هل ستكون الشام المعراج الى السماء؟

هل ستكون الشام المعراج الى السماء؟
البناء 31 آب 2013
محمد شمس الدين

حسم قائد فيلق القدس الجنرال الإيراني قاسم سليماني الموقف.. لقد قال إن «الشام ستكون معراجنا الى السماء». لم يشك أحد في أن هذا الإعلان قد غيّر مسار المواقف الأوروبية بشبه إجماع حول توجيه ضربة عسكرية لسورية بعد قرقعة السلاح الأميركية وقرع طبول الحرب. ما آلت اليه الأمور من تراجعات بالجملة عن رفض مشاركة الأميركيين في عدوان جديد على المنطقة لم يكن سوى نتيجة حقيقية لإظهار جدية محور الممانعة في الرد على مستوى المنطقة عامةً وعلى المستوى السوري خاصة بعدما كشف الروس عن أن دمشق تملك القدرة الكاملة على صد العدوان بالنظر لما لديها من إمكانيات تعرف موسكو أنها موجودة لديها.

وكما كان للموقف الإيراني تحديداً التأثير الأكبر على المواقف الأوروبية لا سيما منها البريطانية كان له التأثير الأكبر أيضاً على الأميركيين أنفسهم وبعدهم «الإسرائيليين». فالإدارة الأميركية التي تناقضت تصريحاتها فيما كان بعض جنرالاتها حاسماً بأن الخيار العسكري ضد سورية سيكون مكلفاً لا سيما إذا خرجت الأمور عن السيطرة، وهو الأمر المرجح الذي اعتقد به كل القادة العسكريين في أكثر من بلد ومنها «إسرائيل» التي ظهر ارباكها بشكل مباشر عبر سلسلة الإجراءات التي نفذتها لتفادي وقوع كوارث إذا انطلقت الصواريخ السورية وربما الإيرانية عبر «فروعها» باتجاه الأراضي المحتلة وما تضمه من نقاط إستراتيجية.

وفي هذا السياق، كان لأمين عام حزب الله مرور على ذكر تلك الاهداف الاسرائيلية في مناسبات عدة عندما أعلن أن الحرب مع «الإسرائيليين» لن تحتاج إلا الى عدد قليل من الصواريخ على أهداف لن تستطيع الدولة العبرية أن تحميها أو تخفيها عن أعين السلاح الذي شغل المنطقة والعالم.

لم ينحصر التراجع فقط بإعلان معظم الدول الأوروبية عن إحجامها عن المشاركة بحرب على سورية والمنطقة بل تعدتها الى فشل ذريع اصاب مناقشات مجلس الأمن الدولي في تمرير اقتراحات من شأنها تعزيز فكرة الهجوم، إلا أن مصادر دبلوماسية اشارت الى أن ما بذل من جهود واتصالات مكثفة في مختلف الإتجاهات كانت برعاية مباشرة من الولايات المتحدة لتأمين غطاء لانسحاب تكتيكي مما ألزمت نفسها به ولما لذلك من تداعيات على موقعها الدولي سياسياً وعسكرياً في ظل حرب يخوضها العالم ضد الدولة وقيادتها في سورية فيما رفضت هذه الأخيرة توقيف عملياتها العسكرية في المناطق التي كانت سبباً في إشعال الموقف الدولي لناحية توجيه ضربة عسكرية الهدف منها دعم الجماعات المسلحة متعددة الجنسيات التي تلاقي مصيراً أسود على أيدي قوات الجيش السوري في ريف دمشق، ما يؤشر الى قرب حسم المعركة لصالح سورية الأسد ومحورها.

وتقول المصادر نفسها إن التهديد بتوجيه ضربة عسكرية لسورية لم يكن يستند فقط الى ما حققه الجيش السوري من تقدم وتقهقر للمسلحين بل لما ورد الى الحلف الغربي العربي الإسرائيلي من معلومات تفيد بأن «مفاجآت» تنتظر القوة التي كانت على أهبة الاستعداد للدخول من الأردن باتجاه الجبهة الجنوبية الى درعا ومن ثم الإنخراط في معركة شرسة للوصول الى مشارف العاصمة دمشق وتهديدها كجزء من خطة السيطرة عليها وإسقاطها بضربة قاضية مشيرة الى أن قوام تلك القوة كان مشكلاً من قوات أميركية و»إسرائيلية» وعربية إضافة الى ما يسمى بـ»الجيش السوري الحر».

وتضيف المصادر أن تلك «المفاجآت» كانت لتُغرق القوة المهاجمة في بحر من الدماء الأمر الذي يستحيل أن تسكت عليه إدارات البلدان المشاركة ما سيضطرها الى الدفع بمزيد من المحاربين الى المعركة التي لن تتوقف في النقطة التي اندلعت فيها.

وفي هذا السياق فإن المصادر تؤكد أن الموقف الإيراني لم يكن اعتباطياً أو إعلامياً بل كان خطوة في مسار انطلق منذ اللحظة التي اتخذ فيها قرار مشاركة حزب الله اللبناني في القتال في إطار الدفاع عن محور سياسي وعسكري بالكامل في مواجهة محور آخر كان بادر لحشد كل قواه من كل العالم وزجها في الحرب في سورية.


لا تجزم المصادر بأن الضربة التي هيأت الولايات المتحدة نفسها لها قد ألغيت لأن الإدارة في واشنطن في موقف مأزوم لا تحسد عليه ما قد يضطرها الى تنفيذ خطوة ما لتعويض ما خسرته على أكثر من مستوى قد يصل الى حد الإعلان الضمني عن خسارة الحرب وهو ما سيكون له تأثير بالغ على فريقها الذي يقاتل في سورية وما وضع من خطط يتولى تنفيذها حلفاؤها من العرب تحت عنوان «الحريق والدم والدمار».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار