وراء استمرار "العنف" ما وراءه
وراء استمرار "العنف" ما وراءه
"البناء" الخميس 19 نيسان 2012
محمد شمس الدين
لم يتوقف "العنف" في سورية منذ الإعلان عن بدء تطبيق خطة المبعوث الدولي – العربي المشترك الى سورية كوفي أنان في 12 الجاري ذلك أن الاوامر لم تصدر بعد الى الجماعات السورية المسلحة بوقف إطلاق النار، في حين سجل تراجع ملحوظ في شكل ومضمون تحرك ما أطلق عليه الجيش السوري الحر الذي اعلن في وقت سابق أنه تلقى أوامر من قيادته بعدم الرد على اقتحام القوات السورية لأحد مراكزه.
عدم وقف "العنف" لا يُعد أمراً مفاجئاً في ظل استمرار التصريحات النارية للدول الراعية له خاصة من بعض دول الخليج التي ما زالت تعتبر أن هؤلاء المسلحين يخوضون معركتها ضد الرئيس السوري بشار الأسد الذي خرج عن اجماعهم بحسب منطقهم ورؤيتهم لمعالجة قضايا المنطقة، ما يؤشر الى أن وقف العنف لن يتم إلا بجهود تبذلها الحكومة لفرض الإستقرار بالقوة وهو الأمر الذي وعته القيادة السورية التي أصرت على متابعة عملياتها ضد المسلحين الى حين القضاء عليهم طالما انها لم تسمع أن تعليمات صدرت اليهم لكف أذاهم عن البلاد والعباد.
يتبجح قادة تلك الدول بدعواتهم الى وقف العنف والقتل، وهم يدفعون سراً وعلانية باتجاه استمراره معززين ذلك بمحاولة تأمين دعم غير منظور لتلك الجماعات، التزاماً بما عاهدوا به كوفي أنان لمعاونته على تطبيق خطة النقاط الست التي طرحها لحل الأزمة في سورية، لكن قادة تلك الدول ما زالوا يعملون على وضع سيناريوهات عديدة للإلتفاف على أنان وخطته، كما تقول مصادر دبلوماسية عاملة في الأمم المتحدة، والتي رأت أن تصريح الأمين العام بان كي مون الأخير حول ضرورة دعم مهمة المراقبين الدوليين في سورية وتعزيزها لوجستياً عبر تزويدها بمروحيات، إنما ينطوي على مضامين بالغة الخطورة بالنظر الى ما هو مرتقب من توسيع مهمات قوات دولية على امتداد المنطقة، وهو مشروع وضع على نار حامية في الفترة الأخيرة وتعمل عليه سراً كواليس المنظمة الدولية ومعها الإدارة الأميركية.
وتشير المصادر الدبلوماسية الى أن هذا المشروع لم يغب يوماً عن المداولات، إلا أنه كان يخبو تارة ويظهر تارة أخرى ربطاً بالعِقد التي تبرز على طريق ما هو مرسوم لهذا الجزء من العالم، مؤكدة أن عدداً كبيراً من الوفود العسكرية الغربية لاسيما منها الأميركية والألمانية والفرنسية التي زارت المنطقة وتحديداً لبنان، استطلعت امكانية توسيع نطاق عمل القوات الدولية العاملة فيه بإطار "اليونيفيل" التي تم تعزيزها بعد حرب العام 2006 وخسارة إسرائيل فيها.
وتقول المصادر إن معظم التقارير التي أعدت حول هذا الموضوع ربطت عملية توسيع رقعة عمل القوات الدولية بمجموعة من الأحداث على الأرض، وهي وجدت من خلال مشاورات أجرتها غير جهة أمنية دولية أن الأحداث في سورية قد تشكل مدخلاً معتبراً لطرح هذا الموضوع وهو ما تحث على انجازه قطر والسعودية أيضاً توصلا الى عملية خلط أوراق واسعة النطاق سيكون للبعد الطائفي والمذهبي الدور الأساسي في انتاجه.
ومن هذا المنطلق ترى المصادر أن الضوء سيسلط في الفترة المقبلة على الساحة اللبنانية باعتبارها البقعة التي سينطلق منها اي دور جديد لقوات دولية، فضلا عن أنها موجودة فعلا على أراضيه ضمن اليونيفيل، وما نصت عليه قرارات مجلس الأمن الدولي ومنها القرار 1701 الذي من الممكن أن يخضع لتعديلات لمواءمته مع متلطبات عمل جديدة للقوات الدولية، في حين أن هذا القرار ما زال بالنسبة لبعض الجهات لم يطبق بحذافيره، لا سيما لجهة نقاط الحدود (الخط الأزرق) مع الكيان "الإسرائيلي" لجهة الجنوب، ومسألة شموله الحدود الشرقية - الشمالية للبنان مع سورية.
المصادر نفسها تقول إن الإدارة الأميركية وبالتعاون من الفرنسيين تعمل على وضع سيناريو في هذا الإطار وتجري مشاورات مع أطراف لبنانية ومنها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي علماً أن محاذير رفض حزب الله لهذا الأمر يتم تجاوزها على قاعدة أن الأمر يحتاج الجرأة والمبادرة وهو ما تدفع باتجاهه الدولتين العربيتين نفسيهما بينما ينظر الى الحوادث في سورية على أنها الوقود المناسب لتنفيذ هذا المشروع.
تعليقات