بانتظار الإمام الصدر

بانتظار الإمام الصدر
البناء 28 شباط 2011
محمد شمس الدين
عدا عن الانعكاسات العامة للتغييرات التي تحصل في العالم العربي ومدى تأثير كل متغير على لبنان، فإن لثورة الشباب في ليبيا انعكاس خاص على لبنان الذي يعيش هموم الشعب العربي في ليبيا هذه الأيام لحظة بلحظة، وينتظر أن تنجلي الثورة عن سقوط "الطاغية"، وكشف مصير الرئيس الأول للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ومؤسس حركة أمل والمقاومة، الإمام موسى الصدر الذي اختطفه معمر القذافي بعد أن دعاه رسمياً  لزيارة ليبيا في 1978.
وفي حين أن لا معلومات متوفرة حول الجهود التي تبذل لمتابعة هذه القضية، إن في الداخل الليبي في ظل الفوضى القائمة حاليا، أو على صعيد الاتصالات التي يجريها كبار المعنيين بها، فإنه من المفترض أن يكون التحرك قد بدأ على غير مستوى وصولا الى إرسال "كشافة" للبحث عن الإمام ورفيقيه، انطلاقا مما هو متوفر من معلومات حول مصيره، والتي من المفترض أنها متجمعة منذ اكثر من ثلاثة عقود. لكن ظروف حكم القذافي والطريقة التي انتهجها في التعاطي مع هذه القضية حالت دون معرفة مصير الإمام حتى هذه اللحظة.
على الأرجح أنه لن يطول الانتظار الذي دخل مرحلته القاتلة، فالجميع في لبنان يحبس انفاسه كبارا وصغارا، سياسيين واصحاب شأن، إضافة الى جمهور الإمام من كل الطوائف اللبنانية. ذلك الجمهور الذي ازداد بشكل مضطرد طوال الأعوام الماضية في فترة غيابه القسري، بعد أن أثبتت الأحداث صحة ما كان يحذر منه عدا عما كان يدعو اليه، والذي لو أخذ في الاعتبار لكان لبنان قد اجتاز الكثير من العقبات التي واجهها وما زال بدءً من مسألة الحرمان وصولا الى التناحر والانقسام الداخلي وما جره على البلد من ويلات، ناهيك عن الموقف من "إسرائيل" الذي اطلق المقاومة ضدها وبدأتها حركة أمل والأحزاب الوطنية واستمر فيها حزب الله، وما تحقق من انتصارات قلبت موازين القوى في الصراع بين العرب والدولة العبرية. في حين أنه لا يجوز تجاهل الربط بين ما يحصل من ثورات على الساحة العربية ضد الأنظمة الشريكة لـ"إسرائيل" وما صنعته المقاومة في لبنان وكاد في ساعة أن يقض مضاجع الحكام في حينه، لولا التحريك المذهبي الذي افتعله هؤلاء ومن خلفهم "إسرائيل" والولايات المتحدة الأميركية.
لعل أكثر من يحبس أنفاسه اليوم هم عائلة الإمام الصغيرة، ابناؤه، أحفاده، إخوته وأقرباءه الذين لم يشف احد حسرتهم حتى الآن بخبر يقيني، وكانت قد أدخلت قضيته في بازارات عدة على مدى طيلة الفترة الماضية لولا صمودهم ورفضهم لكل العروض التي قدمت لإنهاء هذه القضية بطرق ملتبسة، في حين صمد خلفهم كل من اعتبر أن قضية الإمام موسى الصدر هي قضيته، لا سيما من انتسب لحركته الجهادية والتزم بها حتى الآن وحمل شعاراتها المبدئية من الشأن الداخلي وحتى تحرير فلسطين.
كشف مصير الإمام أمر التزمه اللبنانيون ومعهم الإيرانيون وبعض العرب ممن آمنوا بطروحاته السياسية، وقدروا جهده على مستوى القضايا العربية وفي قضية الصراع مع "إسرائيل"، وهو ما يفرض عليهم اليوم مجتمعين، التحرك سريعاُ لكشف مصيره انطلاقا من واجب الوفاء له وتدعيما لكل ما آمن به ودعا اليه.
التحرك المطلوب يحتاج الى استنفار كل المستويات السياسية والديبلوماسية الإعلامية وحتى الأمنية بشقيها الاستخباراتي والعملاني. في حين أن ما ذكرته إحدى وسائل الإعلام العربية عن تحرك ميداني لمجموعات من الحرس الثوري الإيراني ومن حزب الله وحركة امل داخل ليبيا، يعتبر من أولويات العمل في مثل قضية الإمام خصوصاً في ظل الفوضى التي تعيشها ليبيا على مستوى النظام، حيث يبدو أن لا أحد يستطيع أن يجيب بشكل حاسم على ما يطرح من اسئلة حول هذه القضية، والتي يجب أيضاً أن تكون على جدول أعمال المنظمات الدولية التي بدأت منذ الأمس محاصرة القذافي لأسباب تتعلق فقط بمصالحها، وما يمكن أن تحصّله من المسروقات "القذافية" الموزعة في أرجاء متعددة من العالم.
لبنان على موعد مع جلسة محاكمة للقذافي حددها القضاء اللبناني في 4 آذار المقبل على خلفية هذه القضية. والى حينه، فإنه من المأمول أن يكون لدى هذه المحكمة ما هو ملموس لتبني على الشيئ مقتضاه في ظل الحديث عن النهايات المحتملة لحياة القذافي انطلاقا مما يواجهه، أو ما هو معروف عن جنونه الذي لا يجب أن يحول دون كشف ملابسات كامل هذه القضية التي هي بحجم الإنسانية.  
  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار