الضاحية: خطة أمنية.. وتحديات؟
الضاحية: خطة أمنية.. وتحديات؟
البناء 26 ايلول 2013
محمد شمس الدين
نفذت الخطة
الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت بعد أن أضافت هذه المنطقة الى سجلها مأساة
جديدة اسفرت عن عشرات القتلى والجرحى، كما دفعت غير منطقة في لبنان وخاصة طرابلس في
شماله، ثمناً باهظاً أيضاً من أبنائها وبنيانها على مذبح الإرهاب الذي يصر
المخططون له أن يغرقوا به البلد حتى الإذعان.
لكن هذه الخطة لم
تسلم من إنتقادات الجماعات المتضررة منها، لا سيما وأنها سحبت من تحت
"ألسنتهم" موضوعاً ساخنا للسجال.. "الأمن الذاتي" الذي اعتمد
كإجراء مؤقت الى حين توفير البديل وتهيئة ما يمكن تهيئته من القوى الأمنية
اللبنانية لتأخذ مكانها في حماية الضاحية المستهدفة من قبل بعض اجهزة الإستخبارات
العربية المتحالفة مع نظيرتها الغربية والتي تدير "الجماعات المسلحة المتعددة
الجنسيات" التي تقاتل في سورية. هذه القوى الأمنية التي شُغلت حتى أذنيها بمطاردة
"الإرهابيين التكفيريين" الذين وفّر لهم بعض سياسيي لبنان من قوى (14
آذار) الحليفة لأجهزة الإستخبارات تلك، الحماية اللازمة و"المنطقة
الآمنة" للإنطلاق منها نحو أهداف في داخل لبنان (الضاحية وغيرها) وخارجه، وهو
ما أثبتته التحقيقات التي كشف النقاب عن نتائجها والتي أكدت على وجود هؤلاء في
مناطق استعصت على الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية بفعل التدخلات السياسية
التي مورست لحماية قتلة الجيش إن في عرسال بشرق البلاد، أو بعض مناطق الشمال
اللبناني إضافة الى ما خطط له في صيدا وبيروت.
خطة الضاحية
الأمنية قد تشكل نموذجاً لخطط مماثلة على ما يقول المسؤولون في لبنان، الذين اشتكوا
من عدم تجاوب أطراف سياسية مع هكذا طروحات متذرعين بشتى أنواع الأعذار، لكن
الحقيقة تكمن في مكان آخر وهو بحسب المسؤولين أنفسهم فان تنفيذ إجراءات أمنية
بالشكل الذي تم في الضاحية سيعيق تحرك مجموعات كاملة هدفها التخريب "غب
الطلب" بناء على أوامر تصدر من خارج البلاد ووفقاً لما تقتضيه الحاجة
السياسية من ممارسة ضغوط لم تنجح حتى الآن في تحقيق أهدافها.
لا يتوقع
المسؤولون الأمنيون المشرفون على خطة الضاحية أن تكون نتائجها مضمونة بشكل كامل،
بل أبقوا على إمكانية اختراق ولو بنسبة ضئيلة، إلا أنهم يقولون إنهم وضعوا أنفسهم
أمام تحدٍ كبير مع من يخطط وينفذ تلك الأعمال الإجرامية والذي من الممكن أن يسعى
الى نسف الخطة وإسقاطها عبر تفجير جديد ما يحتم الحذر الشديد في هذه المرحلة خاصة
وأن الظروف السياسية التي تحصن الوضع الأمني لم تنضج بعد.
يشير هؤلاء إلى أن
الإنتشار الأمني على مداخل الضاحية المفتوحة، وإقفال أخرى، لا يمكن أن يكون كافياً
لمنع أية حادثة كالتي وقعت سابقاً، فالخطة الأمنية تلحظ عملاً استخبارياً مكثفاً
منسقاً بين القوى الأمنية وكافة المجموعات الأهلية في المنطقة والتي أثبتت أنها
حريصة على الوقوف الى جانب الدولة ومؤسساتها في إنجاز عملها وعلى كافة المستويات
وهو ما انعكس تجاوباً مطلقاً من قبل المواطنين الذين ارتاحوا الى وجودها بينهم.
سلّم حزب الله
"معقله" الى الدولة بعد أن كان طالبها مراراً بتسلّم الأمن فيها، إلا أن
القرار السياسي كان يمنع ذلك بما يتناسب مع خطة تكوين رأي عام محلي، وعربي، ودولي،
بوضع الضاحية على لائحة المناطق "الخارجة على القانون" ليسهل ضربها
وتوجيه الإتهامات اليها والى سكانها الذين احتضنوا مقاومة حاربها "المحليون
والعرب والدوليون" في إطار استراتيجيات تخدم العدو الصهيوني الذي يسعى الى
تقويض الإنتصار عليه في 2006 تحقيقاً لمشروع (الشرق الأوسط الجديد) ما زال البلد
يدفع ثمن وقوفه بمواجهته، حتى فُرضت الحرب على سورية لتصبح الجبهة التي تقاتل فيها
المقاومة واحدة ممتدة الى ما بعد بعد كل الدوائر المخطِطة في واشنطن والرياض
واسطنبول وعمّان، ناهيك عن القواعد العسكرية والإستخبارية الناشطة في ألمانيا
و"هرتزيليا".
تعليقات