تعليق "العضوية"..
تعليق "العضوية"..
مرحلة جديدة من المواجهة
البناء 17 تشرين الاول 2011
محمد شمس الدين
مع دخول دول مجلس التعاون الخليجي وتوابعها عبر الجامعة العربية مرحلة التهديد المباشر لسورية من خلال التلويح بتعليق عضويتها في الجامعة استكمالا لحملة الضغوط التي تتعرض لها دمشق من قبل بعض الدول الغربية لتغيير مسار الحكم فيها، يكون المشهد قد اكتمل لجهة إعلان المواجهة المفتوحة في المنطقة بين المحورين اللذين بدآ بالتشكل منذ لحظة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري واتخذا وضعيتهما النهائية بعد النتائج التي افرزتها حرب "إسرائيل" على لبنان في العام 2006.
ما يعنيه ذلك ايضا هو دخول المنطقة في مرحلة جديدة كليا، من المرجح ألا تنتهي من دون حرب عسكرية بدأت تلوح في الأفق، بعد سلسلة من الإجراءات الأميركية انطلاقا من العراق ومسألة طرح التمديد لبقاء القوات الأميركية فيه لدواع عسكرية – أمنية – اقتصادية والذي فشل حتى الآن ـ التمديد ـ في الحصول على الموافقة العراقية عليه. وهذا الموقف العراقي يتصل بلا شك بارتباطات العراق بأحد المحاور المتصارعة في المنطقة. غير انه من الواضح أن الحرب الجديدة ستكون وجهتها إيران هذه المرة، بعدما اخفق المخطط المعد للمنطقة في العراق منذ غزوه عام 2003، وفي محطتيه الرئيسيتين التاليتين في كل من لبنان عامي 2005 و2006 وفي سورية 2005 – 2011.إذا ما ذهبت الأمور في اجتماع مجلس الجامعة العربية نحو تعليق عضوية سورية في الجامعة العربية، فسيكون ذلك خطوة أميركية سترتد نتائجها على دور مجلس التعاون نفسه، لكن إعلان لبنان على لسان وزير خارجيته بأنه سيكون الى جانب سورية في الجامعة العربية سيعيق اتخاذ مثل هذا القرار الذي يحتاج الى إجماع بحسب قوانين الجامعة، بغض النظر عن الطريقة التي سينعكس فيها هذا الأمر على الساحة اللبنانية من ناحيتين: الأولى داخلية تتصل مباشرة بوضع الحكومة وقدرتها على تفادي السقوط في هذا الفخ، في الوقت الذي تحاول فيه تدوير الزوايا في موضوع تمويل المحكمة الدولية، والثانية تتصل بعلاقاته العربية والدولية والتزاماته تجاهها حيث من المؤكد ان العقوبات على سورية ستباشَر انطلاقا من لبنان المجاور الذي في حال لم يلتزم بدوره، فإنه من الصعوبة بمكان أن يستطيع العالم فرض اي نوع من العقوبات الاقتصادية أو غيرها على سورية.
توَجُه الجامعة العربية اتفق عليه على وجه السرعة ومن دون تخطيط مسبق، وجاء بإملاءات اميركية عملت الدوائر السياسية في واشنطن وأجهزتها الدبلوماسية على انتاجه، فقد كان من المقرر أن يتوجه امين عام الجامعة نبيل العربي الى تونس اليوم الإثنين، لكنه أرجأ زيارته اليها وإلى بعض دول المنطقة، بعدما طلبت السعودية باسم دول مجلس التعاون الخليجي تحديداً، وبرغبة أميركية، انعقاد مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية تحت عنوان: "إعلاء الصوت على سورية بشكل مدو وطارئ".
وفي هذا السياق، تقول مصادر دبلوماسية غربية إن هذا التوجه اتفق عليه بين واشنطن والرياض خلال المحادثات المكثفة التي رافقت إعلان الاستخبارات الأميركية عن كشفها لما زعمته من "مخطط" اغتيال السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير، ما يشير الى ان مرحلة الضغط السياسي والدبلوماسي قد بلغت الذروة من دون معرفة النتائج التي من الممكن أن تترتب عليها، مع الخشية من أن يكون الهدف من ورائها بلوغ مرحلة من الصدام العسكري على إحدى جبهات المنطقة، ما يصيب "عصافير" عدة في طليعتها تحقيق هدف بقاء القوات الأميركية في المنطقة لـ"دواع استراتيجية" لا تتطلب معها الحصول على الموافقة العراقية. وتجدر الإشارة هنا الى أنه ليس بالضرورة أن تتوفر جهوزية لدى القوات الأميركية للدخول في حرب مباشرة بوجود قوات درع الجزيرة كقوة عسكرية جاهزة لخوض هذا السيناريو بعدما نفذت سيناريو البحرين بنجاح بغطاء دولي وعربي، ناهيك عن "إسرائيل" الجاهزة دوما لخوض هذا النوع من السيناريوهات.المصادر الدبلوماسية الغربية نفسها قالت إنه جرى وضع المنطقة على صفيح ساخن منذ تقرر اطلاق الثورات العربية، لكن ما كان متوخى من نتائج لم يحصل حتى الآن، ما يفرض تصعيد وتيرة التحرك الى حين تحقيق الحد الأدنى المطلوب وهو تطويق إيران وحصر النزاع معها وفسخ علاقاتها مع العالم العربي، إذ انه ليس مطلوبا بالفعل تغيير الأنظمة في العالم العربي إلا بمقدار خدمة هذا الهدف الذي تسعى "كبريات" دول المنطقة الى تحقيقه لإطلاق عملية "سلمية نظيفة" في الشرق الأوسط.
تعليقات