السلاح.. لو خافوا منه لما تجرؤوا عليه!


السلاح.. لو خافوا منه
لما تجرؤوا عليه
البناء 14 آذار 2011

محمد شمس الدين
انقضى الاحتفال «الحاشد» في 13 آذار. فقد كان يوماً ترفيهيا بامتياز حاز فيه المشاركون على هدايا كثيرة، بدءاً من عشرين دولاراً للصغير وصولا الى مئة للكبير. عدا عن الحاشية، فهي بالطبع لها وضع خاص باعتبارها من أركان الجوقة التي أخذت على عاتقها التخفيف عن «الزعيم» خسارته والتعويض عليه بما يشرح له صدره ولكن من حسابه حيث أنهم لا يملكون إلا قوت يومهم.
انقضى الاحتفال الذي رفع شعار السلاح والخوف منه ومن سيطرته. والحقيقة تكمن في أنهم لو شعروا لحظة بالخوف من ذلك السلاح أو «تهديده» لما كانوا تجرؤوا حتى على التلفظ باسمه. إذ أن التجارب قد أثبتت بأن السلاح لم يخرج من مخازنه إلا في حالات «الشذوذ الواضح» وفي مرحلة معينة، في حين أن رفع الـ»لأ» في وجهه والتي هي «لازمة» اليوم الترفيهي، لن تستطيع أن تُخرج السلاح هذه المرة، لأن لا شيء يستأهل الرد عليه أو الحذر منه، كما أنها لن تستطيع إعادة سعد الحريري الى السلطة – وهو الهدف الحقيقي لتحرك الأمس- لا في الحكومة ولا في غيرها ليستكمل فصول ما تبناه من مشاريع، اللهم إلا إذا اشترى بعض الأصوات في انتخابات الـ 2013، وهذا منتهى «الديمقراطية» التي اعتادوا على ممارستها منذ أن حضر آل الحريري الى لبنان لممارسة العمل السياسي، فلا أحد ينسى كيف اشترى الرئيس الشهيد رفيق الحريري كل شيء من الأرض الى الهواء الى المؤسسات والأسواق الى اصحاب الرأي والإعلام وغير ذلك مما استباحه بماله.
لن تنطلي صور «الحشد» على أحد ايضا. ذلك أن من اجتمعوا في ساحة الشهداء في وسط العاصمة بيروت لم يكن عددهم بحسب ما توقع المنظمون أنفسهم، مهما بلغت التقديرات وفعلت لعبة الأرقام. فكل من شاهد الحفل عبر وسائل الإعلام بإمكانه أن يقدر الحجم الموجود، بل هو على الأقل يستطيع أن يقارن بين حجم الذين اجتمعوا في الساحة نفسها في الـ 2005 وبين حجم من اجتمعوا بالأمس. ففشل «ثورة الأرز» الأولى باعتراف قيادات فريق 14 آذار وعلى رأسهم سمير جعجع، لن تعوضه «الوثيقة الأخيرة» التي أعلنها هذا الفريق في البريستول، كما لن تعوضه الفتنة ولا شعاراتها، ولن تنفع سياسة بث الفرقة لدى الطوائف والمذاهب من خلال استخدام المبادئ والشعارات التي طالما رفعت من بعض القيادات الراحلة من الطائفة الشيعية، كالإمام موسى الصدر والإمام محمد مهدي شمس الدين أو المرجع السيد محمد حسين فضل الله، فالجميع يعرف أن ما قالوه لم يحد حزب الله عنه قيد أنملة إن لجهة اعتبار «إسرائيل» شراً مطلقاً والتعامل معها حرام، أو شرعية قتالها ووجوبه في أنواع الحروب كافة وبخاصة المسلح منه، كما النظرة الى لبنان كوطن نهائي لجميع ابنائه. في حين ان البعض من أصحاب القرار في 14 آذار ما زالوا ينظرون الى المسلمين الشيعة وحتى حلفائهم منهم نظرة «التابع» ويعتبرونهم دخلاء على كياناتهم، فإما أن يخضعوا أو يبقوا كذلك مستبعدين من الشراكة في الوطن ووحدة المصير، وفي ذلك محاولة لإعادة تظهير أحلاف وصيغ طوتها الحوادث التي مرت على لبنان وزمنها.
لقد عملت القيادات الإسلامية الشيعية بجهد كبير على تثبيت شعار اندماج الشيعة في مجتمعاتهم الوطنية وأن الشيعة ليس لديهم مشروع خاص، وهو امر اعتمده حزب الله في كل خطابه السياسي منذ مدة طويلة، حتى أن الجمهورية الإسلامية تعتمد هذا النهج في علاقاتها مع كل الانتشار الإسلامي الشيعي في العالم، والشواهد على ذلك كثيرة اهمها أن الجمهورية الإسلامية لا ترى مصلحة لها كدولة ولا للمسلمين الشيعة كأمة في ضعضعتهم في أماكن تواجدهم حيث هم أصل في تلك المجتمعات. وفي هذه الحالة فإن استخدام اللعب على هذا الوتر ليس فيه شيء من الحكمة في حين أن الهدف منه تذكية الفتن داخل الطائفة الواحدة كما داخل الوطن.
لن يقرر الحشد الذي تواجد في ساحة الشهداء مصير لبنان، كما لن يعيد عقارب الساعة الى الوراء في ما خص تشكيل السلطة في لبنان خصوصا العودة الى المرحلة التي أعقبت اغتيال الحريري الأب وصولا الى سقوط الحريري الإبن لأن الظروف قد اختلفت، وهم (14 آذار) صرفوا كل أرصدتهم عندما كانوا في السلطة وأظهروا أنهم يريدون الاستمرار في بيع البلد وكل دماء شهدائه في سبيل البقاء في السلطة لاستخدامها في إدارة المال. فالأمور باتت على قدر كبير من الحساسية والخطورة في ظل المتغيرات التي تحصل في اكثر من دولة عربية ما يدعو الى التصرف بحزم في اتخاذ القرارات والخيارات، ولا سيما في عملية تشكيل الحكومة، والتي بات من الواجب «توليدها» تحضيرا للمواجهة الكبرى والمتمثلة في تفادي تداعيات ما يحصل من استغلال للتحركات الشعبية في العالم العربي، ومنع تسلل تلك التداعيات الى لبنان، خصوصا وأن فريق 14 آذار اطلق في احتفاله أمس حملة تلقف تلك السياسات تحت شعارات واهية.
لقد فعل حسنا حزب الله وحلفاؤه في الخط السياسي بالتزام عدم الرد وترك الأمور تسير على غاربها. لكن الظروف المحيطة تحتاج الى تفعيل وتسريع وتيرة العمل لبناء الدولة التي يأمل اللبنانيون أن يروها قادرة على تحقيق ما لم تستطع الحكومات السابقة انجازه، وفي ذلك التفاف كبير على كل ما يحاك ضد لبنان من الخارج والداخل. 
http://www.al-binaa.com/newversion/article.php?articleId=27428
http://www.facebook.com/home.php#!/notes/mohammad-shamseddine/السلاح-لو-خافوا-منه-لما-تجرؤوا-عليه/209278132415937

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار