سورية بين لافروف والفيصل
سورية بين لافروف والفيصل
البناء 24 كانون الثاني 2013
محمد شمس الدين
يستعدّ المبعوث الدولي – العربي المشترك إلى سورية الأخضر الإبراهيمي على ما
يبدو لمغادرة مهمته التي كلّف بها في هذا البلد بعد نحو 6 أشهر على تعيينه فيها، من
دون التوصّل إلى صيغة للحلّ، فيما خرجت موسكو أمس بموقف واضح لا لبس فيه أضاء على تفصيل
واحد بات يشكّل محور الأزمة في سورية، وهو بقاء أو رحيل الرئيس السوري بشار الأسد من
دون العودة إلى أي من المطالب التي شنّت الحرب عليه على أساسها.
لكن الموقف الروسي المتجدّد الذي أعلنه وزير الخارجية سيرغي لافروف في مناسبة
تقديمه جردة نشاط وزارته للعام الماضي، لم يكن محطة عابرة، خاصّة وقد أتى بعد يوم واحد
على إعلان الرياض على لسان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، أن «العرب» في مأزق
حقيقي ولا يدرون ما الذي يمكن أن يفعلوه في ما أسماه «المأساة» السورية المستمرّة،
على أمل أن يتم تحقيق المرجو منها «والفوز» بحسب تعبير الفيصل، بالنسبة إلى تحالفه
مع الغرب واتفاقه معه على البدء بإرساء قواعد «الشرق الأوسط الجديد»، من الشام، بعدما
سقطت الخيارات الأخرى في كل من العراق وتالياً لبنان، وصولاً إلى الفشل الذريع في تطويع
إيران عبر ثنيها عن متابعة تخصيب اليورانيوم وسط كل التهديدات ومن ضمنها الحرب.
وسط هذا التجاذب الدولي الكبير حول الأزمة في سورية يبرز اتفاق التصريحات على
أن الحلّ يكمن في الناحية السياسية، ويعترف الجميع بأنّ الحرب لن تؤدي إلّا إلى مزيد
من القتل والدمار ومن دون جدوى، غير أن الحلف الغربي – العربي يستمر في إرسال السلاح
والمسلحين إلى المواجهات، مع تأكده أنه لن يتمكن من لي ذراع الدولة في سورية، التي
ما زالت تواجه بقوّة كما في الأيام الأولى للأزمة مع إدخال الكثير من التعديلات على
تكتيكات الحرب التي يستعملها الجيش النظامي الذي أعلن أنه سيكشف عن مفاجآت قريباً جداً،
وتحديداً في ريف دمشق على خلفية بدئه حملة قد تؤدّي إلى تنظيف كامل المنطقة من المسلحين
وإعلانها آمنة أمام المواطنين السوريين وغيرهم من الأجانب.
لقد حدّد التحالف الغربي – العربي ثمناً واضحاً لـ»وقف النزف» أو التراجع، وهو
«سقوط الرئيس» حتى لو لم يؤدّ ذلك إلى إجراء التغييرات التي يعلن عنها، وبذلك تتعقّد
الأمور لأن الحرب المفتوحة صار لها هدف واحد لا هدفان، على أن يُصار إلى مناقشة كافة
الخلافات بعد هذه المرحلة، فاستمرار الأسد في موقعه من شأنه فتح المواجهة مع كل من
مسّ سورية ودورها بسوء في حال توقفت الحرب.
وفي هذا السياق، كان لما أعلنه رئيس الدبلوماسية الروسية عن أنه لا حلّ ولو
سياسياً من دون الرئيس السوري، رداً مباشراً على هذا «الثمن» ما يؤكّد على استمرارية
الأزمة وضرورة العمل على التعايش معها أطول فترة ممكنة، كما توقعها نائب وزير الخارجية
الروسية ميخائيل بوغدانوف وقد لا تقل عن سنتين أي إلى عام 2014 تاريخ انتهاء ولاية
الرئيس السوري، إلّا أنّ الخلاف يبقى قائماً في أي حلّ سياسي على دور الأسد المستقبلي
ووفق أية أجندة دولية.
ما تؤشر إليه تلك التصريحات و»التوقعات» هو أنّ الأزمة مستمرّة بعنف إلى حين
ظهور معطيات ميدانية تعيد خلط الأوراق من جديد. فيما تؤكد أوساط دولية أن التقارير
التي ترد إليها تسلّط الضوء على تراجع العنف في كل مناطق الاشتباكات إلى ما دون الـ
50%، وذلك نتيجة سيطرة الجيش السوري على كثير من النقاط الساخنة وقضائه على المسلحين
فيها، ودائماً بحسب الأوساط الدولية التي أشارت إلى أنه لحقت بمن وصفتها بـ»المعارضة
المسلّحة» خسائر بشرية كبيرة قُدّرت بالمئات، كان لها التأثير المعنوي الكبير على أدائها
وانسحاب العديد من أفرادها من ساحات القتال والسعي إلى الخروج من سورية، حيث نجح البعض
بذلك بالرغم من كل الإغراءات التي تقدّم لهم لا سيّما على الصعيد المادي.
يقودنا هذا الكلام إلى أن البحث في أية حكومة انتقالية تُنقل إليها صلاحيات
الرئيس السوري كاملة، أمر غير وارد على الإطلاق ذلك لأن الأسد نفسه لن يرضى به إذ لا
يتوافق مع بنود الدستور السوري، ناهيك عن عدم رضى المنظومة السياسية الإقليمية و الدولية
التي يشكّل الرئيس الأسد جزءاً محوريّاً فيها وفي منطقة يدور مجمل الصراع حول موقعها
ودورها.
تعليقات