الطرق على باب جهنم!
الطرق على باب جهنم!
البناء/ 2 – شباط - 2012
محمد شمس الدين
في ظل التصعيد العربي – الغربي المتواصل ضد سورية، بعد خطوة جامعة الدول العربية باتجاه الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، يبدو المشهد اللبناني مشرذماً بشكل كبير، على مشارف استحقاقات متعددة داهمة، منها المحكمة الدولية التي تشكل جزءاً أساسياً في سياسة الغرب في الضغط على لبنان، وصولا الى الإنتخابات النيابية التي بدأت الجهات السياسية تبحثها في دوائرها المقفلة، بغض النظر عن القانون الذي سيحكمها.
صورة القوى السياسية في لبنان تتراوح بين منكفئ، بانتظار التطورات السورية التي تشكل بالنسبة له الفيصل في تقرير مصير معركته التي يخوضها نيابة عن الآخر ليحقق مكاسبه في الداخل من مستوى رئاسة الجمهورية، الى تعيين أصغر موظف في أصغر إدارة في الدولة، ناهيك عن الإنعكاسات المتبادلة على خط لبنان – المنطقة في الإتجاهين. وبين من يعمل على تكريس سياسة انتهجها في صراع المنطقة، يرى أن عليه أن يكرّسها في لبنان، المكان الذي قدم فيه أغلى التضحيات، وغيّر فيه موازين القوى، التي استمرّت الدولة العبرية في الإبقاء عليها بيدها، لأكثر من خمسين عاماً.
هذا الواقع المرير في لبنان، قد يجعله البقعة الأكثر استقطاباً لإعادة تسليط الضوء عليه وتوجيه الأزمات باتجاهه، إذا لم تفلح الضغوط العربية - الغربية في تحقيق ما تصبو اليه من تغييرات، من شأنها قلب الصورة في آخر محاولة لدولها، بعد العواصف الأمنية والعسكرية والتي خاضها حزب الله تحديداً ضد العدو "الإسرائيلي"، ومشاريع الهيمنة الأميركية التي تحولت من الصراع المباشر معه، الى تسليم زمام الأمور الى دول عربية قاعدتها الأساسية في خوض معركتها البعد المذهبي والطائفي، ما يوفّر على "إسرائيل" وأميركا تقديم المزيد من الخسائر.
مصادر سياسية مقرّبة من حزب الله تقول، إن الحزب يراقب بدقة مسارات الأمور على أكثر من صعيد، منها ما يتعلّق بحركة الأزمة في سورية ومؤشراتها، ومنها ما يتعلق بتحرك الدول العربية والغربية ضد إيران، في حين أن الملفين وإن اتصلا في كثير من المفاصل، إلا أنه من الأفضل النظر الى كل منهما انطلاقاً من خصوصيته، فضلاً عما يواجهه الحزب في الداخل اللبناني. وفي هذا السياق، فإن الحزب يشدّد على أن دور المقاومة سيتفعّل في مواجهة كل التطورات، وهي ستدافع عن نفسها ضد كل مشاريع إلغائها، ففي حين لم تنجح المحاولات العسكرية في تحقيق هذا الامر، فان المحاولات السياسية والتي من ضمنها سعي الغرب الى الضغط عبر تحريك العنصر المذهبي ليكون هو عصب الحرب المقبلة، لن تنجح أيضاً. إلا أنّ رأي حزب الله الذي يقول بأن الأمور لن تصل الى هذا المستوى، مراهناً على وعي الأطراف الأخرى في باقي المذاهب والطوائف المكونة للمنطقة، يعتبر أن ولوج هذا الدرك، إنما سينعكس سلباً على الجميع، ولن يسلم أحد من ناره.
لا بد من التوقّف عند ما يُروَّج حول حرب طائفية ومذهبية في المنطقة، انطلاقاً من سورية، من ضمن وسائل الضغط على حكومتها وحلفائها، فيشار الى أن الإنتشار المتشابك لمكوناتها، لن يُبقي أية بقعة جغرافية خارج دائرة النار، ما يعيد تقسيمها وتشكيلها بصيغ جديدة.
تلاحظ المصادر السياسية، أنه بدأ التسويق أيضاً لانفراط عقد التحالفات الأساسية لمحور الممانعة، عبر رصد تحرك حركة حماس باتجاه بعض الدول العربية، ومستوى الإحتضان الذي يحاول بعض العرب تقديمه لها، في حين أن الإعلام يحاول التصوير بأن الضغوطات بدأت تفعل فعلها في إيران وسورية، لا سيما من الناحية الاقتصادية، وهو ما أذاعه غير مسؤول اميركي في الـ 24 ساعة الماضية، إلا أنه لم يخرج عن سياق الحرب النفسية والإعلامية القائمة منذ زمن، ناهيك عما يشاع من أن اتجاهات التغييرات الحاصلة في المنطقة، خاصة في بلدان الثورات، لا تتواءم مع استراتيجيات الدول الممانعة وشعاراتها، مشيرين بذلك الى تعارض فكر الإسلاميين في الحكم مع منطق المقاومة، وتماشيه مع فكرة الدولة بشروط التوافق حتى في الملفات المصيرية والإسترتيجية، كما أن الغرب يسعى الى تعزيز هذا التوجّه، عبر الإتصال بتلك الجماعة ومثيلاتها في أكثر من دولة عربية، وصولاً الى وسط آسيا عبر تشريع التفاوض مع طالبان وغيرها من الأصوليات المتطرّفة، في لعبة سيئة، على لاعبيها التنبه الى أنها غاية في الخطورة.
تقول المصادر نفسها، إن على المراهنين على سقوط سورية بتركيبتها السياسية الحالية، بغض النظر عن مشروع الإصلاح السياسي الذي تحاول حكومتها تنفيذه، أن يعوا بأن تحقيق هدفهم هذا، لن يغير شيئاً في موازين القوى، لا الإقليمة ولا في لبنان، إلا من خلال حرب ضروس، قد لا تبقي ولا تذر ضد حزب الله المكوّن الفاعل لبنانياً وصاحب الدور الإقليمي الذي لا بد من الأخذ برأيه في أي قرار يتعلق بمستقبل المنطقة. ومن هنا، فإن التعرض لسورية الشريك الإستراتيجي لحزب الله خارج هذه المعادلة سيكون فاشلا حكماً، ولن يحقّق أهدافه، بينما الهجوم عليها مع احتساب أهمية هذه المعادلة (الشراكة الإسترتيجية)، فإنه كمن يطرق "باب جهنم".
تعليقات