عودة القصَيْر
عودة القصَيْر
البناء 6 حزيران 2013
محمد شمس الدين
عادت القصير الى كنف الدولة في سورية وبهذه العودة يمكن أن يقال إن العدّ العكسيّ
للأزمة المستفحلة هناك قد بدأ ولو ببطء شديد لأن الاستعجال ممنوع بحسب الخطط العسكرية
التي وُضعت لاستكمال المهمّة على جميع الأراضي السورية نقاط حساسة لها الأوّلية في
عملية طرد المسلحين واسترجاع المواقع كافة التي دُنّست من قبلهم ومن هذه النقاط قرى
محاصرة وأخرى تعاني من جور الجماعات المسلحة التي لم يكن لديها مهمّة اكبر من تدمير
البلاد مادياً ومعنوياً في خدمة المشروع الأميركي الصهيوني العربي في المنطقة.
ما ينتظره السوريون هو ما تحضّر
له الدولة في المرحلة القريبة المقبلة في القصير وهو ما وجهته القيادة العسكرية السورية
الى أهالي تلك المدينة وأريافها بتجهيز أنفسهم للعودة عندما تنتهي عملية تنظيفها من
الألغام والمخلفات الحربية لتأمين سلامتهم لكن عمليّة القصير لها استتباعات سينفذها
الجيش السوري في قريتي الضبعة والبويضة وربطاً سيكمل خطته للإطباق على كامل الغوطة
الشرقية في ريف دمشق لينهي بذلك مهمّة أساسية على مستوى البلاد.غير أن الأهم الذي وُضع على نار حامية من قبل القيادة السورية هو البدء الفوري بعملية إعادة بناء المناطق التي تُستعاد وذلك بالتزامن مع عودة أهاليها إليها كجزء من الحرب القائمة ولإثبات أن الدولة ستكون ساهرة على تأمين مستلزات العيش الكريم كافة وربما سترفع الشعار نفسه الذي رُفع بعد الحرب «الإسرائيلية» على لبنان في عام 2006 وهو «بنعمّرها أحلى ممّا كانت» وهو ما سينسحب على الأراضي السورية كافة.
مصارد مواكبة للتحضيرات الجارية
على هذا الصعيد قالت إن جزءاً كبيراً من الأموال المخصصة لإعادة الإعمار جاهزة في حسابات
لجنة خاصة ستشرف على صرفها وفق قواعد تراعي الأولويات وأن مساعدات عينيّة ضخمة قد توفرت
من أجل ضخّها لمن هو بحاجة إليها على أن يكون المحرك الأساسي لهذه العملية هو الناس
أنفسهم واندفاعهم بمبادرات فردية وجماعية وعبر لجان من المجتمع المدني لإعادة إعمار
ما تهدم.
في حسابات القيادة السورية أن الشروع
الفوري بالإعمار هو جزء من استراتيجية المواجهة التي تخاض والتي من الممكن أن تأخذ
وقتاً أطول ممّا هو متوقع لأن الأمر متوقف أيضاً على القوى الخارجية التي تخوض الحرب
في سورية إلا أنه من غير الجائز انتظار ذلك وإبقاء الناس بعيدين عن بيوتهم وأرزاقهم
وممارسة حياتهم الاعتيادية.
تشكّل عودة القصير الى كنف الدولة
حجر الزاوية في بناء استراتيجية «الانتصار» في الحرب المفروضة على سورية وليس على قيادتها
وحسب لأنها تمسّ أسس الدولة فيها كما أنها تُعتبر نقطة التحول الأولى في قواعد الاشتباك
العسكرية والسياسية في مسار صراع المشروعين في المنطقة إذ أن المؤشرات التي كانت متوقعة
ومنتظرة من قبل محور الممانعة يتوالى ظهورها من قَبل خطوة الأمس التي تمثلت بالإعلان
عن السيطرة الكاملة على مدينة القصير ومذ بدأت معطيات الميدان تتغير لصالح الجيش السوري
وانعكست على اتجاهات الريح الدولية التي تغيّرت فجأة وبرزت عبر وسائل إعلامية وصحافية
غربية تعبّر في الأغلب عن آراء الإدارات السياسية في واشنطن و«إسرائيل» وبعض الدول
الأوروبية ناهيك عن الدول العربية التي أظهرت بالأمس كل «لطافتها» من خلال ما رشح عن
الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة.
ما سيتجه اليه محور الحرب على سورية
هو منع تحقيق الانتصار بعد خطوة القصير من خلال الالتفاف على النتائج للإبقاء على ثغرة
مفتوحة أمامه لاستكمال عملية الضغط وهذا ما تدل عليه «لطافة» مؤتمر العرب الذي دعا
الى وقف إطلاق نار طالما رفضه سابقاً وشجّع على الحوار الذي كان يضع شروطاً قاسية عليه
لكن الجيش السوري وقيادته السياسية عازمة على سد كل الثغرات وستتابع مهمّة القضاء على
كل من عبث بأمن البلاد والعباد ودمّر الحجر وأحرق الشجر في حين أن الغرب يقف عاجزاً
عن تنفيذ تهديداته بالتدخل العسكري والتسليح تارة وفرض رؤيته للحل طوراً فيما واكبت
«إسرائيل» عن كثب تطورات الأوضاع الميدانية في القصير واستنتجت قبل غيرها بأن الأمور
قد بدأت تحسم لصالح الجيش السوري والرئيس بشار الأسد وأن عليها أن تعيد حساباتها بعدما
فقدت الى غير رجعة «اتفاق الهدنة» التي بنت عليه استراتيجيتها في الجولان.
تعليقات