الحسم في سورية.. ولبنان؟!
الحسم في سورية.. ولبنان؟!
البناء 14 نيسان 201
الاعترافات التي بثتها القناة الفضائية السورية الرسمية لثلاثة من الموقوفين في الأحداث الأخيرة، تضع الوضع الداخلي السوري على مفترق طرق خطير لما تشكله من تظهير فاضح للمؤامرة التي تتعرض لها الدولة هناك، كما تضع الاحتجاجات الشعبية أمام واقع جديد في التعاطي مع طريقة المطالبة ببعض الحقوق المدنية والسياسية، التي اقر بها الرئيس بشار الاسد وأعلن عن المباشرة بوضع خطة لتلبيتها بدأها بسلسلة من الإجراءات كان أولها إقالة الحكومة وتكليف رئيس جديد ومن المتوقع أن يعلن عن تشكيلتها بدءاً من اليوم بحسب بعض المعطيات الصحافية.
وتؤكد الاعترافات التي بثها التلفزيون السوري، أن موجة الاحتجاجات التي اندلعت في عدد من المحافظات السورية، قد جرى استغلالها من قبل البعض الذي يتربص بسورية شرا تحقيقا لأهداف سياسية تلاقت عليها بعض الشخصيات السورية «المنبوذة» من المجتمع السوري والدولة السورية مع مصالح خارجية تستهدف زعزعة الاستقرار في سورية وصولا الى تغيير وجهها ووجهتها السياسية. كما تؤكد تلك الاعترافات ضلوع جهات لبنانية قام المعترفون بتسميتها وهي تنتمي الى تيار المستقبل لتكشف عن خطورة الدور الذي يلعبه رئيسه من دون الإلتفات الى العواقب أو النتائج التي يمكن أن يسفر عنها مثل هذا العمل، إلا أنه يؤكد على امر واحد، هو انضمام سعد الحريري الى محور من المحاور الإقليمية في الوقت الذي يوجه فيه التهمة إلى الآخرين.
الكشف عن اسم النائب في البرلمان اللبناني جمال الجراح كمتورط في إدارة عمليات التخريب في سورية، يعيد إبراز ما كانت قد تداولته وسائل الإعلام عن زيارة قام بها منذ فترة وجيزة الى الخارج والتقى خلالها عبد الحليم خدام، ما يشير الى عمليات التنسيق القائمة بين الجانبين. علما أن خدام كان يقيم في باريس على نفقة آل الحريري منذ مغادرته دمشق بعد إقالته من منصبه، في حين كشفت الاعترافات عن توزيع أموال على مجموعات تابعة لخدام في مسقط رأسه بانياس مع تعليمات بضرورة استمرار عمليات التخريب وتصويرها على أنها اعتداءات وارتكابات من قبل الجيش السوري والسلطات بحق المحتجين. غير أن عمليات التنسيق بين الحريري وخدام ترسم علامات استفهام عن مسؤولية بعض الدول واجهزة استخباراتها في إدارة ما يحصل؟، كما يصح السؤال عن الجهة المستفيدة من زعزعة الاستقرار في سورية وما هي مصلحة لبنان بالتحديد من ذلك والى اين يريد الحريري أخذ البلد؟، ليكون الجواب على أن هذا الأخير إنما ينطلق من الأساس من ارتباطه بمشروع معاد وهذا ما دلت عليه ممارسته خلال توليه الى السلطة على راس الحكومة اللبنانية التي ما زال يصرّف أعمالها، كما تدل تطلعاته أنه لا يهتم لـ»حرق البلد مقابل اشعال سيجاره» عبر دس الدسائس ومحاولة اشعال الفتن إن في لبنان أو في سورية، أو حتى تبنيه التحريض على فئة من اللبنانيين في الخليج، ليؤكد بذلك عدم أهليته لتولي اي منصب في لبنان رسميا كان أو غير رسمي.
لقد استعجل الحريري بتبني موقف معادٍ لسورية، وهو قد طور هذا الموقف بسرعة قياسية ليصل الى حد التآمر عليها من خلال مد المشاغبين بالمال والسلاح من أجل تحقيق اهداف لم يستطع القرار 1559 وما استتبعه من تحقيقها، في حين انه من الغباء المراهنة على أن حفنة من «الشبيحة» وصرعة الفايسبوك والتغني بشعارات الحرية الفارغة تستطيع قلب الامور رأساً على عقب.
ما كشفه الموقوفون في حوادث الشغب السورية سيغيّر مسار الأمور باتجاه الحسم وهو ما بدأته السلطات الأمنية السورية والجيش السوري بعد عمليات إطلاق النار التي قام بها مندسون ممولون من قبل جهات خارجية وداخلية باتت مكشوفة، وهو ما فوضه الشعب السوري لدولته ورئيسها، أولا عبر التظاهرات المليونية التي احتشدت في ساحات المدن السورية مطلع الشهر الجاري مؤيدة الرئيس الأسد ونهجه الإصلاحي. وثانيا، من خلال ما يعبر عنه الشعب السوري من رفضه لاستغلال المطالب التي ينادي بها من أجل زعزعة الاستقرار الامني والسياسي والاجتماعي الذي بدأ يطرق كل باب في سورية.
إن ما كشفه هؤلاء الموقوفون سيتاثر به لبنان أيضا بشكل مباشر، خصوصا على صعيد تشكيل حكومته التي تنتظر بالدرجة الأولى تشكيل الحكومة السورية، في حين أنها دخلت حيز الانتظار لفترة اطول الى حين استتباب الوضعين الأمني والسياسي، بعد انكشاف امر بعض الأطراف اللبنانية بالتورط بما يمس الأمن القومي السوري، الأمر الذي سيفرض إجراء مراجعة كاملة لصياغة الحكومة اللبنانية في الشكل والمضمون، حيث بات من الضروري الأخذ بعين الاعتبار عدم التفريط بحقائب الوزارات السيادية كالعدل والدفاع والداخلية والمعنية بتطبيق الاتفاقيات القضائية والامنية والعسكرية في إطار ما هو موقع بين لبنان وسورية والمعروف باتفاقية الأخوة والتعاون والتنسيق التي ستطرح بقوة في برنامج عمل الحكومة المقبلة في ظل المستجد من الحوادث المتلازمة بين البلدين.
تعليقات