"إسرائيل".. حكاية التهديدات
"إسرائيل".. حكاية التهديدات
البناء 05 نيسان 2012
محمد شمس الدين
لم تخفت يوماً التهديدات "الإسرائيلية" بتوجيه ضربة عسكرية لإيران على خلفية المزاعم بأنها تعمل على انتاج سلاح نووي تتراوح التقديرات حول المدة المطلوبة لإنجازه، في حين أن السباق الزمني بين توجيه الضربة وصناعة القنبلة النووية المفترضة باتت ضيقة جداً وليس معلوماً في الحقيقة ما إذا كان "السيف قد سبق العزل" في هذه القضية.
لكن التهديدات المتواصلة وإن اصبحت "باهتة" وليس فيها جديداً الى درجة فقدت معها جديتها وما يمكن أن تتركه من آثار على مختلف أوجه الحركة السياسية في المنطقة والتي تشهد تقلبات واسعة وسط حراك شعبي لم يتضح افقه بعد، تبقى (التهديدات) عنصراً مهماً في قياس حجم الضغط الذي تتعرض له "إسرائيل" إن على المستويات السياسية أو الأمنية أو العسكرية، وتشكل تبريراً مهماً حيال كل السلوك السياسي "الإسرائيلي" على المستويين الداخلي والخارجي، كما تبرر أي نشاط عسكري أو أمني للدولة العبرية.
لقد قدرت "إسرائيل" حجم خسائرها المتوقعة في حال ردت إيران وحزب الله وسورية على أية ضربة عسكرية قد تشنها على الجمهورية الإسلامية ومنشآتها النووية بـ 300 قتيل بحسب مسؤولين عسكريين إسرائيليين، بينما قدرها وزير الحرب إيهود باراك بـ 500، واعتمد الإثنان في تقديراتهما على جملة أمور اهمها قدرات دولتهم على الردع أولا، وعلى التجهيزات المتوفرة لحماية المدنيين في حالة الحرب وسقوط صواريخ من شتى الأنواع، والتي هيئ لكثير منها (قبب حديدية) تسعى إسرائيل الى زيادتها لتتناسب مع كمية الصواريخ المتوقع سقوطها على رؤوس "الإسرائيليين"، لكن "أهل المفاجآت" يقولون إن تلك التوقعات مهما بلغت فإنها لن تستطيع تصور الطريقة التي ستكون المواجهة عليها.
ويشير هؤلاء الى أن التهديدات التي تطلقها "إسرائيل" تتزامن مع تدريبات لا تتوقف ورسم سيناريوهات تعبت المخيلة من وضعها، وكلما تم تحقيق احدها تفتح الذهن على ثغرات تتطلب المزيد من التدريب والميزانيات والإستعانة بالخبرات الذاتية والخارجية، لكن ما يجب الإلتفات اليه هو أن الدولة العبرية تسمح بالإعلان عما يناسبها منه وغالباً ما يكون المعلن قد استنفذ ولم يعد صالحاً للإستعمال، بينما المؤكد هو أن "أهل المفاجآت" يتابعون ما يجري في السر ولا يتأثرون بما يطلق في العلن ومن ضمن ذلك ما تحضره "إسرائيل" في كواليس التنسيق المشترك مع الولايات المتحدة الأميركية لجهة إيران، ولو أن هذه الأخيرة تجاهر بأنها ليست موافقة على ضربة عسكرية، إلا أنها تعمل بشكل مضطرد على وضع الخطط من أجل تنفيذها ومواجهة تداعياتها المحتملة.
وفي هذا السياق تقول مصادر خاصة إن "اسرائيل" مررت في الآونة الأخيرة تقارير للجانب الأميركي تتمحور حول مدى قدرة حزب الله اللبناني على اختراق الأمن القومي الأميركي عبر مسارين: الأول تكنولوجي من خلال منظومة الإتصالات التي يملكها مستفيدا من تجربته التي خاضها على هذا الصعيد في حربه ضد "إسرائيل"، والثاني عبر استغلال بعض جوانب التجارة الدولية للضغط على الإقتصاد الأميركي الذي دخل في نفق المعاناة بعد غزو العراق في 2003 وتراجع نسبة النمو لديه.
واشارت المصادر الى أن تلك التقارير ليست سوى فبركات "إسرائيلية" هدفها بث الرعب في الإدارة الأميركية وحثها على اتخاذ خطوات رادعة باتجاه إيران وحزب الله وجعلها شريكاً كاملاً في الحرب عليهما، وذلك بموجب الإتفاقات الموقعة بين الجانبين الأميركي و"الإسرائيلي" في هذا المجال، خاصة وأن "إسرائيل" قد نجحت بالإنضمام الى حلف "الناتو" بدعم أميركي وتم تفعيل ذلك بعد الحرب "الإسرائيلية" على لبنان في الـ2006. وتلفت المصادر الى أن زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون "الإرهاب" والاستخبارات المالية ديفيد كوهين إلى بيروت وعدد من دول المنطقة إنما يندرج في إطار التقارير التي قدمتها "إسرائيل" للولايات المتحدة حول ما سمي اختراقات من حزب الله للقطاع المصرفي اللبناني، كما أنه يستطلع امكانية محاصرة سورية اقتصادياً في محاولة لتطبيق عقوبات قاسية عليها في ظل الظروف التي تمر بها حالياً.
حكاية التهديدات "الإسرائيلية" بشن حملة عسكرية على إيران تشعبت كثيراً ودخلت في ثنايا أدق الأوضاع في المنطقة مهما كانت صغيرة، لكن العقل يقول إنه أمام تعاظم القوة الإيرانية التي ما زال الكثيرون يشككون بها، قد يكون فعل الهجوم نوعاً من الجنون الذي لا بد منه للخروج باتجاه الحقيقة وتوضيح الصورة.. وفي هذا الإطار يعلق مصدر إيراني بالقول إن بلاده تحتاج ربما لإثبات هذه الحقيقة.
تعليقات