هؤلاء من قتل محمد شطح

هؤلاء من قتل محمد شطح
البناء 30 كانون الأول 2013
محمد شمس الدين

مع كامل الإدانة لمقتل محمد شطح، فإن ما حصل لم يكن بعيداً عن التصوّر.. بل كان شديد التوقع أن تطال يد الغدر شخصية مثل مستشار الرئيس سعد الحريري وغيره وذلك استكمالا لمشروع الفتنة في البلاد والتي لم تنجح حتى الآن بالرغم من الإغتيال الأخير في فرض منطقها على الساحة اللبنانية ولا على أطرافها على شدة الخصومة بينهم.

لا شيئ يمكن أن يخدمه قتل محمد شطح أكثر من الفتنة وكل ما عدا ذلك هو هرطقة. لكن السؤال المطروح هو أن الفتنة إذا ما حصلت ستكون لصالح من؟.. إضافة إلى أن الساعين إليها لم يعودوا مجهولين. إنهم يؤشرون على أنفسهم بأفعالهم ناهيك عن أن الخلافات السياسية الإقليمة والدولية باتت تعبر عن نفسها في اغتيال هنا أو تفخيخ هناك حتى ولو كان المستهدف من ضمن من هم في "الصف الثاني" أو من يقال لهم "العقول الإستراتيجية" التي توكل اليها مهمة رسم السياسات والمخططات.

محمد شطح كان من بين هؤلاء الذين تعتمد عليهم الإدارة الأميركية التي عبرت عن خسارتها وحزنها الشديد لفقده، قبل أن يعتمد عليه الحريري في موقعه الحالي. ذلك أن المغدور كان صاحب موقف جرئ حيال الموضوعات الخلافية المطروحة على الساحتين اللبنانية والسورية انطلاقاً من أزمة الأخيرة والتي أربكت في ما توصلت اليه من نتائج ميدانية وسياسية كل الإستراتيجيات التي وضعت بشأنها إن إقليماً أو دولياً الى درجة أنها أخلّت بموازين التحالفات بين حلفاء تاريخيين كالمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية ليرسم السؤال التالي: أين يقف محمد شطح من هذا الخلل؟؟. وما هي التقاطعات التي من شأنه أن يراعيها؟؟... السؤال هنا حول شطح لا يعنيه بالتحديد بل يشير إلى كل من يقف موقفه في هذه المرحلة وصولاً الى رأس الهرم لبنانياً مروراً بكل مكونات القوى التي ينضوون تحت لوائها!.

إن الجواب على ذلك يكمن في المثل الشعبي القائل "عند تغيير الدول إحفظ رأسك"!.. وفي الحالة التي أمامنا فإن التغيير قد طال مفصلاً أساسياً في علاقات الدول وبدأ يرسم معالم طريق محتلفة عما تم اعتماده على مدى العقود الثلاثة الأخيرة على الأقل وهو في الحقيقة ما يجب تسليط الضوء عليه لمعرفة أن الخلاف الأميركي – السعودي قد يدفع باتجاه العديد من عمليات تصفية الحساب أو محاولة محاصرة الآخر كجزء من الحرب المنتشرة في المنطقة والتي باتت أطرافها واضحة كما عمليات الإصطفاف التي شهدتها منذ تراجع واشنطن عن شن عدوانها على سورية بما يكفل تحقيق الآمال السعودية بتغيير طالما حلموا به على جبهتها تمهيداً لمشروع أكبر قاده الأميركيون قبل أن يعودوا وينقلبوا عليه.

ما أشارت إليه المعلومات الأولية حول عملية التفجير "الثانية" في وسط بيروت والتي سربت من الأجهزة الأمنية اللبنانية وتداولتها وسائل الإعلام المختلفة تحدثت عن نوع السيارة وركنها والأشخاص الذين سرقوها وأسماءهم والأماكن التي زارتها ومنها مخيم عين الحلوة في صيدا، كما تم ذكر مخيم شاتيلا في بيروت، وهي نفس الأماكن التي جرى الحديث عنها في حادثة التفجيرين الإنتحاريين اللذين استهدفا السفارة الإيرانية في بيروت قبل حوالي الشهر من هذا التفجير لتتجه الأنظار إلى "فاعل واحد" وهو تلك الجماعات التكفيرية التي تدّعي الولايات المتحدة "حليفة شطح" محاربتها، في حين تديرها المملكة العربية السعودية "خصم أميركا الشديد في هذه المرحلة وحليفة شطح" أيضاً، عبر جهاز استخباراتها ورئيسه بندر بن سلطان الذي يدير معركة سورية من خلال استهداف الساحة اللبنانية ومحاولة تفجيرها للنيل من خصومه السياسيين وفي مقدمتهم حزب الله.

كالعادة لم ينتظر الذين أطلقوا الإتهامات الفورية ووزعوها يمنة ويسرة فور إغتيال شطح أية نتائج للتحقيقات التي تجريها الأجهزة الأمنية لتحديد ملامح الجهة التي من الممكن أن تكون مسؤولة عن عملية التفجير، ولا نظروا إلى العديد من العوامل المحيطة التي تجعل هذا النوع من العمليات جزءً من الحرب السياسية القائمة بين الدول، بل صمّوا آذانهم حتى عن تلك المعلومات التي تم تداولها وتشير بما لا يدع مجالاً للشك بأن فاعلها على الأقل ليست الجهة التي وجهوا اليها الإتهام.. لقد بدأوا الصراخ حتى علا الى ما فوق الحقائق لأن الذي يريدونه هو فقط عملية التوظيف السياسي الذي يخدم مشروع الفتنة الذي يسعى اليه مشغلوهم في المملكة الخليجية الأكبر.



       

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار