بانياس.. بداية نهاية الاضطرابات
بانياس.. بداية نهاية الاضطرابات
محمد شمس الدين
http://www.elnashra.com/articles-1-27476.html البناء 9 ايار 2011
فيما يبدو انه لم يطرأ اي تقدم على مسار تشكيل الحكومة اللبنانية، والإبقاء عليه في غرفة الانتظار، تستمرالأوضاع في سورية على طريق الحسم، في مواجهة بعض المستغلين للشعارات المطلبية وبات واضحا أنها تستخدم من أجل إحداث تغيير سياسي يسعى اليه الغرب و«إسرائيل» وبعض الدول العربية. فانسحاب الجيش السوري من درعا، بعد إكمال مهمته بنجاح، على ما أعلنت القيادة العسكرية، إنما يشير الى السيطرة الكاملة للحكومة على مجمل التحركات، التي ما زالت تجري في أكثر من منطقة، وقد أجمع المراقبون على أن إنهاء حالة الشغب في درعا أدى الى انحسار موجة الاحتجاجات عموماً، فيما سجلت بعض الدوائر السياسية والأمنية فرار عدد كبير من المسلحين من درعا الى الأردن، عبر العديد من نقاط الحدود المشتركة.
وفي هذا السياق، تقول مصادر مطلعة على الأوضاع في سورية، إن السياسة التي يعتمدها الرئيس بشار الأسد في التعاطي مع الاضطرابات، إنما تميل الى عدم «كسر الجرة» حتى مع الجماعات المراهنة على الخارج، لأن الأسد يعلم أن معظم الشعب السوري يريد استمراره على رأس الدولة، وأنه مؤمن بما طرح من إصلاحات، وأنه مستعد لمنح حكومته الفرصة كاملة من أجل وضع آليات للإصلاحات التي أقرت، في حين أن الحكومة في سورية، قد استوعبت منذ لحظة تشكيلها مطلع نيسان الماضي، ما تواجهه، وهي تعمل بأعصاب باردة على أكثر من صعيد، لملاءمة المواجهات التي تنفذها القوى الأمنية والجيش، مع المضي في وضع آليات الإصلاح موضع التنفيذ وفي أسرع وقت ممكن، ذلك أن الحكومة لم تتأثر بكل ما يجري حولها من صخب دولي يطاول الأوضاع السورية الداخلية، في وقت قلل فيه بعض الوزراء في الحكومة السورية من أهمية العقوبات، التي فرضت على بعض الشخصيات السورية وخصوصاً منها أولئك المقربين من الرئيس السوري.
نجاح الجيش السوري في إنهاء مهمته في درعا تسبب بإرباك كبير لكل الذين انتظروا أن يؤدي تحرّكه في عملية عسكرية مباشرة الى انشقاقات داخله، الأمر الذي عملت على تسويقه بعض وسائل الإعلام، ما يشير الى تماسك هذا الجيش، والتفافه حول قيادته وعقيدته القتالية، وهو مستمر، بحسب المصادر نفسها، في القيام بعمليات جراحية موضعية، في إشارة الى المهمة التي بدأ تنفيذها في بانياس، في حين سجل بعض المراقبين حدوث موجات فرار للمسلحين من منطقة الساحل السوري باتجاه لبنان، الأمر الذي أكدته مصادر دبلوماسية غربية في بيروت، مشيرة الى أن بعض هؤلاء وقع في ايدي القوى الأمنية اللبنانية.
وتتوقع المصادر نفسها، ان تكون عملية «بانياس» آخر العمليات العسكرية الشبيهة بعملية درعا في حين تعيش معظم المدن السورية حياتها اليومية بشكل طبيعي، علما أن القيادة العسكرية والأجهزة الأمنية باتت أكثر استعدادا لتنفيذ عدد أكبر من العمليات، إذا ما دعت الحاجة، خصوصاً بعد اتضاح صورة التحركات التي تقوم بها الجماعات المسلحة، مشيرة الى أن استمرار التحركات الشعبية و»كسر» قرار الحكومة بعدم التظاهر لا يشكلان حرجا للقيادة السورية، التي تريد أن تبقي على علاقة الود مع الناس، وهي تتعامل مع تلك التحركات على أنها تعبير عن حالة من «الغضب» يجب استيعابها، حرصاً على عدم إسالة الدماء، ما دامت لا تحتكم الى السلاح. واكدت المصادر نفسها، أن الشعب السوري يبدي استعداده الدائم للخروج في مسيرات مؤيدة للدولة وللرئيس بشار الأسد، غير أنه التزم ويلتزم بقرار الحكومة، وأن هذه الأخيرة لا تستطيع إعطاء رخصة للمؤيدين، في حين أنها قد تمنعها عن المعارضين، لكن ما يمكن تأكيده أيضاً، هو أن قرار منع التظاهر إنما هو نابع من قرار الحكومة بضبط الوضع الأمني، وعدم السماح باستغلال التظاهرات والمسيرات «التعبيرية»، من قبل الجماعات المسلحة لزعزعة الاستقرار.
ببساطة شديدة هذا ما يحصل في سورية، بعد إحكام السيطرة على درعا، وضرب الخلايا المسلحة فيها. وهذا هو المسار الذي ستسلكه الأمور، ولو طالت المسألة زمنياً بعض الشيء على ما تقول المصادر الشديدة الإطلاع على الأوضاع هناك. لكن المؤكد هو أن سورية ما زالت تتعامل بهدوء مع الإضطرابات، وهي بدأت تنهيها ببرودة أيضا، حرصا على الوحدة الوطنية، ومنعا للاستغلال الرخيص من قبل الخارج الذي يضع نصب عينيه إعادة رسم خارطة جديدة للمنطقة، انطلاقا من سورية، لأنه يعرف أن سقوط الدولة في سورية، يشكل سقوطا لكل المنطقة بضربة واحدة.
تعليقات