سورية.. بعد اغتيال القادة منطقة على شفير الحرب
سورية..
بعد اغتيال القادة
منطقة
على شفير الحرب
البناء
23 تموز 2012
محمد شمس الدين
اشتدت المعارك في
سورية عقب الإنفجار الذي وقع في مبنى الأمن القومي في دمشق وأودى بحياة قادة عسكريين
كانوا يشكلون خلية ازمة على امتداد الشهور السابقة. لكن الضربة الأليمة التي تلقتها
الدولة في سورية سرعان ما تحولت الى قرار لا رجعة عنه في إكمال الحرب الى آخرها حتى
القضاء على المسلحين أو تسليمهم لأنسفهم أو فرارهم من البلاد إذا ما تمكنوا من ذلك.
ما تؤكده معلومات
الساعات الأخيرة حول طبيعة الحرب الدائرة هناك أن كماً كبيراً من المسلحين قتل في جولة
دمشق الاخيرة وأن قسماً كبيراً منهم وهم من جنسيات غير سورية ينتمون بمعظمهم الى تنظيمات
متشددة ويخوضون حربهم على أسس مذهبية وطائفية و"جهادية" مدفوعة الأجر من
دول ترعى مصيرهم ومسارهم، في حين كشفت التقارير أن جميع المسلحين الوافدين الى سورية
يخضعون لدورات تدريبية سريعة في دول مجاورة منها العراق والأردن على يد ضباط بريطانيين
تحت إشراف المخابرات الخارجية البريطانية (أم أي 6) يتم خلالها إطلاعهم على احدث الوسائل
القتالية والأساليب الفعالة في حرب الشوارع.
ما يعنيه هذا الأمر
هو أن سورية تواجه حرباً دولية يبدو انها ما زالت في بدايتها في ظل ما بدأ يروج عن
عملية تدخل عسكرية دولية من خارج مجلس الأمن لمحاصرة قوة الجيش السوري الذي يضرب من
دون هوادة وبمعنوبات عالية جداً لم تؤثر فيها لا اغتيال قادته في مبنى الأمن القومي
ولا تلك الإنشقاقات التي لا تتعدى الأفراد في جيش يبلغ تعداده 500 ألف جندي وضابط مجهز
بشتى أنواع الاسلحة، فيما لم يصل حجم ما تم استخدامه من القوات الـى 10% ضمن حسابات
دقيقة لقيادته حول طول أمد الحرب التي سيواجهونها وهو الأمر الذي يسمح ببعض الثغرات
كتلك التي حصلت على المعابر الحدودية (العراق- الاردن- تركيا) والتي يصفها ضابط سوري
كبير بأنها ليست ذات أهمية نظراً لطبيعة المناطق التي هي موجودة فيها، في حين لا يمكن
مقارنتها بالحدود اللبنانية التي تستخدم بشكل فعال من أجل تزويد المسلحين في الداخل
بالمال والسلاح وردفهم بالرجال وتحويل هذه الجهة من البلاد مفتوحة بشكل كامل أمام دخول
مجموعات بكاملها وليس على مستوى فردي كما يحصل اليوم.
ويقول الضابط السوري
الرفيع إن قيادته وعت باكراً خطة "العدو" التي تهدف الى تشتيت الإنتباه عن
الحدود اللبنانية حيث تم تحويل المنطقة المتاخمة الى خزان بشري ومستودع كبير للأسلحة
وذلك على مدى شهور كاملة وربما سنوات بعد اكتشاف العديد من الأنفاق ومخازن الأسلحة
في الداخل القريب من الحدود اللبنانية، ما يستلزم شهوراً أخرى لنقل مركز عمليات الإمداد
اللوجستي الى مناطق كالحدود مع العراق أو غيرها من بوابات العبور الى سورية فهي غير
مأهولة نسبياً ويمكن بسهولة التعامل معها عسكرياً أو بمعنى آخر هي ساقطة من هذه الناحية.
ويشير الى أن التوجه
الى الحدود الأخرى هو مطلب المسلحين الذين يشعرون بضيق الخناق عليهم بعدما فشلوا في
حمص وحماة وإدلب وهم توجهوا نحو دمشق العاصمة وحلب لكن قيادة الجيش دفعت بتعزيزات مهمة
الى الحدود اللبنانية واستطاعت خلال ساعات القضاء على تواجد المسلحين المكثف في أحياء
ومناطق داخل العاصمة في ظل قرار واضح أن لا محرمات في عملية القضاء عليهم مهما كانت
التضحيات.
ويؤكد المصدر نفسه
أن عمليات الجيش ستستمر بنفس الوتيرة التي شهدتها دمشق في اليومين الماضيين بعد أن
كانت وتيرتها أخف من ذلك على مدى الفترة الماضية بكاملها، كما لا يمكن مقارنتها بما
استطاعت القوات السورية من فعله في حمص التي كانت عملياتها مجبولة بعض الشيئ بالرحمة
لعدة اعتبارات، لكن القيادة بدأت تعمل بخطة مختلفة بعد اغتيال القادة في تفجير مبنى
الأمن القومي والتي شكلت إعلانا صريحاً ببدء الحرب الدولية التي قد تستتبع بتدخل خارجي
بات الجيش السوري حاضراً على المستوى النفسي لمواجهته، بدءً من التهديدات "الاسرائيلية"
التي ساقها "وزير الدفاع الإسرائيلي" إيهود بارك بالأمس على خلفية ما يقوله
عن اسلحة كيميائية تملكها سورية، أو لجهة التهديدات الدولية بالتدخل من خلال ما صرح
به الاميركيون الذين اعتمدوا على نفس الحجة للتلويح بالإقدام على ذلك من خارج مجلس
الأمن لتفادي الفيتويين الروسي والصيني، لكن ذلك وبحسب المصدر نفسه فإنه قد يعلم من
يقدم عليه كيف يبدأه لكن من المستحيل معرفة كيف ينهيه أو يسيطر عليه إذا ما نظرنا بشكل
دقيق الى الخارطة السياسية والعسكرية التي باتت المنطقة عليها بعد سلسلة الحوادث والمتغيرات
التي شهدتها والتصلب بالمواقف من قبل الدول التي ترى أن في نهاية سورية سقوط مدوي لمنطقة
الشرق الأوسط بما تحويه من تنوع وتعدد.
ويلفت المصدر الى
أن الدولة في سورية ما زالت متماسكة بشكل جيد، وأن ما جرى من تعيينات على مستوى وزارة
الدفاع سيستكمل، في حين يستوجب على الجهات الأخرى المراهِنة على السقوط، قراءة ماذا
يعني توجه هؤلاء الضباط الكبار الذين يتولون المسؤوليات الجديدة في وزارة الدفاع والمواقع
العسكرية والأمنية التي حصلت وتلك التي ستحصل قريباً، وكيف انهم جاهزون للمواجهة الكبرى
من دون نسيان واقع أن جسم الجيش ما زال سليماً معافى وقادر على التحرك بانضباط كامل.
يوضح المصدر الضابط،
أن سورية ما زالت دولة تعمل أجهزتها في كل المرافق بشكل كامل، بينما يخوض جيشها حربه
في الداخل وهو ينتظر ما ستؤول اليه قرارات الخارج التي يؤكد انه جاهز لها على طريقة
"السيد".. يقولها مبتسماً، في إشارة الى ما قاله الأمين العام لحزب الله
السيد حسن نصرالله حول المفاجآت والضربة الأولى والذي يقول إن سورية ما زالت تملكها
ولم تفقدها كما يعتقد البعض.
يرتب الضابط السوري
الرفيع الأحداث، فيقول إن قيادته وضعت التصريحات الغربية الأخيرة في مكانها الصحيح
وهي تتعامل معها بكل جدية، فالتلويح بالتدخل من خارج مجلس الأمن المتزامن مع وضع المبررات
له من خلال إثارة المخاوف من الأسلحة الكيميائية، وفشل كل الضغوط السياسية في المحافل
الدولية، مع فشل أدواتهم المسلحة في الداخل، قد تدفع باتجاه الحرب على سورية.... وهي
مستعدة لخوضها.
تعليقات