هل بدأ التمهيد لخروج الحاكم من المركزي؟
"يا رياض لازم ننهي الخلاف بينك وبين رئيس الحكومة..
البلد ما بيحملش والمصلحة بتقتضي انو نكون موحدين بالمفاوضات مع صندوق النقد"،
هذا ما بادر بقوله رئيس مجلس النواب نبيه بري مخاطباً حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي زاره بناء
على طلب الأول، والذي كان استقبل رئيس الحكومة حسان دياب قبل يوم واحد من
استقباله لسلامة.
ما قاله بري لدياب أيضاً، لم يخرج عن الصيغة التي سمعها سلامة، مع إضافة تبيان أن رئيس الحكومة قد وجه "صفعته" إلى حاكم المركزي "يلي بيستاهلها بيني وبينك".. قال بري.
هكذا نُزع فتيل التوتر
وتم التمهيد للقاء "المصالحة والمصارحة" بين رئيس الحكومة وحاكم المركزي
الذي كان قد دخل "المنطقة الحرجة" بفعل الإجراءات الحكومية والقضائية
التي أعقبت "مضبطة" الإتهام التي أعلنها حسان دياب ضده، والتي أنطلقت
بعدها حملة توقيفات الصرافين والمصرفيين.. لكن "نزل الوحي" بأنه يجب أن
يتم وضع حد لهذا الأمر الذي بدأ يبلغ مبلغه لترى السياسة أن عليها أن تتدخل.
في
"الصلحة" مصلحة لحاكم المركزي الذي يرى أنه من الضروري عدم توسيع رقعة
التحقيقات لما لها من عواقب قد تنفتح معها ملفات "مزعجة" للجميع، في حين
أن مصلحة رئيس الحكومة أن لا يظهر الشقاق بينه وبين الحاكم في المفاوضات مع صندوق
النقد، لكن بالنسبة إليه أيضاً " وهو في نشوة النصر"، فإن هذا ثمن غير
كاف للمصالحة، إذ يريد أن يترجم ذلك من خلال عمل إجرائي يُقدًم على
"مذبح" الناس الذين ينتظرون شيئا ملموساً يتصل بمعيشتهم ومدخراتهم..
فكان له الوعد من الحاكم بالتدخل في سوق الصرف للحد من ارتفاع سعر الدولار وتأمين
ما يستوجبه استيراد الأساسيات من الخارج.. لكن مع الإختلاف في التوقيت الذي أعلن
دياب أنه سيكون "غدا" أي بعد اللقاء مع الحاكم، وما أعلنه الأخير من
خلال آخر تعاميمه بأنه سيكون في 27 من الجاري.
ما وراء
"الصلحة" أكثر من "ضبضبة" ملف التحقيقات في ظل غياب أية حلول
ملموسة لمصير أموال المودعين وأين هي بالتحديد، فقد طرحت مسألة إستقالة حاكم
المركزي بشكل جدي لأول مرة بعد أن أدلى دياب "بمضبطته" الإتهامية، وبدأت
الإتصالات السياسية التي بدأتها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي ك. شيا، بعدما
كانت حذرت من المس بسلامة أو موقعه تحت طائلة "العقوبات" العامة على
لبنان، والخاصة على مسؤولين لبنانيين وما يعنيه هذا الأمر، ناهيك عن وضع العراقيل
في سكة المفاوضات مع صندوق النقد.
لقد أبدى سلامة
أمام السفيرة في اجتماع جمعهما مؤخراً رغبته بالإستقالة وأنه لم يعد يستطيع تحمل
الضغط، وأن الأمور قد وصلت إلى "خواتيمها" ولم يعد هناك ما يستأهل
الإستمرار بالموقع الذي شغله لأكثر من ربع قرن. أبدت السفيرة تقديرها لجهود الرجل وأشادت
بخدماته وأخذت على عاتقها ترتيب المخرج اللازم من دون أن يكون لذلك أية تبعات أو
تحميل الحاكم أية مسؤولية عن أي مما حصل.. وبدأت العمل!
في الإجتماعات
المتعددة التي أجرتها مع أكثر من شخصية سياسية في الدولة اللبنانية مؤثرة في
"قضية" سلامة، طلبت شيا في إطار لقاءاتها الدورية مع فريق رئيس الحكومة
تزويدها باسماء مقترحة لتولي منصب الحاكم بعد الحالي، وبعد التشاور، قد قدًم جورج
شلهوب مستشار الرئيس دياب المكلف متابعة هذا الملف عدداً من الأسماء تسلمتها
السفيرة ووضعتها في خانة "للدرس"؟؟.
قد يشهد سوق الصرف
ميلا نحو التهدئة في الملف القضائي - المالي وسط تراجع العمل فعليا على ما يسمى
استعادة الأموال المهربة والمنهوبة، تمهيدا لخروج "الأبطال"، وربما تشهد
الأيام المقبلة بعض الإستقرارا في سوق القطع بسعر دولار بدأ اللبنانيون
"يعتادون عليه" بحسب توقعات سلامة، وكان المركزي قد حدده بسقف يفوق
الثلاثة آلاف لكنه سيتراجع عن الأربعة آلاف التي يتداولها حاليا، وسيكون ذلك
انجازا يُقدم إلى الشعب الذي سيحمد الله كثيرا على نعمة هو على وشك أن يفقدها إلى
الأبد في ظل لعبة يتحكم بها رجال صدقوا بما عاهدوا أنفسهم على حمايته والإستئثار
به فمنهم من قام بواجبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.
تعليقات