاسئناف نشاطه داخل المملكة. في حين أن نجله الأمير عبد العزيز الذي حضر الى بيروت خلال الأسبوع المنصرم بحسب ما تداولته بعض وسائل الإعلام، والتقى من التقاه من القيادات السياسية فيها، إنما اكد على هذا المضمون بطلب من الملك شخصيا، حرصا على استمرار الاستقرار وتجنبا لأية مستجدات قد تحصل في «الوقت المستقطع» بعدما تم ترويج مقولة أن قرار المحكمة سيكون هدية للبنانيين قبيل عيد الميلاد المقبل. غير ان الأزمة ما زالت عالقة في فخ الضغوط الأميركية على الأطراف في لبنان من جهة، كما على الأطراف الإقليميين من جهة ثانية، ما يبقي المساعي السعودية السورية في دائرة الخطر دائما لا سيما في الشق السعودي منها، والتي تحتاج الى قرارات «جبارة» من الملك عبدالله لأنه الوحيد القادر على مجابهة إرادة الإدارة الأميركية في توجيه قرارات المحكمة في الاتجاه الذي تريده، ما يعني أن المسعى والأمل هما في عهدة الملك فقط، وهو الأمر الذي يعول عليه حزب الله، وعبّرعنه أمينه العام السيد حسن نصرالله اثناء اجتماعه بكوادر حزبه، لتفادي دخول لبنان في العاصفة الأميركية – «الإسرائيلية» الجديدة في المنطقة.
تعتبر المصادر السياسية أن معيار تقدم تلك المساعي سيظهر من خلال المواقف التي سيعلنها رئيس الحكومة سعد الحريري بعد عودته من الجمهورية الإسلامية، والتي ستتزامن مع عودة التحرك السعودي باتجاه دمشق بعد الاطمئنان الى صحة الملك لاستكمال ما كانت الدولتان السعودية والسورية قد بدأتاه قبيل عيد الأضحى، مشيرة الى أن الزيارة «الحريرية» الى إيران يمكن وضعها في إطار زيارات المجاملة في هذه الفترة لسببين الأول: بروز مؤشرات على عدم ارتياح طهران للأسلوب الذي تعاطى به الحريري مع زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الى لبنان في تشرين الأول الماضي. الثاني: استجابة لطلب سعودي الى الحريري لتلبية الدعوة الإيرانية تماشيا مع جهود الملك الآيلة الى تجنب اي توتير مذهبي قد يمتد من لبنان باتجاه المنطقة من جهة، ومحاولة لتنفيس الاحتقان الناجم عن الخلاف مع حزب الله حول المحكمة الدولية وقضية شهود الزور من جهة ثانية، علما أن الجمهورية الإسلامية في إيران لم تضع في جدول أعمالها المتنوع مع الحريري اي إشارة الى قضية المحكمة الدولية أو ما يمكن أن يصدر عنها من قرارات، بل عبرت خلال المحادثات مع رئيس الحكومة اللبنانية عن دعمها للمسعى السعودي – السوري وما يتوافق عليه اللبنانيون مؤكدة حرصها على الوحدة في ما بينهم.
ترى المصادر بأن جملة من المعوقات قد تعترض اي مسعى للتوافق بين اللبنانيين خصوصا وأن بعض الأطراف في لبنان ما زال يراهن على الوعود التي قطعها لهم مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان وتتمحور حول أن «التغيير» المقبل في لبنان عنوانه المحكمة الدولية التي سيكون باستطاعتها تنفيذ مخطط ضرب حزب الله بغطاء ما يسمى الشرعية الدولية وبموجب الفصل السابع الذي تنص عليه المحكمة من دون أن تلتفت هذه الأطراف الى أن ذلك يعني بما لا يدع مجالا للشك إدخال لبنان في أتون حرب أهلية جديدة وليست مذهبية فقط.
السؤال المطروح يتمحور حول موقع الحريري في التباين السعودي - السعودي في النظرة الى المحكمة الدولية، والتي كان لها وما سعت اليه السعودية مع سورية، التأثير المباشر في أداء ملكها قبيل توجهه الى الولايات المتحدة والذي انعكس في سلسلة الإجراءات التي اتخذها. علما أن الحريري الذي صرح بأنه لن يخرج عن إرادة الملك يبدو أنه يلعب في المساحة التي تفصل بين الرأي السعودي الذي يتبنى الضغوطات ويسوقها حتى عند الحريري نفسه بحسب مصادر سعودية مقربة من العائلة الحاكمة، وبين رأي الملك وتوجهاته في احتواء المحكمة والخروج بأقل قدر ممكن من الخسائر بعدما تبين عقم الأهداف التي تحاول تحقيقها. 


         


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار