بانتظار "جنيف 2": حرب من نوع آخر
بانتظار "جنيف 2": حرب من نوع آخر
البناء 14 تشرين الأول 2013
محمد شمس الدين
بانتظار عقد مؤتمر
"جنيف 2" حول سورية، تستمر المعارك على اشدها بين الجيش السوري
و"جحافل الجماعات المسلحة المتعددة الجنسيات" التي ما زالت بعض الدول
العربية مصرة على تغذيتها كآخر خرطوشة لها في الحرب التي فرضتها على سورية، على
أمل إحداث اختراق في الجبهة يغير مجرى الرياح أو على الأقل يحفظ
"مقعداً" او "صوتاً" في أروقة ذلك المؤتمر الذي سيرتكز في
تحديد اتجاهه النهائي على المعطيات الميدانية التي ستقدمها العمليات العسكرية
لاسيما في محيط العاصمة دمشق وأريافها.
لم تعد الخطط
العسكرية التي ينفذها الجيش السوري للقضاء على بؤر الإرهاب والمسلحين في البلاد
مستترة، بل تم الكشف عنها من خلال العديد من التصريحات لقياديين ميدانيين إضافة
الى ما تناقلته وسائل الإعلام عن مصادرها حول التحضيرات الجارية في المرحلة
الحالية لخوض معركة القلمون ومحوره في الزبداني السورية، وجرود عرسال اللبنانية –
السورية المشتركة، ما يمثل مثلثاً استراتيجياً من شأن السيطرة الكاملة عليه
وتطهيره تأمين الحماية الكاملة والنهائية للعاصمة دمشق وما تضمه من مؤسسات الدولة
المركزية، عدا عن أن ذلك سيستكمل من خلال ما يتم تنفيذه في الغوطتين الشرقية
والغربية لفك ارتباطهما بهدف شق صفوف الجماعات المسلحة وقطع طرق امدادها.
لا يشك أحد من
المراقبين أن التطورات السياسية التي جرت في الآونة الأخيرة كان لها تأثيرها على
سير العمليات العسكرية التي يقودها الجيش السوري، لكن في نفس الوقت لا يخفي هؤلاء
أن القدرة والحزم اللذين أظهرتهما القيادتين السياسية والعسكرية السورية كان لهما
الفضل الكبير في إجبار الولايات المتحدة الأميركية على الركون الى محادثات مع
الروس أفضت الى ما أفضت اليه من نتائج إن باتجاه عقد مؤتمر جنيف لإيجاد حل سياسي
للأزمة المستفحلة منذ ما يقارب الثلاث سنوات، أو بالنسبة الى تقهقر المسلحين على
الأرض وفقدان الدول الداعمة لهم الأمل في إحرازهم أي تقدم يبنى عليه بالرغم من
لجوئهم معاً الى استخدام أقذر الأساليب في الحرب عبر افتعال المجازر والجرائم ضد
الإنسانية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، الى زرع الفتنة الطائفية والمذهبية
التي شكلت العمود الفقري لمشروع الشرق الأوسط الجديد الأميركي – "الإسرائيلي"
وحلفائهما من العرب لتقسيم المنطقة وفق رؤيته الجديدة لها.
يسجل المراقبون
العرب والدوليون أن سورية وحلفائها لا سيما الأقربون منهم وتحديداً حزب الله، أنهم
فازوا بـ"النقاط" على التحالف الغربي - العربي – "الإسرائيلي"
في منطقتهم، كما يلاحظ هؤلاء أن وتيرة مطالبة حزب الله بالإنسحاب من سورية قد
تراجعت بشكل كبير ما يعني أن رهان التحالف على قدرة "الجماعات المسلحة
المتعددة الجنسيات" في تغيير الواقع على الأرض في سورية قد سقطت الى غير
رجعة، خاصة بعد سقوط مشروع العدوان الأميركي على سورية أمام تهديد محور الممانعة
في توسيع دائرة الحرب لإسقاط المنطقة برمتها في أتونها، الأمر الذي يشير الى أن
تلك الجماعات قد تركت لتواجه مصيرها المحتوم للتخلص من مخاطرها بعد العجز الدولي
عن احتوائها أو تقديم ما يرضيها وهي التي أصبحت شراذم متناحرة تشكل خطراً على
السلم والأمن الدوليين في وقت ما زالت دولة عربية بعينها وهي المملكة العربية
السعودية مصرة على إكمال مشروعها معهم ولكن فقط في سورية دون سواها إذ أن ما يحكم
تصرفها حقد أعمى تجاه تقدم إيران الإستراتيجي (سياسياً وعسكرياً) باتجاه موقع
ريادي في قيادة المنطقة.
في الوقت الذي
استطاعت فيه الولايات المتحدة الأميركية ممارسة "مونتها" على حلفائها في
أوروبا والدول العربية وحتى "إسرائيل" على الرغم من "حنقها"
لتبنّي ما التزمت به مع الروس حيال سورية، لم تستطع الدبلوماسية الأميركية من
تطويع موقف المملكة الخليجية حتى الآن، بل على العكس فإن مساحة الخلاف السعودي -
الأميركي قد اتسعت خاصة بعد السياسة التي اتبعتها الرياض في مصر ودورها في دعم
اسقاط "حكم الإخوان" وعزل الرئيس محمد مرسي، وما يعنيه ذلك من سقوط لخطط
بنت عليها الولايات المتحدة كل تصورها في المنطقة للأعوام الخمسين المقبلة، إضافة
الى ما تحاول "المملكة" القيام به من خطوات لا تنسجم مع سياسة الإدارة
الأميركية في غير مكان من العالم ومنها
لبنان الذي يعاني من أزمة حكومية اتضح ان لرئيس المخابرات السعودية بندر بن سلطان
الدور الأساسي في منع قيامها مع إصراره على خوض المعركة السياسية والأمنية في هذا
البلد حتى الرمق الأخير لأن فشله يعني سقوطه المدوي من السلطة السعودية المهترئة
التي تشرف على الدخول في صراعات إعادة صياغتها في لعبة قد تعيدها الى قرون خلت.
تقول مصادر
دبلوماسية على علاقة بالأمير السعودي "الأول" أنه يشعر بأن الولايات
المتحدة طعنته في الظهر بعدما تراجعت عن توجيه "ضربتها" العسكرية في
سورية، مشيرة الى أنه بذلك يحاول تبرير إخفاقه في إدارة مهمته الأساسية التي كلف
بها وأخذها على عاتقه يوم تسلم ملف إدارة الحرب في سورية وضد حزب الله ومشاركته
فيها والهجوم على الأخير في عقر داره، إلا أن رئيس الإستخبارات الخليجي ربما بدأ
فعلاً يشعر بالقلق بعدما فقد أحد أهم أركانه الميدانيين في لبنان، عمر الأطرش،
بصاروخ أعاد الى الذاكرة ما فعله "الكورنيت" بالدبابات الإسرائيلية في
2006 ولكن بأسلوب أمني قد يضع حداً لكل من
تسوّل له نفسه الدخول في لعبة الأمن في الحرب الدائرة في لبنان وسورية وربما..
المنطقة؟!.
تعليقات