شطح – الماجد وصراع الإستخبارات!
شطح – الماجد
صراع الإستخبارات!
البناء 6 كانون الثاني 2014
محمد شمس الدين
بين طلب سعودي
باسترداد زعيم ما يسمى بـ"كتائب عبدالله عزام"، وطلب إيراني بالتحقيق
معه إثر اعتقاله من قبل مخابرات الجيش اللبناني بينما كان يفر بسيارة اسعاف في
منطقة الجمهور في شرق بيروت، "مات" أو "قتل"،
"الإرهابي" المدرج على لائحة المطلوبين الأكثر خطورة لدى العديد من
الدول العربية والغربية.
أمام إعلان الجيش
أن الماجد توفي في المستشفى العسكري في بيروت بعد تدهور حالته الصحية نتيجة الفشل
الكلوي الذي كان يعاني منه، فإن البحث في سبب ذلك لم يعد مهماً. فإن مات الرجل أو
قتل النتيجة واحدة. طار زعيم
"الكتائب" المتشدد الذي تنقلت أعماله الإجرامية بين العراق وسوريا
ولبنان حيث كان يسعى الى تفجير هذا البلد في سياق مخطط "وطني" سعودي بعد
فشل بلاده في كسب حربها المفتوحة في سورية أو بسط نفوذها السياسي بعد
"تقهقر" تحالفاتها العربية والدولية لا سيما مع الولايات المتحدة
الأميركية.
بـ"موت"
الماجد، أو "قتله"، نزلت الرحمة على الدولة اللبنانية لا سيما بعد مرحلة
"عاشت المملكة العربية السعودية"، وأصبح بإمكانها أن تمارس لعبة
"النأي بالنفس" عن أخطر التجاذبات التي تعصف بالمنطقة بين الإيرانيين
والسعوديين اللذين يرفض أحدهما التواجد حيث يتواجد الآخر، ذلك أن السعودية رفضت
حضور إيران في "جنيف 2" حول سورية المزمع عقده في 22 من كانون
الثاني/يناير الجاري، فيما تتواصل الجهود لإشراك طهران فيه باعتبارها عنصراً فاعلاً
في الإحاطة بالأزمة القائمة هناك كما لا يمكن تجاهل نفوذها في المنطقة لمجرد أن
"المملكة" لا ترغب بذلك. لكن السلطات اللبنانية التي كانت وافقت على
الطلب السعودي بالإسترداد، وافقت أيضاً على الطلب الإيراني بالمشاركة في التحقيق
بينما كان الجدل ما زال قائما على مستوى أعلى المواقع في الدولة حول الطريقة الأسلم
"للتخلص" من هذا الإحراج، ناهيك عن أن الأصوات كانت بدأت تتعالى حول
قانونية تسليم الماجد الى السعودية ومدى "سيادية" هذا الإتجاه. ما يرسم
علامة استفهام حول "موت" الماجد في هذه "اللحظة الحرجة" علماً
أن من كان يحاول تهريبه بسيارة الإسعاف ما كان ليخرجه من المستشفى لولا أن صحته
كانت بدأت تتحسن.
ما تداولته أوساط
أمنية في لبنان حول ورود معلومات من الإستخبارات الأميركية الى مخابرات الجيش حول
تفاصيل تحركات الماجد يجب التوقف عندها ملياً. فالمرجح أن الأميركيين يتابعون بشكل
دقيق كل الأشخاص من مستوى الماجد عبر العالم لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي الأميركي
الداخلي والخارجي، وهم يمتلكون القدرة استخبارياً على تنفيذ ذلك ما يعني أن اعتقال
الماجد لم يخرج عن كونه نتيجة للعبة استخبارات دولية وإقليمية أو بمعنى أدق،
"صراع" استخباري بين الأميركيين الذين يشاركون بشكل رئيسي في إدارة غرف
العمليات التي تشرف على القتال في سورية منذ اللحظة الأولى لاندلاع المعارك، وبين
السعوديين الذين استعادوا مكانتهم أو انفردوا في إدارة العمليات داخل سورية
ووسعوها باتجاه لبنان والعراق بعد أن وقعت الواقعة بينهم وبين الأميركيين عقب
تراجع هؤلاء عن شن العدوان الموعود على سورية في آب – أيلول 2013.
في 27/12/2013
اغتيل رجل الولايات المتحدة في "حزب المستقبل" ومستشار رئيسه سعد
الحريري في وقت يعرف فيه الدكتور والدبلوماسي السابق بأنه بات "العقل"
الذي يرسم الإستراتيجيات للقيادي السني الأبرز الذي تعول عليه وتتمسك به المملكة
العربية السعودية كأحد "أحصنتها" التي تخوض السباق الى السيطرة والنفوذ
في المنطقة عبر لبنان كـ"وطن بديل" أو عبر سورية التي وعد نفسه أو وعدته
الرياض أنه سيعود "فاتحاً" عبر مطارها، في حين أجمعت التقارير الأمنية
على أن الأسلوب الذي حصل فيه اغتيال العقل
الأميركي في بسيارة مفخخة هو نفسه الذي دأب على استخدامه رئيس الإستخبارات
السعودية بندر بن سلطان في حربه على لبنان وسورية وتالياً الولايات المتحدة التي وجهت
للسعودية وبندر شخصياً صفعة مدوية بتراجعها عما كانت التزمت به حيال سورية
والسياسة السعودية لا سيما توجيه "الضربة العسكرية" وانقلابها باتجاه
إيران "عدو" السعودية وتخريج الأزمة السورية عبر حل ملفها
"الكيماوي" وبدء حربها ضد الجماعات التكفيرية التي باتت "العمود
الفقري" للإستخبارات السعودية في تنفيذ مخططها التدميري في ما يعرف
بـ"الهلال الشيعي" الذي يقف عند الحدود الإيرانية – العراقية لعدم قدرة
بندر وجماعاته المسلحة على اجتيازها.
قررت الإستخبارات
الأميركية أن ترد "تحذيرياً" على ضربها بقتل شطح فسلمت الماجد في محاولة
لقطع أحد أذرع رئيس الإستخبارات السعودية وتوجيه رسالة قاسية لأجهزته ما يشير الى
أن الأزمة بين الرياض وواشنطن قد تستعر الى مستوى قياسي قد يحرق الكثير من المناطق
والمراحل معاً.
تعليقات