"الرفض" حسم التشكيل

"الرفض" حسم التشكيل
البناء 17 شباط 2011
محمد شمس الدين
لم يعد أمام الرئيس نجيب ميقاتي عقبات كبيرة لإعلان التشكيلة الحكومية بعد أن أعلن المتحالفون في قوى 14 آذار عن موقعهم الجديد المعارض في احتفال البيال الأخير، ذلك أن الرئيس ميقاتي الذي كان ينتظر أن يتمكن من تغيير موقف تلك القوى من أجل استيعابهم في حكومة جامعة وقوية على حد تعبيره، يبدو أنه لن يتسنى له رؤيتها كما يشتهي بعدما فشل في إقناع خصومه من السنة، التخلي عن عنادهم وكيديتهم في التعاطي مع تكليفه غير الخاضع لشروط تؤذي ما يطلبون التمسك به، إن لناحية المحكمة أو لناحية السلاح. كما فشل الرئيس المكلف في سحب بعض أركان تلك القوى والذين كانوا يطمحون وما زالوا الى المشاركة والإمساك بالعصى من الوسط أمثال الرئيس أمين الجميل الذي خضع بدوره ايضا الى ضغوطات "حريرية ناعمة جداً" جعلته يتراجع عن ما كان يسعى وراءه، إضافة الى ما وصله من توجيهات أميركية مباشرة.
مصادر سياسية مطلعة في الأكثرية الجديدة تقول بأن الشهر الجاري قد يقفل على تشكيلة حكومية من لون واحد عنوانها الأساسي التكنوقراط لصعوبة تشكيلها من أقطاب سياسيين أو من يمثلهم بشكل كامل، وذلك عكس ما تقتضيه الظروف السياسية التي يمر بها لبنان كما المنطقة، إضافة الى الظروف التي على اساسها تم إسقاط الحكومة السابقة. في حين أن الهدف من ذلك هو محاولة تجاوز المزيد من الانقسام الداخلي. وكشفت المصادر أن قوى 14 آذار ستحاول اللجوء الى السلبية مع أية حكومة يشكلها ميقاتي إن من "التكنوقراط" أو من "السياسيين" ربما تأثراً بما يجري في أكثر من مكان في العالم العربي. غير ان القواعد التي سينطلقون منها إنما هي مختلفة اختلافاً شديداً، فإذا كانت الدوافع لدى الشعوب العربية للتحرك وإسقاط الأنظمة أو تحصيل بعض الحقوق تحمل عناوين مطلبية صرفة، فإن هذا الأمر دونه صعوبات بالغة في لبنان. إذ أن الأجواء المسيطرة هي أجواء سياسية سينجم عنها تحريك للفتن في غير منطقة، إضافة الى أن القضايا المطلبية التي سترفع في وجه الحكومة الجديدة إنما هي موروثة من حكومات سابقة أداروها لسنوات بانفسهم دون أن يحلوا شيئاً منها.
تشير المصادر الى أن قوى 14 آذار قد تجد نفسها أمام طريق مسدود إذا ما اصرت على عدم المشاركة في الحكومة والتي تعتبر مخرجاً مشرفاً في ظل ظروف إقليمية ودولية غير مؤاتية بالنسبة اليهم. فتلك القوى قد خسرت خسارة فادحة بسقوط حسني مبارك من على رأس النظام في مصر وهو الذي كان يدير "عمليتهم السياسية" بشكل مباشر، في حين ان موقف المملكة العربية السعودية بات واضحاً بعدما عبر عن نفسه من خلال ما كانت المملكة وملكها عبدالله بن عبد العزيز قد صاغوه في مسودة المساعي التي بذلوها مع سورية لحل الأزمة في لبنان عدا عن أن المملكة في طور إعادة صياغة لكامل دورها في المنطقة على ضوء التغييرات الجارية والتي لن تكون بمنأى عنها إذا خرجت الأمور عن السيطرة في كل من البحرين واليمن والجزائر بعد تونس ومصر.
تقول المصادر السياسية نفسها بأن الأكثرية الجديدة التي اتت بميقاتي على راس الحكومة لن تستطيع ايضا التفريط بما أنجزته بسهولة لا سيما في ظل المتغيرات على الساحة العربية وهي ستعمل جاهدة للحفاظ على مكتسباتها وإجراء عملية تصحيح واسعة للوضعين السياسي والاقتصادي في لبنان بعدما عاثت فيه الرموز السياسية التي حكمت في الفترة السابقة فساداً. ومن هنا فإن اي تحرك سلبي قد تنفذه قوى 14 آذار سيكون بمثابة خلق أجواء فتنوية يجب على السلطة السياسية أن تكون جاهزة للتعاطي معها بحزم، مشيرة الى ان إحد السيناريوهات التي تناقشها قوى 14 آذار هو التجمع في ساحة الشهداء على غرار اعتصام المعارضة، لكن هذا الأمر يعيقه أمران الأول عملية تمويل الاعتصام الذي قد يطول كثيرا دون التمكن من تحقيق أي هدف، والثاني ما يمكن أن يلحق ب"سوليدير" من خسائر سيدفعها المستثمر الذي يدعي سعد الحريري الخوف عليه. لم تنجح قوى 14 آذار في إيجاد مساحات أخرى لتنفيذ الاحتجاجات التي تنوي تنفيذها لأنها لن تكون قادرة على حمايتها أو حتى ايصال الرسالة المطلوبة من خلالها.
لم تنف المصادر السياسية بأن الاتصالات ما زالت جارية "بشكل جانبي" من أجل تأمين المشاركة على قاعدة مراجعة حسابات الربح والخسارة بالنسبة الى فريق قوى 14 آذار. غير أن انطلاق الحكومة لن يتأثر ولو طال حتى نهاية الشهر الجاري في حال اصر ذلك الفريق على رفضه. فالصورة باتت واضحة أمام الرئيس ميقاتي في كيفية التعاطي مع الملفات السياسية. لا سيما وأن الفريق الذي سماه لتشكيل الحكومة قد حاز على السيطرة الكاملة بعد انسحاب الفريق الآخر من المشاركة. في حين أن الرئيس المكلف يحاول تذليل آخر العقبات في عملية توزيع الحقائب والمتمثلة بحقيبة الداخلية والتي سيشكل حلها حل العقد في حصص كل من رئيسي الجمهورية والحكومة ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار