باريس بعد جنيف.. وكلام جبريل
باريس بعد جنيف.. وكلام جبريل
البناء 5 تموز 2012
محمد شمس الدين
ما قاله الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد جبريل حول جهوزية إيران
وحزب الله وفصائل فلسطينية على رأسها فصيله للدفاع عن سورية، قد لا يعد جديداً من حيث
المبدأ، إلا بعد ما نقله عن لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بعض وسائل
الاعلام في هذا التوقيت، ما أعطى زخماً لموقف جبريل غداة ما صدر عن مجموعة العمل الدولية
حول سورية من قرار بمواصلة الحرب التي يتصدى لها الرئيس السوري بشار الأسد بشيء من
العنف تفرضه ضرورات المواجهة.
ما صدر عن اجتماع جنيف يعني أن المجتمعين قرروا المضي في مد الجماعات المسلحة
بالمال والسلاح وتوفير عوامل القتل والتدمير في البلاد، وبذلك يكون حسم الأمور في سورية
قد ترك لساحة الحرب، و كل المساعي السياسية فشلت في التوصل الى إيجاد مخرج للأزمة المستمرة
منذ اكثر من 14 شهراً على التوالي.
ما قاله جبريل لا يعني أن من تكلم عنهم يشاركون حالياً في المعارك التي تدور
في الداخل السوري، فقوات الجيش والأجهزة الأمنية السورية تقوم بواجبها على اكمل وجه
من دون الحاجة الى المساعدة، فهي قادرة على التعامل مع الموقف من كل جوانبه لا سيما
العسكري منها حيث يفرض هذا الجانب نفسه، في حين أن مؤسسات الدولة تعمل بشكل طبيعي وفق
برنامج حكومي يشمل تحسين ظروف كل القطاعات التي تهم الحياة اليومية للسوريين.
لكن كلام جبريل له مكان آخر للصرف بعدما ظهر أن التحالف الغربي – العربي يصر
على الدفع باتجاه توسيع رقعة الحرب على سورية واستهداف رئيسها الذي لم تنفع معركة إجباره
على التنحي كما حاول هؤلاء الترويج له، واسباغ السيناريو اليمني على الأوضاع في سورية،
في ظل توافر معلومات عن مباحثات عادت فرنسا لتقودها من جديد حول تدخل عسكري تحت مظلة
الأطلسي، خاصة بعد التوتر الذي ساد بين سورية من جهة، وتركيا العضو في «الناتو» من
جهة ثانية، على خلفية اسقاط طائرتها الـ أف 4 ومقتل طياريها الإثنين.
وفي هذا السياق تقول مصادر دبلوماسية أن باريس التي تتحضر لاستضافة «مؤتمر اصدقاء
سورية»، الصيغة التي سقطت وحلت محلها صيغ اكثر تطوراً و»تدويلاً»، تضغط من اجل التحرك
خارج مجلس الأمن والأمم المتحدة حيث يقف الفيتو الروسي ـ الصيني عائقاً امام أي مشروع
تدخل، في حين أن معطيات العاصمة الفرنسية تقول إن التحرك يجب أن يتم الآن، قبل ان تجهز
الدولة على المسلحين، بحسب ما توافر لها من معلومات تفيد أن لا قدرة لدى المجموعات
الإرهابية على قلب الطاولة عسكرياً، إذ تظهر هذه المجموعات المسلحة ومعها (الجيش السوري
الحر) ضعفاً وعدم قدرة على إكمال المواجهة، خاصة إن جميع السوريين لا المعارضين فقط
يرون تقهقر أفرقاء المعارضة وانقساماتها في الخارج، ما يجعل الموقف السياسي واهناً،
ولا يمكن التالي الرهان على الموقف الميداني للمسلحين الذين يتراجعون يومياً في عملياتهم
العسكرية، في وقت تقول فيه باريس إن الحكومة السورية بصدد تنفيذ خطة امنية جديدة ستكون
لها نتائج مباشرة على الأوضاع، ما يفقد دول التحالف الغربي – العربي كل امكانية للتحرك
مجدداً.
وتشير المصادر نفسها الى أن الدبلوماسية الفرنسية تتحدث عن أن اجتماع جنيف الذي
لم يتخذ أية قرارات عملية لوقف النزيف في سورية، قد وفر غطاء اوسع من ذلك الذي توفره
روسيا بدعمها للحكومة السورية من أجل اكمال العمليات العسكرية، وان ذلك يظهر هشاشة
في موقف المجتمع الدولي في التعاطي مع الأزمة هناك، ودائما بحسب الرؤية الفرنسية.
وتعلق المصادر على ذلك بالقول: إنه ليس للإدارة الفرنسية القدرة على قيادة موقف
دولي يتبنى التدخل بعد مسلسل الإخفاقات الذي منيت به جميع الدول التي تحمست لهذه الفكرة
منذ البداية ولم تستطع تنفيذها لأسباب عديدة، أهمها أن توازن الردع الذي توفره روسيا
والصين على المستوى الدولي سياسياً ودبلوماسياً توفره كذلك الأطراف التي تحدث عنها
أحمد جبريل على أرض المعركة التي تشمل بمساحتها لبنان بصورة غير مباشرة، إذ ان أية
عمليات لا يمكن شنها على سورية إلا من خلال هذا البلد المحكوم عليه دولياً بأنه ساحة
للفوضى لاعتبارات عديدة وذرائع أهمها النظرة الى سلاح حزب الله والمقاومة فيه، في حين
انه ليس بالإمكان استغلال أراضي باقي الدول المحيطة بسورية لأن الإنطلاق منها ستكون
له تداعيات اكبر من الحدود المرسومة لاية عملية تدخل لمصلحة التحالف الغربي – العربي
وجماعاته المسلحة داخل سورية.
تعليقات