سياسة.. "مكافحة الإرهاب"
سياسة.. "مكافحة الإرهاب"
البناء 10 تشرين الأول 2013
محمد شمس الدين
تتقدم عملية تدمير
المخزون الكيميائي السوري باضطراد بإشراف دولي وتعاون كامل من قبل الحكومة السورية
نال ثناء الدول التي كانت بالأمس تعرب عن غضبها من تلك الحكومة وقيادة هذا البلد
التي استطاعت استيعاب الهجمة الشرسة عليها منذ ما يقارب الـثلاث سنوات تارة بالحرب
وطوراً بالسياسة والدبلوماسية، إلا أن الحزم كان سمة كل المواقف التي اتخذت وصولاً
الى المرحلة الحالية التي تمخضت عن عودة الإعتراف الكاملة بالقيادة السورية ممثلة
بالرئيس بشار الأسد ما أعاد خلط الأوراق لدى كل الدوائر السياسية على امتداد
العالم من دون استثناء.
إلا أن خلط
الأوراق ذاك، يختلف بين بلد وبلد وعاصمة وأخرى فلكل حساباته بعد سيل من المواقف
التي كانت صدرت عن قيادات ومرجعيات من مستويات عدة في خارج بلادها أو في داخلها، لكن
ما يتعلق بلبنان قد يجعل المشهد مختلفاً نظراً لصلته بسورية جغرافياً وديموغرافياً
ناهيك عن العلاقات السياسية الوثيقة التي لم تنجح محاولات محلية وعربية ودولية في
إحداث اي شرخ فيها حتى مع استخدام القوة.
اختلطت المواقف
وتعثرت الخطوات. هذا باختصار حال لبنان واللبنانيين بعد التحول الذي طرأ على
الموقف الأميركي تجاه سورية عقب سلسلة اللقاءات بين قطبي الدبلوماسية الدولية وزير
الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري اللذين على ما يبدو خرجا
باتفاقات لم يكشف النقاب عن أغلبيتها بحسب مصادر دبلوماسية عربية قالت إن الإهتمام
الأميركي بات مركزاً على "فرط العقد" الذي تم صوغه في المنطقة عامة وسورية
خاصة على مستوى "الجماعات المسلحة" بعد خروجها عن السيطرة وما يمكن أن
تشكله من خطر على مصالح الولايات المتحدة في الخارج كذلك الخوف من حوادث داخلية
كتلك التي حدثت في 11 أيلول الشهيرة، مشيرة الى أن قناعة دولية نشأت بعد سلسلة
الجرائم التي ارتكبت في سورية وأذيعت علناً، وعدم تمكن الجهات الدولية والعربية من
"لملمة صفوف ما يسمى بالمعارضة المسلحة" ضمن رؤية ولو متقاربة لبناء
هيكلية تنظيمية تستطيع قيادة العديد من المراحل التي مرت، ما جعلها غير موثوقة في
قدرتها على ممارسة الحكم والإلتزام بمعاييره، الأمر الذي شكل رأياً عاماً عالمياً
سيكون له تأثيره المباشر على مسار الحكومات مهما بلغت محاولات تطويقه.
تضيف المصادر أن
عمليات "مكافحة الإرهاب" الدولية والتي باتت سورية جزءاً اساسياً منها
وباعتراف دولي ينم عن حاجة الدول الى السيطرة على تلك المجموعات التي تحولت الى
أطر كبيرة الحجم بفعل الدعم العشوائي الذي تلقته في حين صار من الصعب لجمها أو
الموافقة على بقائها طليقة ما يهدد بفوضى عارمة ستكون أصعب على الأنطمة الحاكمة في
المنطقة وعلاقاتها الدولية.
لقد التزم
الأميركيون في اللقاءات الثنائية مع الروس في جنيف بإقناع شركائهم العرب بضرورة
اعادة النظر بموقفهم من الرئيس السوري تحت عنوان مكافحة الإرهاب خاصة أن كبير
هؤلاء الشركاء، المملكة العربية السعودية، قد اتجه الى اسقاط "حكم الإخوان"
في مصر وتبعتها دول عربية عدة ما اعتبرته الولايات المتحدة "طعنة في
الظهر"، إلا أنها تجازوتها من أجل تحقيق الأهم بنظرها وهو عودة الإستقرار الى
المنطقة بعد سلسلة العواصف التي ضربتها حتى من دون إحراز أي تقدم على مستوى إعادة
صياغتها، أو على الأقل الإتجاه الى "تهدئة اللعب" في الفترة الحالية إذ
لا يمكن الإنتقال الى "مشروع الشرق الوسط الجديد" وسط هذه الحالة
السائدة من الإضطراب الذي من الممكن أن
ينفجر في وجهها من دون أن تكون قادرة على السيطرة عليه لاسيما وأنها ترى بأم عينها
العجز العربي عن إدراة المشاكل التي تشظت في المنطقة.
ما تم الإتفاق
عليه بين الروس والأميركيين سيخطو بـ"هدوء حذر" نحو التطبيق وبشكل
تدريجي لإعادة التوازن الى لعبة الشرق الأوسط بين القطبين الدوليين، من دون إغفال
"العناصر الجديدة" نسبياً المتمثلة بالجمهورية الإسلامية في ايران التي
دخلت على المعادلة من بابها الواسع وقد أبدت الولايات المتحدة مرونة باتجهاها في
نيوييورك وهي تتحفز لملاقاتها "بوجه ضاحك" في محادثات جنيف المقبلة حول
ملفها النووي.
تعليقات