«إسرائيل» تجس النبض..

«إسرائيل» تجس النبض
حول حرب تتزامن مع الاتهام
البناء / 16 كانون الأول / 2010
 محمد شمس الدين
 
تترقب «إسرائيل» بأمل كبير التأثيرات المباشرة التي ستصيب لبنان من جراء القرار الاتهامي الذي سيصدر عن المحكمة الدولية في جريمة اغتيال رفيق الحريري. ذلك ان الاتصالات والمشاورات التي تجريها دبلوماسيتها في عدد من العواصم الأوروبية فضلا عن الولايات المتحدة الأميركية، إنما تتركز حول التداعيات التي تتوقعها «تل أبيب»، ومدى التحولات التي ستجري بموجبها ولا سيما على صعيد الوضع السياسي الداخلي في لبنان، وانعكاس ذلك على مجمل ملفات المنطقة بعد ضرب حزب الله بسيف المحكمة أولا، واستعدادها للتدخل بغطاء دولي ثانيا، إذا ما عجز المجتمع الدولي عن تنفيذ قرارات المحكمة، وحيث لا قدرة لقوات الأمم المتحدة التي تنتشر في لبنان بموجب القرار 1701 على تنفيذ مثل تلك المهمات.
مصادر دبلوماسية غربية كشفت أن معظم الدول الأوروبية استقبلت في الآونة الأخيرة وفودا «إسرائيلية» دبلوماسية وعسكرية بمستويات عديدة، بحثت في ما اسمته «الخطر الناجم عن وجود سلاح حزب الله» على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، ما يهدد الأمن الاستراتيجي «لإسرائيل» بعدما بات قرار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان واضحا لجهة اتهام حزب الله، مشيرة الى أن الوفود الدبلوماسية كانت تسعى لحشد التأييد لأية مواجهات قد تحدث، وتُسوّق بأن ردة فعل حزب الله قد تطال الأمن «الإسرائيلي» في العمق حيث يحاول الحزب التفلت من عبء مواجهة داخلية قد تقع بينه وبين أطراف لبنانية أخرى، بينما سعت الوفود العسكرية الى طلب المعونات العسكرية من أكثر من مصدر ولا سيما من الولايات المتحدة، بعدما قدمت تقارير حول القوة الصاروخية التي يمتلكها الحزب كمّاً ونوعاً، عارضة حاجتها الى كل ما يمكن من أجل كسب اي حرب مقبلة قد تقع في المنطقة.
وقالت المصادر نفسها ان الدوائر السياسية في معظم البلدان التي زارها «الإسرائيليون» لتحقيق هذا الهدف لم تستجب بالمطلق لما تم طلبه، خصوصا تلك الدول التي تشارك قواتها في إطار اليونيفيل المعززة في جنوب لبنان، مشيرة الى أن ردا واضحا حمله «الإسرائيليون» معهم مفاده أنه من غير المسموح تعريض أمن تلك القوات للخطر من خلال الإقدام على أي عمل عسكري «إسرائيلي».
وتعتقد المصادر الدبلوماسية الغربية أن الدبلوماسية «الإسرائيلية» كانت تسعى الى جس نبض تلك الدول حول حرب مقبلة تكون متزامنة مع قرار اتهام حزب الله، لأنها تعتبر أنها لحظة مناسبة لتغيير قواعد اللعبة بعد هزيمة العام 2006، وذلك انطلاقا من دراسات أجرتها وأكدت أن الظروف قد تكون أكثر ملاءمة نتيجة الانقسام الحاصل على الساحة اللبنانية، الذي سيزداد حدة بعد صدور قرار الاتهام ولا سيما أن الأطراف في لبنان قد باتوا مهيئين للوقوف في وجه الحزب الذي كانوا يخشونه في ما مضى، إلا أن المسؤولين اللبنانيين من أخصامه قد بدأوا يجاهرون بالتحدي ما يوحي بأن وقوع حرب في هذه الأجواء قد يحقق أهدافا لن يكون بالامكان تحقيقها في ظروف مختلفة.
تؤكد المصادر بأن «إسرائيل» لا تنفك تفتش عن المخارج الممكنة للأزمة التي سببتها لنفسها في العام 2006 بعد الهزة التي أصابت سياساتها الاستراتيجية في المنطقة. وهي إذ تطرح مشكلة السلاح على «حدودها» من الناحية الأمنية، فإنها تتخوف من التداعيات المستمرة منذ أكثر من أربع سنوات حيث أن المشكلة الى تفاقم باستمرار، كما أنها تعتبر بأن الحل الوحيد إنما يكمن في إزالة ما تعتبره خطرا وجوديا، الأمر الذي يشاركها فيه عدد من الدول المعنية بالمحكمة الدولية وفي طليعتها الولايات المتحدة، مشيرة الى أن مشكلة المحكمة لن تتراجع ما لم يتم إيجاد صيغ أخرى لحل «مشكلة» سلاح حزب الله بشكل محدد.
ورأت المصادر بأن الاستعداد الأميركي و«الإسرائيلي» قد بلغ حد القبول بالبرنامج النووي الإيراني إذا كان ذلك يساعد على حل مشكلة السلاح الموجود بيد حزب الله، حيث تعتقد «تل ابيب» أن بداية «تصحيح الخلل» الذي وقع في الـ 2006، ووضع حد للتداعيات المستمرة تكمن في تحقيق هذا الهدف، فالفلسفة «الإسرائيلية» تقوم حاليا على التخلص من هذا السلاح باعتباره غير خاضع لأية معايير «دولتية» ولا تسيطر عليه الحكومة حيث من الممكن تطويقه وابطال مفعوله بالمعاهدات والاتفاقات، وبالتالي فإن «إسرائيل» غير قادرة على ضبطه أو حتى تجاهله لأن مجرد استمراره بيد اصحابه يكرس هزيمتها، ويشكل عبئا كبيرا على مصداقية الردع «الإسرائيلي» الذي يقوم على الانتصار الدائم لدولة الجيش وليس جيش الدولة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار