نعتذر.. ظروف غير ملائمة للزيارة
نعتذر.. ظروف غير ملائمة للزيارة
البناء 3 تشرين الأول 2013
محمد شمس الدين
الغاء زيارتين لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان دفعة واحدة في أقل من
أسبوع أمرٌ لا يمكن التغاضي عنه بعد أن كان الرجل هيأ نفسه للسفر متأبطاً ملفاته العديدة
لا سيما منها ملف النازحين السوريين الى لبنان والهمّ المتزايد والخوف من مستقبل وجودهم
على أراضيه على الرغم من أن الهدف المباشر هو تأمين مساعدات مالية لإعانة البلد على
مواجهة هذه الأزمة المستفحلة إضافة الى الهمّ الأساس للرئيس الذي يتمثل بإعلان بعبدا
وحشد التأييد الخارجي له بعدما سقط داخلياً لاعتراض جهات رئيسية عليه لعدم تلاؤمه مع
الظروف المستجدة بعد تطورات الوضع في سورية.
إذا كان مبرر المملكة العربية السعودية الذي قُدّم لإلغاء الزيارة هو مَرضُ
ملكها فما هو يا ترى مبرر الإمارات العربية المتحدة التي سارعت الى العمل بالمثل بعد
أقل من ثلاثة أيام على إلغاء الرياض لزيارة سليمان؟ ما يؤكد أن المرض ليس هو الذي حال
دون اتمامها في اللحظة الأخيرة وإنما المستجدات الدولية بعد الإتفاق الروسي الأميركي
على ملف السلاح الكيماوي السوري ووضع مؤتمر جنيف ـ 2 على سكة الإنعقاد ناهيك عن الحرارة
الأميركية في استقبال الضيف الإيراني في الولايات المتحدة على هامش اجتماعات الجمعية
الـ68 للأمم المتحدة في نيويورك وهو ما أزعج السعودية الى حد الغضب الذي دفعها الى
إلغاء كلمتها في المحفل الأممي تحت عنوان ما استجدّ من مواقف حيال الأزمة السورية وحصرها
بالسلاح الكيماوي.
لا بدّ أن لكل تلك التطورات على الساحة الإقليمية والدولية أثراً بالغاً في
قرار إلغاء زيارتي رئيس الجمهورية الى السعودية والإمارات اللتين لم تجدا في ظل هذه
الظروف ما يقال للرئيس اللبناني وتحديداً في ما يحمله من ملف سياسي قد لا يتناسب اي
موقف حياله مع ما يمكن أن تنحى الأمور في اتجاهه في المرحلة المقبلة التي ينتظر الجميع
نتائجها بعد حراك عاصف استطاع فيما بعد تجميد عدوان عسكري على سورية كاد أن يطيح بالمنطقة
ويهدد الأمن العالمي بالخطر.
لقد شعرت السعودية وبعدها الإمارات هذا إذا لم تكونا تعلمان أن الرياح قد تغيرت
باتجاه إيران وسورية وحلفائهما في المنطقة في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة أزمة سياسية
حادة بين الحزبين الرئيسين اللذين يحكمانها اتخذ طابعاً اقتصاديا الى درجة شل معها
دوائر حكومية رئيسة وهو ما لم يكن بعيداً عن تاثيرات المواقف الأخيرة للإدارة الأميركية
التي يقودها باراك أوباما وتلك المتعلقة بقدرة اللوبي الصهيوني في بلاد «العم سام»
التي تستضيف رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو والتي انعكست تراجعاً مباشراً في
موقف الرئيس الأميركي حيال إيران وملفها النووي بعد أن كان اعترف لها بحقها في امتلاك
برنامج طاقوي سلمي في الأمم المتحدة الأسبوع الماضي.
من المرجّح أن الرئيس اللبناني يعلم أن تلك هي الأسباب التي دفعت باتجاه إلغاء
الزيارتين كما يُرجَح أنه متفهم للظروف التي لا يستطيع هو أيضاً أن يتجاوزها باتجاه
طرح صيغته المتمثلة بـ»إعلان بعبدا» الذي لم يعد له مكان فيما المنطقة مقبلة عليه لاسيما
أن للبنان دوراً اساسياً في صياغته عبر دوره في سورية وعبر شراكته في الحلف الذي وقف
بوجه العدوان الأميركي و»غزوة التكفيريين» في لبنان وسورية والتي باتت الدولتان العظميان
بحاجة الى مخارج من «ورطة» هؤلاء التي بدأت تتهيأ لتغزو مناطق عديدة في العالم.
لا شك بأن زيارات رئيس الجمهورية ستعوّض بعد اتضاح «الرؤية» لدى السعوديين وغيرهم
في المنطقة أو خارجها وهذا الامر مرتبط بشكل كامل بما سينتج عن جنيف ـ 2 حيال الأزمة
السورية وباقي الملفات حيث سيتحول هذا المؤتمر الى اجتماع دولي «ممتد» وعلى «حلقات»
لبحث ما هو «عالق» على خلفية ما كان الأميركيون يحضّرون له مع شركائهم في أوروبا وبعض
الدول العربية و»إسرائيل» تحت مسمّى «مشروع الشرق الأوسط الجديد».
السؤال الذي يطرح نفسه من جديد هو حول الدور الحقيقي الذي يلعبه لبنان في صياغة
مستقبل المنطقة وتاثيراته في ما يجري فيها وتجاهل البعض لهذا الدور فقط يندرج في إطار
ما يخدم مصالحهم الشخصية أو سياسات من يعتبرونهم حلفاء.. لمصالحهم الشخصية؟!.
تعليقات