تأخير التشكيل غير "صحي"!

تأخير التشكيل غير "صحي"!
البناء 24 شباط 2011
محمد شمس الدين
بدأ التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة يثير الجدل لدى بعض الأوساط في الأكثرية الجديدة وحلفائها السياسيين في بعض الأحزاب والتيارات السياسية. ذلك أن الرئيس نجيب ميقاتي وإن رفع شعار "الإسراع وليس التسرع" في إخراج الحكومة الى النور، لا يبدو أنه قد حدد فترة زمنية معينة لإعلانها بحسب مصادر مقربة منه، في حين أنه قد نجح في تذليل الكثير من العقبات السياسية والتنظيمية منذ تكليفه في كانون الثاني الماضي. غير أن الرئيس ميقاتي الذي تسرب بأنه وضع أكثر من تصور لشكل الحكومة العتيدة، ما زال يراهن حتى الآن على إمكانية مشاركة فريق "الرابع عشر من آذار" فيها، وهو الأمر الذي سيعيد عملية توزيع الحقائب الى المربع الأول، ويعني أن الإعلان عن تشكيلة حكومية سيتأخر فترة إضافية، في الوقت الذي يحتاج فيه لبنان الى حكومته بشكل ملح جداً في ظل ما يجري من متغيرات على الساحة العربية، وما يمكن أن يطرأ من تطورات على المستوى الإقليمي.
مصادر في الأكثرية الجديدة تقول بأن التأخير أكثر لم يعد مناسباً وغير "صحياً" ولو أجازه الدستور، فهو يفسح في المجال أمام ممارسة المزيد من الضغوط من أجل تمرير صفقات من المفترض ان الحكوم الجديدة ستكون بعيدة عنها لا سيما على المستوى السياسي مشيرة الى أن الوفد الأميركي الذي زار لبنان والتقى القيادات السياسية الرسمية وغير الرسمية فيه إنما حضر من أجل مواكبة تشكيل الحكومة من خلال فريق يعد أرفع مستوى من التمثيل الديبلوماسي وحيث لم يعد بامكان السفيرة مورا كونيللي الإشراف على صياغة الحكومة بما يتلاءم مع الشروط الأميركية، فاختارت الإدارة في واشنطن تشكيل هذا الوفد وعلى هذا المستوى من أجل توجيه رسالة الى المعنيين بأن واشنطن مصرة على فرض شروطها في خضم التغييرات التي تحصل في المنطقة.
وتقول المصادر نفسها بأن الوفد الأميركي قد حث ميقاتي البقاء على إصراره في تشكيل حكومة جامعة تتمثل فيها كل الجهات السياسية في لبنان، وذلك في إشارة الى أن الوفد الأميركي سيسعى الى إقناع فريق 14 آذار بالتخلي عن فكرة المعارضة بالشكل الذي يحضرون له والدخول في حكومة ميقاتي وفق برنامج واضح يحفظ ما يعتبرونه مكاسب سياسية قد تحققت في الفترة الماضية.
تلفت المصادر في هذا السياق الى أن الإدارة الأميركية لا ترى مصلحة في عدم مشاركة قوى 14 آذار في الحكومة الجديدة لأنها ستفقد لاحقاً القدرة على متابعة شؤون "السلطة"، كما أن فريقها السياسي في لبنان سيزداد تهميشاً، خصوصا وأنها تشك في امكانية نجاحه في قيادة معارضة ثابتة وقادرة على تحقيق أي من الأهداف المنشودة من خلال موقعه الجديد. وبالتالي فإن ذلك لا ينسجم مع برنامج التحرك الذي تسعى واشنطن الى اعتماده في الفترة المقبلة في المنطقة بعد اكتمال صورة المتغيرات الجارية في أكثر من دولة عربية.
لا تنفي المصادر استمرار الاتصالات التي يجريها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة مع كافة الأطراف التي رفضت المشاركة سابقا واعلنت عن ذلك في احتفال البيال في 14 شباط الماضي، مشيرة الى أن الفريق المسيحي من تلك الاطراف وخصوصا رئيس الكتائب امين الجميل ما زال في واجهة المتحمسين للمشاركة ولو بـ"شروط دنيا"، إضافة الى الوزير بطرس حرب. في حين أن الاتصالات الأميركية شجعت رئيس "حزب القوات اللبنانية" سمير جعجع على المشاركة أيضا ليكونوا جميعاً الى جانب رئيس الجمهورية في تقاسم الحصص، ولو بقي تيار المستقبل والحريري خارجا على أن يتم تمثيله من خلال شخصيات "سنية" مقربة منه. وذلك من اجل إضعاف حصص الفريق المسيحي الاخر اي التيار الوطني الحر. وقد حرص الوفد الأميركي خلال لقاءاته التي أجراها في بيروت على معرفة ما إذا كان حزب الله سيشارك في الحكومة ومدى امكانية استبعاده أو إقصاء نفسه عنها متنازلا لحلفائه عن ما يمكن أن يخصص له من مقاعد، ذلك ان الرغبة الأميركية تتجه الى عدم رؤية الحزب في الحكومة لانسجام ذلك مع ما تحضره واشنطن وحلفاؤها اللبنانيون من قرارات إدانة لحزب الله في المحكمة الدولية الخاصة والتي من المفترض ان تصدر وتعلن قبل 14 آذار المقبل بحسب مصادر متابعة لتشكل قاعدة سياسية لهذا الفريق في المرحلة المقبلة.
   
  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار