أين حزب الله؟!

أين حزب الله؟!
البناء 7 شباط 2011
محمد شمس الدين
أين حزب الله في هذه الفترة؟. بعدما انكفأ إرادياً عن ساحة المواجهة الإعلامية التي خاضها في الفترة السابقة بشراسة، ونجح من خلال السياسة التي اعتمدها في تحقيق الحد القصى من الأهداف وأسقط حكومة سعد الحريري بـ"الضربة القاضية".
  حزب الله الذي يتابع بهدوء مسار مشاورات تأليف الحكومة التي يجريها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، تواق الى ولادة سريعة للحكومة العتيدة بالرغم من كل الصعوبات التي تواجهها، لأن المرحلة المقبلة تحتاج الى مؤسسات قوية واستقرار داخلي من أجل مواجهة ما سينتج عن الحراك السياسي في منطقة الشرق الأوسط. والحزب يرى بأن ملامح مشروع اميركي جديد بدأ يطل برأسه على ضوء المتغيرات التي سيحدثها التغيير الآتي من مصر وثورة شبابها المستمرة منذ ما يقارب الأسبوعين، وسط معاينة دولية وإسرائيلية تحديدا للإنعكاسات المحتملة على العلاقات بين "تل ابيب" والقاهرة، وما لذلك من تأثير على وضع المنطقة برمتها.
حزب الله الذي يعطي الأولية لمتابعة ما يحصل على الساحتين الإقليمية والدولية انطلاقاً من الحدث المصري مرتاح لما ستؤول اليه مشاورات التأليف، خصوصاً وأنه لا يأبه لمقدار الحصص الوزارية التي سيجنيها منها، فما يهمه فعلاً هو العناوين السياسية التي ستعلنها الحكومة في بيانها الوزاري، وهو ما يطمئن اليه مع الرئيس ميقاتي الذي لا يبتعد في ما يؤمن به سياسيا عن رأي حزب الله، خصوصاً في القضايا الرئيسية والمركزية كقضية الصراع العربي الإسرائيلي، ما يضمن في الوقت نفسه وقوف ميقاتي سداً منيعاً أمام المحاولات الغربية الأميركية و"الإسرائيلية" استغلال المحكمة الدولية المتنازع عليها لبنانياً في النيل من حزب الله ووجوده والقضايا التي يؤمن بها.
يعتبر حزب الله أن ما يصدر عن الإدارة الأميركية من تصريحات حول الأوضاع في مصر إنما يؤشر الى محاولتهم تفادي النتائج الحتمية للحراك الجاري هناك. فأي تغيير سيحصل ومهما كان حجمه سيغير من قواعد اللعبة التي مورست منذ اكثر من ثلاثين عاماً. وهذا ما بدأ "الإسرائيليون" الإعداد له بعدما تبين لهم من خلال رصدهم للأوضاع المصرية لمدة أسبوع كامل أن الرئيس حسني مبارك لم يعد قادراً على الاستمرار. لقد اعطيت التعليمات في "إسرائيل" الى كل القيادات السياسية ووسائل الإعلام خلال الأيام الأولى لثورة الشباب في مصر بعدم التعليق أو التصريح أو الاستنتاج، لكنها اليوم بدأت تطرح مشكلتها أمام الراي العام. وقد تحرك المجتمع الدولي لحصر تداعيات ما يجري على "إسرائيل" والتي بدأت هي بدورها العمل على وضع سيناريوهات سياسية وعسكرية وأمنية لمرحلة ما بعد مبارك.
لا يمكن لحزب الله أن يرى هذه الصورة ولا يضع بدوره سيناريوهاته الخاصة للتعامل مع كل طارئ قد تقدم عليه الدولة العبرية، التي بدأت تستعيد الصورة التي كانت عليها قبل حرب العام 1973 وما نتج عنها من "سلام" مع مصر. إلا أن الحزب يرى في الوقت نفسه أن دول الطوق قد زادوا واحدة، بعدما استطاع نقل لبنان الى دور إقليمي كبير إثر ما حققه من انتصارات على العدو الإسرائيلي في محطتين تاريخيتين: إجباره على الانسحاب من جنوب لبنان سنة 2000، ومنعه من تحقيق أهدافه في الحرب التي شنها على لبنان في 2006 وما زالت محاولات تفادي تداعياتها مستمرة حتى اليوم من خلال المحكمة الدولية الخاصة.
ما يجب التوقف عنده أيضاً، هو الخطاب الذي ألقاه قائد الجمهورية الإسلامية في إيران الإمام علي الخامنئي يوم الجمعة الماضي في لحظة سياسية حرجة تنبئ بالكثير. لقد حكم القائد الإيراني على مسار الثورة المصرية بـ"الانتصار"، وهو بذلك قد قرأ سقوطاً مدوياً للمشروع الأميركي في المنطقة بعدما كان هناك تريث في الحكم عليه لهذه الناحية. الأمر عينه يظهر أيضا في الخطاب الأميركي الذي بدا بشكل جلي أنه يحمل جديداً عندما تحدث عن أن التغيير بات واجباً في منطقة الشرق الأوسط بما يتناسب مع تطلعات شعوبها. والسؤال هنا يطرح حول هذا الاهتمام الأميركي المفاجئ بهموم أهل المنطقة، في الوقت الذي لم يكن يتواجد فيها بالنسبة اليهم إلا "إسرائيل". فماذا يعني هذا الاهتمام والى أي جهة سيتجه؟. وماذا ستكون نتائجه على المستويات السياسية كافة؟. وما هي عناوين ذلك التغيير، هل هي الأنظمة أو شعوبها أو الجغرافيا السياسية التي تحكمها؟.  
في هذا المناخ فإن حزب الله موجود في كل مكان وبشكل مكثف، لا سيما على خطوط التطورات الإقليمية والدولية. فهو يعرف بأن تفاعلات الوضع الداخلي اللبناني إنما ستجري على وقعها مهما كانت تصورات الحائكين له. كما هو موجود على خطوط الاستعداد الذي لم يغفل عنه طيلة الفترة الماضية تحسباً لأية مفاجآت عدوانية تهدف الى إعادة خلط الأوراق من جديد، والتي هي إحدى أهم المنافذ لدى "إسرائيل" بالرغم من حالات التقهقر التي تعيشها. أين حزب الله؟. .ربما هذا ما سيشرحه أمينه العام السيد حسن نصرالله  في إطلالته المقررة اليوم!؟..     

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار