استهداف خطوط الإمداد
استهداف خطوط الإمداد
البناء 19 كانون الأول 2013
محمد شمس الدين
تتصاعد حدة الحرب
الأمنية تدريجياً بعدما ظهر أن الجماعات المسلحة التي تقاتل في سورية بدأت توجه
سياراتها المفخخة وعبواتها الى لبنان تحت عنوان النيل من حزب الله وجمهوره
ومناطقه. ذلك أن قرار المملكة العربية السعودية واستخباراتها قد حدد لبنان هدفاً
استراتيجياً في حربها المفتوحة سياسياً وامنياً في محاولة ليس للضغط فقط على ما
يبدو، بل لخوض المعركة فيه امتداداً لما يجري في سورية.
آخر السيارات
المفخخة التي انفجرت في منطقة اللبوة البقاعية وتم تحديد "يبرود"
السورية كمصدر لها تندرج في إطار معركة القلمون حيث تستمر عمليات الجيش السوري
وحلفاءه للسيطرة على معاقل المسلحين في "يبرود" و"رنكوس"
بعدما تمت السيطرة على "قارة" و"النبك" اللتين
كانتا محطتين رئيسيتين لانطلاق السيارات المفخخة التي تجهزها الجماعات المسلحة من "جبهة
النصرة" وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، الممولتين
سعودياً، باتجاه القرى والمدن في لبنان وخاصة تلك التي يتواجد حزب الله فيها.
مصادر عسكرية سورية تقول إن السيطرة على هاتين البلدتين في جبال القلمون
سيقضي على كل امكانيات المسلحين في اتخاذ مقرات أخرى في بلدات تلك المنطقة لأنها
لن تستطيع الصمود أمام تقدم الجيش باتجاهها لأسباب عديدة منها جغرافيتها، وبذلك
تكون أماكن تجهيز السيارات المفخخة قد تم على الأقل ضربها كخطوة على طريق قطع خطوط
انتقالها الى لبنان حيث يجب بحسب المصدر نفسه إجراء عملية جراحية لاستئصال الممر
الإجباري لتلك السيارات عبر بلدة عرسال التي تقع على سلسلة جبال لبنان الشرقية وتشترك
مع سورية بخطّ حدودي يبلغ طوله حوالي 50 كلم.
وتشير المصادر نفسها الى أن معظم السيارات التي يتم تفخيخها في يبرود يتم
شراؤها من لبنان وعبر وسطاء في عرسال وشركاء لهم في طرابلس في شمال البلاد، معتبرة
أن الإبقاء على هذا المعقل (عرسال) من دون معالجة سيصعب من درء خطر التفجيرات،
خاصة وأن تلك المنطقة باتت تحت سيطرة "جبهة النصرة" وتنظيم "الدولة
الإسلامية في العراق والشام" وهو أمر لا يخفى على السلطات اللبنانية وحزب
الله أيضاً، لكن الأخير يعمد إلى تنفيذ خطة أمنية صارمة حالت حتى الآن دون وقوع
العديد من الحوادث الدامية التي تم إحباطها سلفاً.
ما ينفذه حزب الله من إجراءات أمنية لم يقتصر على الضاحية الجنوبية لبيروت
بعد التفجيرات التي ضربتها بل تعدتها الى كل مناطق تواجده لا سيما في البقاع بهدف
حماية البلدات والقرى والمدن المنتشرة في شرق لبنان والتي تشكل بمعظمها خطوط إمداد
لعناصره التي تنتقل للقتال في سورية وهو الأمر الذي لم يعد خافياً، في حين أن تلك
الخطوط كان بدأ استهدافها منذ زمن، إلا أن تركيز أعدائه بات أكثر عليها بعدما
استطاع الحزب إفشال الكثير من عمليات التفجير في عمق المناطق عقب خطة الضاحية التي
تشارك فيها القوى الأمنية اللبنانية، ورفع درجات الحيطة والحذر في كل أماكن
تواجده.
لا يخفف مسؤولون أمنيون من أهمية تفجير السيارة قرب اللبوة أول من أمس على
طريق فرعية، مشيرين الى أن حزب الله قد استحدث العديد من الطرق الفرعية للتنقل
عبرها تاركاً الخطوط الرئيسية بعد تفجير واكتشاف عبوات مستهدفة مواكبه التي تمر
عليها، ولذلك فإن تلك الطرق تخضع لدوريات مراقبة مستمرة ما أدى إلى تفجير السيارة
الذي تم عن بعد قبل بلوغها هدفها الأخير.
لن تتوقف الحرب الأمنية بالمدى المنظور، فالعمليات العسكرية التي يشهدها
"القلمون" ستأخذ حيزها بشكل كامل، لكن لا خوف على النتائج، فالأمور بحسب
الأمنيين أنفسهم سائرة باتجاهها الصحيح تمهيداً لما يمكن أن يوصف بالجراحة على الحدود
وتحديداً في عرسال التي تم تجهيز خططها منذ زمن الإعتداءات التي حصلت على الجيش
اللبناني فيها، في حين أن المعلومات متوفرة بالكامل عن الجماعات الناشطة هناك
واعدادها وتسليحها بانتظار القرار في اللحظة المناسبة.
تعليقات