حزب الله.. "الحرب على الإرهاب"

حزب الله.. "الحرب على الإرهاب"
البناء 19 آب 2013
محمد شمس الدين

فتحت ابواب المواجهة على مصراعيها، ذلك أن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في 16 آب شكل حجر الرحى فيها. لقد أعلن السيد أنه جاهز وحزبه للمواجهة التي فرضت عليه فرضاَ من قبل القتلة الحمقى ومن ورائهم من أجهزة استخبارات وأنظمة ودول.
بلغت العاصفة ذروتها بالإنفجار الثاني الذي استهدف الضاحية الجنوبية في الرويس في 15 الجاري، بعد سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى فيه، والكشف عما كان متكتماً عليه طيلة الفترة الماضية من معلومات عن مخطط جهنمي لتفجير الأوضاع في لبنان كجزء من الحرب التي تخاض في سورية، لكن الهجوم المباشر على البيئة الحاضنة للمقاومة قد يشكل سبباً اساسياً لدى حزب الله لقبول المواجهة بكامل أبعادها الأمنية والسياسية وربما حتى المذهبية والطائفية إذا أصر الطرف الآخر على ولوجها على هذا النحو لتصبح المعركة "وجودية" بكل ما للكلمة من معنى. فالدعوة التي أطلقها السيد حول تجنب هذا الأمر كانت واضحة جداً لأنها في حال حصلت فإنها لن تبقي ولن تذر، لذلك فإنه من الأفضل إبقاء الحرب في إطارها السياسي والتي لم يفلح التحالف الغربي – العربي – الإسرائيلي حتى الآن بكسبها.
ما أعلنه السيد في خطابه بمناسبة الذكرى السابعة لانتصار حرب تموز يشكل ركيزة المواجهة في المرحلة المقبلة في كل الملفات وعلى امتداد مساحة المنطقة انطلاقا من لبنان الذي اختاره ذلك التحالف ساحة لما يعتبره رداً على تدخل حزب الله في القتال في سورية، أو حتى لتصفية الحساب معه بعد سلسلة من الهزائم التي بدأت مع الإسرائيليين وانسحبت على كل حلفائهم وملفاتهم في المنطقة. فالتصعيد الذي سيكون سيد الموقف قد يغرق هذا البلد في أتون حرب يقاتل فيها حزب الله أخصامه في لبنان من خلال الحرب التي أعلنت على التكفيريين المدعومين من أطراف لبنانية في مقدمتها حزب المستقبل وغيره، وما يعزز من هذه النظرية هو الموقف الذي أعلنه رئيس هذا الحزب سعد الحريري واعتبر رداً على كلام الأمين العام لحزب الله، فما دعا إليه الحريري يؤكد على أنه يراهن على أسس له ، وما حكي عن وجود أكثر من 15 ألف مسلح في منطقة عرسال يعتبرهم قوته الفعلية، ناهيك عما هو موجود في مناطق أخرى، في حين أن تجربة منطقة عبرا في صيدا الجنوبية قد كشفت ضلوع آل الحريري ومن وراءهم في تكوين مثل تلك الشراذم ضمن خطة واحدة الهدف منها إيقاع الفتنة في البلد من خلال قرار التصدي لحزب الله بالقوة.
على الأرجح أن الحريري وجماعته لم يعتبروا مما حصل في عبرا، غير أن الطرف الآخر قد اعتبر أن ما جرى في تلك المنطقة يمكن البناء عليه لكشف ما يحضر له، لذلك فإن دعوة السيد نصرالله الدولة اللبنانية والجيش اللبناني لتحمل مسؤولياتهما حيال تلك الشراذم المنتشرة في بقاع كثيرة والقضاء عليها على خلفية ما تم جمعه من معلومات حولها ونشاطها الذي عبر عن نفسه في الضاحية تحديداَ، قبل أن تبادر المقاومة الى ملاحقتهم والوصول إليهم في إعلان واضح لبدء مرحلة الهجوم على الإرهاب التكفيري من دون الخشية من الوقوع في الفتنة المذهبية التي طالما حذرها السيد في أدائه وحزبه ومقاومته على مدى الأعوام الماضية وتحديداً منذ العام 2005 بعد اغتيال الرئيس الأسبق للحكومة رفيق الحريري في بيروت.
لم يكن السيد ليعلن فتح المواجهة مع التكفيريين لو لم يكن جاهزاً لها، وهو أقدم على ذلك مع إدراكه أن الدخول في هذا الأمر لن يكون منفصلاً عن مواجهات أخرى يخوضها مع الإسرائيليين من جهة، وخير شاهد على ذلك ما جرى في منطقة اللبونة على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، أو مع أولئك التكفيريين أنفسهم في سورية التي اصر الأمين العام لحزب الله على إكمال مشاركته في القتال فيها، من جهة ثانية.
يعلم حزب الله أن جبهات قتاله ستتعدد وتتنوع لكنه على ما يقول هو ليس وحده في الميدان إذ أنه جزء من محور متكامل يقاتل في إطاره، وأن كل مرحلة من مراحل المواجهة لها حساباتها ومستلزماتها، في حين أنه يرى أن ولوج حرب "مكافحة الإرهاب" على طريقته على صعوبتها وحراجتها، هي آخر الأوراق التي يملكها خصومه، لكنه متيقن من أنه سينتصر فيها.  
    




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار