"ثمانيات" حزب الله

"ثمانيات" حزب الله
البناء 16 كانون الثاني 2014
محمد شمس الدين

نعم.. وافق حزب الله على الصيغة الحكومية المعبر عنها بـ(8 – 8 – 8). ذلك أن مصلحة البلد تقتضي ذلك فالحزب لم يعمل مطلقاً إلا ضمن هذه المعادلة. لكن الآخرين لا يريدون أن يفقهوا أن هناك من يرى في أن تلك المصلحة هي فوق كل اعتبار. ما من شك أن شيئاً قد استجد حتى تم القبول بالصيغة التي اقترحتها قوى 14 آذار لتشكيل الحكومة. فإصرار حزب الله بداية لم يكن تعنتاً فارغاً بل كانت له أسبابه وعندما زالت بدل موقفه ووافق.. ولم يتنازل.

هو ما يوصف أو وصفه الرئيس نبيه بري بـ"تدوير الزوايا" وحتى يكون كذلك، فإن الزوايا بالمبدأ يجب أن توجد حتى يصار الى تدويرها. وهذا بالفعل ما حصل، ولا يزال الكثيرون يفتشون عن "الأسباب" ويحاولون تفسير الأمور ولكن..

قد تولد الحكومة في غضون الأيام المقبلة وإن طالت نسبياً ولكنها لن تتعداها، ذلك أن البحث يجري في الحقائب وتوزيعها بعدما تم الإتفاق على المبدأ. هذا ما أبلغه رئيس حزب المستقبل سعد الحريري لحليفه سمير جعجع، "نحنا ماشيين" قال الأول للثاني بلهجة حاسمة، الأمر الذي أربك رئيس "القوات" وبات الداعشي المتطرف لدى الداعشيين.

ما استجد قام على تبدل موقف الشخص الأكثر والأسرع تبدلاً على الإطلاق. إنه مرة جديدة وليد جنبلاط، ولكن من دون أية عراضات فالأمور لا تحتمل "البروباغندا" وسط النار الملتهبة القابلة للإندلاع من كل حدب وصوب، وهو ممتن أيضاً من جهته لوجود رئيس المجلس النيابي المصغي الدائم له في اقتراحاته.. فعلى ما يقول المقربون من الرئيس بري أنه كان يردد دائماً انها "ستأتي من جنبلاط.. فانتظروا"!.

قرر الأخير أن يبقي على موقعه كـ"بيضة قبان" أو ربما أعجبه أن يطور ذلك الى "بيضة الملك"، إلا أن "البراغماتية" التي يعتد بها وليد بك أثبتت أنها مفيدة في بعض الأحيان. لكن إستدارته الأخيرة التي جاءت نتيجة تنسيق ومخاض دولي للبحث عن مخارج انسجاماً مع الحراك الجاري للحل، أخذت وقتاً طويلاً نظراً للظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة وسط الحدة في المواقف والفرز الكبير الذي تشهده لا سيما وأن النار مشتعلة ولا مؤشرات على أنها ستنطفئ قريباً. كما أنه كان قد ذهب بعيداً في الرهان على نتائج الحرب على سورية وفيها وقد هيأ نفسه وآخرين للمشاركة في قيادتها بعد العديد من العنتريات التي عرضتها الدول الكبرى قبل الصغرى في "التدخل" لحسم الموقف، أو تقديم الدعم للجماعات المسلحة. هكذا كان المشهد قبل أن "يرى" جنبلاط مجدداً أن اتجاه الريح ليس كما يشتهي أو كما بدت عليه الأمور.. لم يكن الإنقشاع جيداً.. بادر الرجل إلى التلميح والتصريح بأن الرئيس بشار الأسد قد انتصر بعدما تراجعت الولايات المتحدة عن شن عدوانها على سورية. وقتها آمن جنبلاط بأن حلف المقاومة والممانعة أقوى مما تصور يوماً وأن هذا الحلف قادر على قلب الطاولة على روؤس الجميع على الأقل وهو ما تخشى منه دول في اللحظة الحاسمة.

لقد وافق حزب الله على الدور الجديد لوليد جنبلاط بعد الحصول على "ضمانات" الرئيس بري، كما يشير مسؤولون فيه، عدا عن أن عمر التركيبة الحكومية المزمعة ليس طويلاً، الأمر الذي لا يستأهل الخوض في تفاصيل ستكون آيلة الى التغيير بعد مدة وجيزة تكون معها بعض الأمور قد انجزت داخلياً وإقليمياً ودوليا، علماً أن الموافقة على الثلاث ثمانيات لن تبدل من موقف حزب الله من سورية ولا من رئيسها كما لن تسحب مشاركته من القتال هناك وهي المطالب التي يلح عليها فريق 14 آذار في لبنان تلبية لمطلب دولي عربي وتحديداً سعودي تعول المملكة على تحقيقه ظناً منها أنها تستطيع بعده قلب المعادلة الميدانية لصالحها في سورية في تجاهل غير مبرر لقوى الجيش السوري الذي يمسك بزمام الأمور والمبادرة في آن، وهو ما ثبت بالدليل لدى الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية ناهيك عن الآثار المترتبة على ذلك لدى دول أوروبا التي بادرت الى إجراء اتصالات واسعة النطاق مع السلطات الأمنية السورية والإستخبارات لدرء مخاطر المسلحين التكفيريين عن بلادها في حين أن تلك الإتصالات بدأت مع الجهات المختصة في الحكومة السورية لإعادة دبلوماسييها الى سفاراتهم في دمشق ما يقتضي عودة السفراء السوريين الى مراكز عملهم في السفارات السورية في تلك الدول.

لا شك في أن تدوير الزوايا بـ"ضمانات" سيفتح المجال أمام عقد حكومي جديد قد يؤسس لتفاهمات تنطلق من لبنان هذه المرة باتجاه بعض الدول العربية وفي مقدمتها السعودية الذي أعلنت إيران أنها تسعى الى أفضل العلاقات معها.  




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار