ماذا لو وقع الفأس في الرأس!؟


ماذا لو وقع الفأس في الرأس!؟

البناء 7 تموز2011

محمد شمس الدين

لا احد يعلم من القيّمين على الأمور في البلد، ماذا يريد فريق "14 آذار" أو المعارضة الجديدة من حفلات التوتير التي يديرونها من على منبر المجلس النيابي الذي يناقش البيان الوزاري للحكومة، لكن الجميع مُجمع على أن الخطاب المعتمد قد يصل بالبلاد الى ما لا تحمد عقباه، الأمر الذي قد لا يطيقه هؤلاء فيما لو "وقع الفأس في الرأس".
 وبالرغم من هدوء الأعصاب الذي يقابله لدى الفريق الآخر، الذي يسعى بدوره الى إكمال ما بدأه بإسقاط الحكومة السابقة، ومحاولاته الحثيثة لتثبيت حكومته ومدها بأفضل وسائل العيش وظروفه، الى حين إجراء الانتخابات النيابية المقبلة في 2013، ستبقى الأوضاع في مد وجزر، علما أن القوى المعارضة تعمل وفق برنامج يتضمن سيناريوهات مشابهة لتلك التي واكبت اغتيال الرئيس الاسبق للحكومة، وفي مقدمتها ما يتعلق بتحريك الشارع الذي لم يلبّ تطلعاتهم ساعة الإعلان عن القرار الاتهامي الذي وجه الى حزب الله من خلال افراد على الأقل.
 تلك القوى تتصرف على اساس أن اغتيالا سياسيا قد حصل بسقوط سعد الحريري من السلطة، لكن ما تجهله هو أن الفريق الآخر يتصرف على اساس ألا رجعة لسعد الحريري الى السلطة، وهو على الارجح مطلب يجتمع عليه اللبنانيون من جميع الفئات والشرائح الاجتماعية لما تركه الشيخ سعد من أثر سلبي في نفوسهم، إن على مستوى الشخصية أو على مستوى الآداء السياسي، في حين انه لا يجوز الالتفات الى ما هو أهم لأنه غير موجود على الإطلاق.
 خطاب التوتير الذي شهده منبر المجلس النيابي لا يمكن أن يبقى محصورا تحت قبته إذ أن اصحابه يسيرون وفق خطة مبرمجة، تقضي بإخراج الأمور الى الشارع ولو من خلال تكرار التجربة الميليشيوية التي اعتمدوها في ايار 2008 عندما كان تيار المستقبل يهدد باجتياح الضاحية وسحب السلاح منها وإخضاعها لسلطة الدولة، حسب ما كان يسوق داخليا، في حين ان المسالة طرحت جديا من قبل المنسق النائب السابق سليم دياب الذي قال أمام النائب وليد جنبلاط عندما كان منضويا، ان تياره بات مستعدا لفعل ذلك، غير أن جنبلاط تقبّل الأمر بسخريته.
 ما يريده فريق سعد الحريري السياسي من خلال استخدام الشارع، هو استجرار تدخل دولي عسكري مباشر، وإن لم يكن فمن الممكن أن يكون "إسرائيليا" بطلب دولي وبغطاء منه وطبعا بتمويل عربي، حيث لم تنجح طلبات فريق "14 آذار" وسناريوهاته حتى الآن بإقناع الممولين الذين تكفلوا حرب تموز 2006 وما تلاها الى حين تمويل الانتخابات سنة 2009 لإعادة فتح خزناتهم بعد أن فقدوا الثقة بقدرتهم على تحقيق ما يدعون اليه.
 الخطاب الذي اطلقته قوى "14 آذار" من البريستول وتلاه الرئيس فؤاد السنيورة يؤكد هذا المنحى، حيث ركز على تجييش الدول للتدخل لإعادة خلط الأوراق من جديد لكن الخطاب لم يقدم ما يقنع تلك الجهات، خصوصا وأن التجربة الماضية قد أثبتت فشلها.
 وفي السياق نفسه، تقول مصادر دبلوماسية عربية إن الدول الغربية الراعية للشأن اللبناني إنما تنتظر ما ستؤول اليه الأوضاع في سورية، لأنها حتى الآن لم تفقد الامل من امكانية إحداث تغيير ما في السلوك السوري بحسب توصيفها، كما انها لم تقتنع ايضا ان الحكومة السورية قد تمكنت من إعادة السيطرة على الامور في ظل خروج بعض الاحتجاجات مشيرة الى أن تلك الدول ستسعى للحفاظ على املها في التغيير طالما يوجد من تستغله لتحقيق ذلك، في حين أن التدخل المباشر في سورية كما حصل في ليبيا على المستوى العسكري أو في مصر وتونس على المستوى السياسي لا يبدو أنه خيار متوفر حتى الآن، في ظل ما تبديه دمشق من تماسك داخلي في مواجهة الأزمة الحالية.
 وتقول المصادر إن اي تدخل عسكري سيفقد أصحابه و"إسرائيل" رهاناتهم على التغيير، في حين أنه يعيد زمام المبادرة الى الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد الذي على ما يبدو أنه يتصرف كما لو أن الازمة قد انتهت فعليا.
 قوى "14 آذار" عالقة وسط هذا التضارب في المصالح والرؤى، في الوقت الذي تتوق فيه الى انفلات الوضع بشكل كامل ولو على حساب لبنان من اقصاه الى اقصاه ولسان حالهم ومن بعدي الطوفان، غير أن ذلك لن يتحقق لأنه قد جرى استيعاب القسم الأكبر من الأزمة بعد تشكيل الحكومة، وبعد ان كانت عرقلة التشكيل قد اعاقت خطة احتواء الموقف بشكل كامل سابقا، وهذا ما تكشفه مصادر سياسية لبنانية عليمة ركزت على أن الفريق السياسي الذي شكل الحكومة، اجرى حساباته مسبقا لما يمكن أن يتفاجأ به على مستوى منح الثقة أو عدمه، فالأمور لن تعود الى الوراء.. أبداً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار