"بيضة" للبيع؟!
"بيضة" للبيع؟!
"البناء" الخميس 26 نيسان 2012
محمد شمس الدين
لا قيمة للبحث في ما إذا كانت علاقة رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد
جنبلاط قد انقطعت أو لم تنقطع بالمملكة العربية السعودية أو غيرها، كما لا قيمة للزيارة
أو الزيارات التي يقوم بها الرجل بين الفينة والأخرى الى غير مكان من العالم، لأن في
معظمها لم تكن مبنية على دعوة موجهة اليه للإستئناس برأيه المتقلب وغير المستقر، وإنما
كانت بمجملها بطلب منه من دون أن يرفض له طلب، ولكن مع عدم الإكتراث لا لمستوى اللقاءات
التي سيعقدها أو حتى للنظريات التي لم يعد بمقدور جنبلاط تحقيقها على أرض الواقع، لا
من خلال رأيه السديد ولا من خلال تحالفاته المبنية على "زبد"، ولا حتى من
خلال "قوته" التي بات عليه توفيرها للحفاظ على "البيضة" التي يقال
انها للقبان السياسي في لبنان.
زيارة جنبلاط الاخيرة للسعودية والتي حيك حولها الكثير من السيناريوهات لم تكن
أكثر من شخصية، إلا أنها كانت تتوخى امرين الأول إثارة وسائل الاعلام حولها بما يخدم
البرباغندا الجنبلاطية في زمن القحط، والثاني أن يصار الى ترتيب لقاءات بحكم ما تفرضه
الزيارة بطبيعتها والتي تتوفر عادة لأية شخصية قد تزور أي بلد كان، على أن أي لقاء
قد يعقد سيخدم هدف جنبلاط الاعلامي حتى لو لم يحقق شيئاً فعلياً على المستوى السياسي.
يقول متابعون إن جنبلاط يتحرك حالياً في نقطة وسط بين اثنتين الأولى اعتزال
السياسة والثانية المحافظة على موقعه كبيضة قبان في السياسة الداخلية مع ما توفره تلك
البيضة من ثقل في علاقاته الخارجية، والنقطة الأولى مرتبطة بالثانية أي أنه في حال
عدم الحصول على موقع البيضة فإن النقطة الأولى ستفرض موقع جنبلاط الإختياري، اي سيكون
مجبراً على اختيار الإعتزال وهو ما حضر نفسه له من خلال انجاز بعض المشاريع الإستثمارية
الهامة في أكثر من بلد عربي وأوروبي.
ويشير المتابعون الى أن الإنتخابات النيابية المقبلة وقانونها سيحددان خيارات
جنبلاط المستقبلية، في حين أن المجال ما زال مفتوحاً أمام تركيب قانون يعيد انتاج الزعامة
الدرزية كما دأب عليها رئيس "التقدمي"، وهو ما يسعى اليه عبر اتصالاته التي
بدأها من الخارج قبل التشاور مع الداخل، لأن المسألة تتعلق بحجم الدعم المالي الذي
يمكن تأمينه لكسب انتخابات كتلك التي حصلت في 2009 عندما وفرت المملكة السعودية ما
يقارب الـ 750 مليون دولار لإنتاج مجلس نيابي فرض رئيساً للجمهورية بتوازنات لها لون
سياسي واحد مارسته الأكثرية السابقة قبل أن ينقلب عليها جنبلاط ويجعلها أقلية غير قادرة
على التحرك والتاثير بالرغم من كل صنوف الضغوطات التي مورست وتمارس، فضلا عن الحروب
التي شنت على الاكثرية الجديدة في الداخل وفي المنطقة لا سيما من خلال الحرب التي شنت
على حليف تلك الاكثرية في سوريا.
ويؤكد المتابعون على أن جنبلاط يجول عارضاً وزنه كـ"بيضة قبان" للبيع،
علّ الثمن يكون مثالياً للإحتفاظ بالموقع السياسي الأهم في السياسة الداخلية في لبنان،
ووازناً في المعادلة الإقليمية التي أصبح لبنان جزءً اساسياً منها، بل مقرراً فيها
بفضل دماء الشهداء الذين سقطوا في حرب تموز ضد العدو الإسرائيلي، والذين سيقدم جنبلاط
"سلاحهم" بشكل أساسي على مذبح تمويل تشكيل أكثرية تستطيع أن تفرض رئيساً
للجمهورية وحكومة من لون سياسي واحد مجمع على رأي واحد حيال ذلك السلاح، وهذه المرة
لا مجال لا للتسوية ولا للتراجع ولا للمناورات السياسية بعدما كشفت "الفورات"
العربية عورات الانظمة الحاكمة في الخليج والعقلية التي تدير أمورها وسياساتها المبنية
بشكل مركز على أبعاد طائفية ومذهبية لا علاقة لها بقضايا الأمة التي سوفوها على مدى
أكثر من ستين عاماً.
تحرك جنبلاط وأهدافه يفرضان على جميع القوى من دون استثناء التعاطي مع المرحلة
المقبلة بدقة فائقة ووضوح كلي وحسم قاطع سواء كانوا في الأكثرية أو في الأقلية في صراع
نزيه لتطبيق الرؤى التي يؤمنون بها، وليربح من يربح ويحكم بملئ إرادته وبما يراه مناسباً
للبنان وما يعتقد أن فيه خيراً له ولقضاياه، لأن الأمور باتت تتطلب أكثر من خطوة لتحصين
البلد والمجتمع و"المقاومة".. لمن يؤمنون بها.
تعليقات