سقط باب العزيزية.. فأين الإمام؟!


سقط باب العزيزية.. فأين الإمام؟!
 

http://www.al-binaa.com/newversion/article.php?articleId=40936  البناء 25 آب 2011

محمد شمس الدين

تطل بعد أيام قليلة الذكرى الـ34 لإخفاء الإمام موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، ولكن هذه المرة في ظروف مختلفة كلياً حيث إن الجاني في هذه القضية معمر القذافي وحاشيته، قد أصبحوا من المطلوبين دولياً إذا بقوا أحياء بعد الحرب التي يخوضونها دفاعاً عن سلطتهم وتشبثهم بالظلم الذي مارسوه طيلة أكثر من أربعين عاماً.
السؤال حول مصير الإمام الذي لم يتجرأ أحد على الإجابة عنه لعدم توفر المعلومات أحياناً، وما تفرضه التقاطعات السياسية أحيانا أخرى، جعل من هذه القضية لغز العصر ولا سيّما بالنسبة الى محبي الإمام ومن حمل رايته وعمل على تحقيق أهدافه على الرغم من غيابه القسري، في حين ربما يكون البعض على علم ودراية كاملين بالمصير الذي واجهه الإمام خلال السنوات الطويلة الغابرة لكنهم على ما يبدو غير مخولين بكشفه أو لهم من الاعتبارات ما يمنعهم من ذلك. إلا أن الأمل الذي بقي مسيطراً على القلوب وترفضه العقول، يحتاج الى حسم ليتضح لمن ستكون الغلبة في النهاية.
الأوضاع التي تمر بها ليبيا منذ 17 شباط الماضي وحتى تاريخه، توجَّب أن تكون كافية لكشف الغموض الذي لفّ هذه القضية منذ زمن بعيد، وكان ملاحظاً الانكفاء الذي سجّله المتابعون لها على الأقل إعلامياً، إلا أن ذلك يدفع إلى الاعتقاد بأن الجهود التي من المفترض أن تكون قد بذلت للتفتيش عن الإمام وكشف مصيره لم تصل الى النتائج المرجوة، في حين أن ليبيا انكشفت عن بكرة أبيها في الحرب الضروس التي تخاض هناك.
البيانات التي صدرت عن أكثر من جهة في لبنان حول الإمام ورفيقيه لم تكن سوى تعبير عمّا يختلج في الصدور من أمل على أبواب المناسبة في ذكرى 31 آب، لكن يبقى السؤال قائماً حول أولى نتائج البحث الذي أطلق حول القضية خلال الأشهر الستة الماضية، علماً أن كلاماً كان قد صدر في أكثر من مناسبة حول اتصالات تجري مع قيادة المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي يرأسه وزير العدل الليبي الأسبق مصطفى عبد الجليل في إحدى حكومات القذافي، الذي من المفترض أن ملف الإمام توجّب أن يكون أحد ملفاته الأساسية بحكم الاختصاص، خصوصاً أن القضية دخلت الحيّز القضائي عبر أكثر من مستوى.
ليس من المنطقي أن يقال إن مصير الإمام لن يكشف إلا بعد خراب البصرة، وهي قد خربت بالفعل وها هو التدمير قد ضرب كل المدن الليبية بما فيها طرابلس ومجمع باب العزيزية حيث مقر الوحش البشري، وما زالت قضية الإمام مقتصرة على البيانات والتمنيات والمناشدات من دون إطفاء حرقة السؤال الذي يصمُّ الآذان منذ لحظة غيابه من دون أي جواب شافٍ. كما ليس من المنطقي ألا تستطيع كل أجهزة الاستخبارات الصديقة والمحايدة المساعدة في معرفة ملابسات الإخفاء، بالرغم من أن معلومات جرى تداولها في أكثر من اتجاه تتعلق بالقضية ولكن أراد القيمون عليها أن يبقوها في دائرة الكتمان، حرصاً على القضية نفسها وما لها من انعكاسات في مسارات سياسية استراتيجية.

وفي هذا السياق، لا بد من السؤال عما يمكن أن يكون قد كشفه مدير المخابرات الليبي السابق ووزير الخارجية الذي ترك منصبه بعد دخول الحرب في ليبيا أعنف مراحلها، الدكتور في علم الاجتماع السياسي موسى كوسا المقيم حالياً في بريطانيا، والذي كان على علم بتفاصيل الملف أو على الأقل واكب مراحل مهمة في التفتيش عن مخارج لإنهاء هذه القضية من باب مسؤولياته في الحكومة والإدارة الليبيتين على مدى سنوات.
كيف يمكن أن يكون للقيمين على هذا الملف كل ما يملكونه من إمكانيات في لبنان وعبر العالم من دون أن تكون هناك حتى الآن أجوبة عن الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الناس ممن ينتظرون الحقيقة وبأية كيفية ستظهر بها، وما هي الأسباب التي تفرض عدم كشف مصيره حتى الآن؟ ما يدعو الى التساؤل عمّا إذا كانت هناك دواعٍ داخلية أو تتعلق بما يعرف بأزمة القيادة عند المسلمين الشيعة اللبنانيين في ظل غياب القيادة الدينية التي دأبت هذه الفئة على موالاتها.
أيضاً يمكن طرح السؤال حول القيادة وما يمكن أن تفرزه في المرحلة المقلبة، خصوصاً أن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله لم يتصد، وعلى الأرجح لن يتصدى، لهذا الموقع مع العلم انه الأكثر كفاءة من الناحيتين السياسية والشعبية، عدا ما يمثله في العلوم الدينية التي درسها طويلاً، وهو الأمر الذي ربما يصحّح بعض الخلل الحاصل في إدارة هذه الطائفة المجمعة على خيار المقاومة التي عنوانها السيّد نصرالله.
قد يقول قائل إن مصير الإمام لم يكشف بعد، لكن الوقائع تشير الى أن قضية الإمام في حكم المنتهية وهذا ما يُقرأ من الأداء الحاصل على مستوى متابعتها مؤسساتياً، ولا سيّما في ظل الظروف التي تحيط بليبيا، مكان اختفائه، من دون التوصل الى أي نتائج والاكتفاء هنا في لبنان، وربما في إيران أيضاً، بمتابعة خجولة لا أدعي معرفة تفاصيلها.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار