"حماس" في إعلان الدوحة؟
"حماس" في إعلان الدوحة؟
البناء 9 شباط 2012
محمد شمس الدين
ما صدر عن كتلة حركة حماس البرلمانية في غزة من انتقادات لإعلان الدوحة بين الجانبين الفلسطينيين حركة "فتح" ممثلة برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وحركة "حماس" التي مثلها رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، يؤشر الى اختلاف جذري بالرأي حول الخطوة التي تمت برعاية قطرية ومباركة خليجية في مقدمتها المملكة العربية السعودية.
ما قالته الكتلة البرلمانية لـ"حماس" ركز بشكل أولي على نقض قانوني لما جرى الإتفاق عليه من أن يكون رئيس السلطة (عباس) رئيساً لحكومة انتقالية تشرف على إجراء انتخابات تعيد تصويب الوضع في "هيكل" السلطة المتصدع، منذ نشوب الأزمة ونشوء حكومة غزة "المقالة". و قد اشارت مطالعة الكتلة التي وردت في بيان صادر عنها أمس من القطاع، الى أن إعلان الدوحة الذي ينص على تشكيل حكومة توافقية برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس مخالف للقانون، مستندة بذلك الى تدقيق أجرته حول قانونية جمع محمود عباس بين رئاسته للسلطة ورئاسته للحكومة الانتقالية المزمع تشكيلها، ليتبين بأن الدستور الموقت المعمول به حالياً والناظم لعمل السلطة الفلسطينية ينص على مبدأ الفصل بين السلطتين.
الخطوة التي أقدمت عليها الكتلة البرلمانية في «حماس» إنما تعكس حجم الخلافات داخل الحركة الإسلامية في فلسطين والتي كانت الشبهات تدور منذ فترة حول انعطافات قد تسجلها في موقفها السياسي الذي قد يكون تأثر بالضغوطات التي تعرضت لها في ظل هيجان المنطقة وما يسمى بـ «الربيع العربي»، في وقت تحدث فيه أكثر من طرف عن أن الحركة بصدد ترك مواقعها في العاصمة السورية دمشق والانتقال منها الى مصر أو قطر كتعبير منها عن سلوك مسلك مغاير لما ترعاه الشام من خط ممانع ومقاوم، إلا أن ذلك وبالرغم من نفيه على لسان غير قيادي في «حماس» لم يحسم بشكل نهائي بعد، في حين ان تحركات مسؤولي الحركة توحي بأن اضطراباً يسود قرارها وهو ما ظهر بالامس من خلال بيان كتلتها البرلمانية.
مصادر ممانعة قالت إن شيئاً لم تتبلغه أية جهة من ناحيتها، إن في سورية أو في لبنان أو في إيران، لا مباشرة ولا بشكل غير مباشر، إلا أن «حماس» تدرك ما هي بصدده وانه لا بد من انتظار ما ستؤول اليه مشاوراتها خلال الفترة المقبلة ربطا بخطوة الدوحة، مشيرة الى أن "الإعلان" بحد ذاته لا يؤشر الى انفصال «حماس» في المبدأ عن جبهة الممانعة ولا يمكن تفسير خطوتها الا في إطار وحدة الصف الفلسطيني التي يحرص عليها الفرقاء الممانعون في كل مكان في العالم وفي مقدمتهم حزب الله كفريق اساسي يمكن أن يتأثر بأية خطوة قد تتفرد بها الحركة الفلسطينية.
لقد شكلت حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين جزءاً مهماً من استراتيجية القرار لدى حزب الله في صراعه المفتوح مع العدو «الاسرائيلي» والذي لم يعد منحصراً ضمن الحدود الجغرافية للبنان إنما تعداه وتحديداً بعد حرب العام 2006، حيث شكلت منعطفاً أساسياً في حركة الصراع، باعتبار أنه إذا كانت فلسطين كدولة هي ملك لكل الفلسطينيين فإن ما تحويه فلسطين من مقدسات اسلامية ومسيحية، لا يملك قرارها إلا من أوجدها، وبالتالي فإن كل المعتقدات السماوية التي تتصل بشكل أو بآخر بتلك المقدسات من حقها أن تسعى وراءها باي شكل ممكن.
وتضيف المصادر نفسها أن «حماس» تعي تماماً تأثير اية انعطافة على مسار القضية الفلسطينية الذي أعادت تصويبه بعد سلسلة الإخفاقات التي سجلتها منذ الإجتياح «الإسرائيلي» للبنان عام 1982 والذي كان بدوره نتيجة حتمية لسلسلة أخرى من الإخفاقات، وما تلا ذلك الإجتياح من مسارات تفاوضية رفضتها «حماس» وصعدت الى أعلى هرم المقاومة من خلال ذلك الرفض.
وتشير المصادر نفسها الى أن الحركة الفلسطينية "أذكى" من أن تنطلي عليها سيناريوهات يكون الهدف منها توريطها في صراعات جانبية بعيداً عن الهدف الأساسي، إن من خلال وعود بالسلطة أو من خلال إغراءات بالمال، لأن ذلك سيشكل بصورة حتمية انتحاراً جديداً لفصيل فلسطيني مقاوم بلغ مبلغه في الطريق الى فلسطين واستعادة الحقوق، في وقت ليس معروفا فيه "عروج" «حماس» كحركة مقاومة عملت بانفتاح كلي خلال الفترة الماضية باتجاه التقوقع المذهبي، بحال كان رعاة إعلان الدوحة وما يتضمنه من اتفاقيات قد عملوا على هذا الوتر، أو أن الحركة الإسلامية قرأت خطأً وبشكل "تقزيمي" التحولات التي جرت في المنطقة العربية.
تعليقات