أيها اللبنانيون أميركا تحتجز أموالكم!
ثلاثة ملفات تطوق لبنان
أيها اللبنانيون أميركا تحتجز أموالكم!
تتواصل الضغوط الأميركية على لبنان بالرغم من
انشغال العالم بمواجهة تفشي فيروس "كوفيد 19" أو "كورونا" كما
اصطلح على تسميته، وتتراكم الملفات التي على لبنان التصدي لها بأكبر حجم من قوة
القرار إضافة إلى الإستعداد لمواجهة الكثير من الأزمات الإقتصادية التي ستطال حياة
الأعم الأغلب من اللبنانيين في ظل وضع مالي منهار يعاني منه البلد بعد الأزمة
المصرفية التي تكشفت عن فقدان الودائع وضياع المسؤولية في ما بين المرتكبين.
ثلاثة ملفات تحيط باللبنانين في وقت واحد،
تحاول الولايات المتحدة الإستفادة منها لممارسة الضغوط:
الأول يتمثل بالسياسة التي سيتبعها صندوق
النقد الدولي بالتعاطي مع طلب المساعدة الذي تقدم به لبنان بعد إقرار حكومته للخطة
المالية الإقتصادية، "وتجميع" حد أقصى من التأييد الوطني لها من خلال
الإجتماع الذي نظمه رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري لرؤساء الكتل النيابية لشرح
الخطة، وليكون هذا الإجتماع بديلاً ظرفياً عن انعقاد جلسة لمجلس النواب اللبناني لإصدارها
بقانون، وذلك لتعذر نيل التأييد نتيجة الخلافات السياسية المستحكمة.
هذه الخلافات لا تبتعد عن كونها تعكس سياسات
المحاور الإقليمية وما تسعى إليه الولايات المتحدة والمملكة السعودية من استغلال
لأوضاع لبنان المعقدة من أجل الضغط عليه لتطويعه ضمن استراتيجيتهما لمحاربة حزب
الله ومقاومته وحلفهما على المستوى السياسي في لبنان والمنطقة. وكون الولايات
المتحدة هي القيم الرئيسي على سياسات صندوق النقد الولي فإنها تضع شروطها من أجل
تيسير قرض الـ10 مليارات دولار التي تتطلبها الخطة على خمس سنوات.
غير أن هذه الشروط قد لا تقف في طريق تيسير
القسم الأول من القرض والبالغة قيمته ملياري دولار لتأمين ما يسمى السلة الغذائية
للبنانيين لمدة سنة، إلا أن تصريحات المسؤولين في الإدارة الأميركية، (ديفيد شينكر
وجيفري فيلتمان)، تؤكد أن استمرار تيسير القرض يجب أن يترافق مع ما أسمياه "التزام
الحكومة اللبنانية" بتنفيذ سياسات عناوينها الحد من نفوذ حزب الله وتهريب
الأموال، يعني بمعنى آخر أن تكون الحكومة اللبنانية وأجهزتها كافة بمثابة "شرطي
اميركي" يطبق قوانين وشروط الولايات المتحدة.
الإشراف على تنفيذ القرض للبنان يترافق مع
الأزمة المصرفية وتهريب أموال المودعين وحجزها خارج لبنان، والذي تم ويتم بقرار
اميركي مباشر نفذته وتنفذه حاكمية المصرف المركزي وكبار جمعية المصارف، فيما تجري
عملية ضبط العمليات المصرفية وما يصدر من تعاميم عن مصرف لبنان بما يتوافق مع اعتماد
سياسة العقوبات الشاملة على البلد ومواطنيه لدفعهم الى رفض الواقع المفروض و"الثورة"
على مسببيه من سياسيين وأحزاب بحسب النظرة الأميركية.
ما يريده الأميركيون هو الوصول الى ما صار
معروفاً وهو ضرب حزب الله خدمة للصهاينة من اليهود وبعض العرب من ناحية، والتحكم
بمقدرات لبنان على الصعيد الطاقوي بعدما صار مؤكدا وجود نفط وغاز بكميات كبيرة في
مياه لبنان الإقليمية. وهذا الأمر بالتحديد هو موضع تجاذب أميركي – فرنسي حيث تسعى
باريس لتمييز موقفها حول لبنان طمعا بالإستحواذ على الحصة الأوفر من مستخرجات
النفط والتي بدأت التنقيب عنها شركة توتال الفرنسية على نفقتها.
الملف الثاني على جدول الحرب الأميركية على
لبنان يتمثل بتحريك المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المعنية بالتحقيق باغتيال رئيس
الوزراء الأسبق رفيق الحريري، والتي تتجه إلى إعلان حكمها في خلال الشهر الجاري،
فيما ذكر أنه قد يكون في 15 منه. الحكم سيدين على الأرجح بحسب ما سرب، قيادة حزب
الله على مستوى "القرار والإمرة"، وبعض عناصره بالتنفيذ. وهذا الموضوع
بحد ذاته يهدف الى إيقاع الفتنة بين اللبنانيين حتى وإن كانت غير قابلة للإشتعال
ميدانيا، إلا أنها ستؤسس لأحقاد كبيرة بين الطوائف والمذاهب خصوصاً وأن أطرافاً
بعينها تتبنى سياسات التمزيق التي تنتهجها واشنطن لتحقيق مكاسب خاصة وشخصية
معنوياً ومادياً.
أما الملف الثالث الذي تحركه الإدارة
الأميركية لإخضاع لبنان وبالتحديد مقاومته هو ملف قوات "اليونفيل"
العاملة في جنوب لبنان والتي خيضت مناقشات بشأن مهمتها خاضتها مندوبة لبنان لدى
الأمم المتحدة أمال مدللي، وطالت "خفض موازنة تلك القوات وتقليص عددها وإعادة
النظر بالتفوبض الممنوح لها عبر توسيع مهماتها بما يسمح لها بالدخول الى الملكيات
الخاصة" وهو ما يطلبه الأميركيون حسبما نقلت إحدى الصحف اللبنانية. وفي هذا
السياق يذكر أن قوات اليونيفل حاولت على مدى السنوات الماضية جس نبض الأهالي عدة
مرات وفي أكثر من قرية من خلال دخول دورياتها الى أحياء صغيرة داخل القرى والبلدات
الجنوبية بحجة أنها أخطأت في الطريق وقد تم التصدي لتلك المحاولات بمنع الأهالي
لها من إتمام مهماتها، وكان ذلك غالباً ما يتم بناء على طلبات من قبل قوات
الإحتلال الإسرائيلية التي تسعى جاهدة لاستكشاف بعض "النقاط الحساسة المغفلة".
"ثلاثية" التطويق الأميركي للبنان ليست سوى أعمال حربية تهدف الى
السيطرة على مقدرات لبنان الإقتصادية الموعودة وتطويعه لسطوة الإحتلال الصهيوني،
وهو ما سيفتح باباً للريح التي ستقتلع كل شيئ فيما لن يكون الكيان الصهيوني بمنأى
عن أضرارها الفادحة.
تعليقات