دولة الكذاب.. في عصر "التايم" /امتنعت الصحيفة عن نشره؟!



دولة الكذاب.. في عصر "التايم"


محمد شمس الدين

القرار الإتهامي الذي صدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان يعد إعلانا صريحا عن ساعة الصفر بالنسبة لمؤيديه داخل البلد، من أجل بدء حربهم أو هجومهم على الفئة التي يتهمها القرار وذلك لمصلحة وجودهم السياسي، وهو ما تثبته ردود الأفعال عليه لا سيما من قبل زعيم حزب المستقبل سعد الحريري الذي يدأب على إصدار التصريحات المتشفية من خصومه السياسيين، ما يشير الى أن لبنان سيدخل حكما مرحلة من الإضطرابات الأمنية بعد انهيار الوضع السياسي فيه نتيجة إصرار فريق الحريري بما يمثل في اللعبة الداخلية، مشروعا أميركيا – عربيا يحاول النفاذ في المنطقة خدمة لمشروع "إسرائيلي" لم يعد خافيا، ويقوم على إعادة التموضع بالحد الأدنى بعد سقوط مدو في العام 2006، وبعد أن كانت "إسرائيل" هي الرافعة لكل المشاريع الأميركية في المنطقة، صار وضعها يستوجب وجود من يشكل رافعة له لإنقاذ الدولة العبرية مما واجهته وما ستواجهه في المستقبل.

آخر ما حاول الحريري ركوب موجته بعد سلسلة الفبركات التي تولتها غير مؤسسة إعلامية دولية، هو ما ورد في مجلة "تايم" الأميركية من نقل مزيف لكلام قالت إن مصدره أحد المتهمين، في محاولة مكشوفة، المقصود منها الإيقاع بالحكومة اللبنانية هدف الحريري الرئيسي والمباشر، بعد ثبوت عدم قدرته على تسجيل أي اختراق مهما كان صغيرا في نواح أخرى. إلا أن ما أوردته المجلة سرعان ما ذاب بنفي واحد صادر عن حزب الله. في حين أن الحكومة التي "ارتبكت" لوهلة لن يكون من السهل على الحريري استهدافها في ظل حصانة الأطراف التي أخرجتها الى النور بعد معاناة حتى لو ظهر في صفوف وزرائها بعض التباين.

لكن الحريري الذي ما زال غائبا عن البلد مقفلا دارة ابيه في شهر رمضان بحجة أن وضعه الأمني حرج، يعرف انه موجود في الخارج لعدم قدرته على مواجهة الداخل، ليس من باب الأمن ولكن من باب المنطق الذي يفتقده اصلا، فهو بالطبع لا يحب ان يسمع بما يتحدث به الناس حتى من اهله بعدما اسقط الصدق والمصداقية عن نفسه، من خلال تآمره مع المحكمة الدولية واجتماعاته المنسقة مع شهود الزور ومفبركيهم لا سيما محمد زهير الصديق الذي خرج في تسريبات تلفزيونية مرشدا للحريري بخاصة فيما يتعلق باتهام أربعة عناصر من حزب الله قبل الكشف عن اتهامات أخرى بحسب الحاجة السياسية اليها.

ما يوصف به الحريري في الشارع أولا أنه غبي، وانه ولد ولو حكم بلد، ومهما امتلك من أموال على الأرجح قد بدد الكثير منها في تغذية الأحقاد التي عادة ما تأكل اصحابها، وهو بذلك يصر على أن والده لم يكن يوما لا عروبيا ولا وطنيا داهسا بقدمه كل الإنجازات التي تحسب له، وذلك مقابل أن يعود الى السلطة التي فقدها بقلة إدراكه اليقيني.

لم يعد من مجال أمام ما يصدر عن الحريري تحديدا عند الأطراف التي تواجهه، سوى كشف كذبه بشكل كامل والذي دأب عليه منذ لحظة تصدره للمسؤوليات، إن على مستوى حزبه وجماعته لأنه لم يكن ابدا رئيسا لحكومة كل لبنان، أو على مستوى علاقاته بالآخرين بخاصة اولئك الذين فتحوا له الأبواب عام 2009 ليكون في سدة المسؤولية، في بادرة حسن نية تجاهه علّ ذلك يشكل مدخلا الى إخراجه من دائرة المسيطرين عليه، لكن الحريري اثبت وهو في السلطة كما اثبت وهو خارجها، أن حقده هو الذي يسيّره باتجاه السلطة والإقتصاص حتى من دون دليل مقنع على الإدانة.

ما يحدث حتى الآن في ملاباسات جريمة اغتيال رفيق الحريري، هو مبدأ الكذب.. الكذب.. الكذب.. حتى تصدق نفسك ويصدقك الناس، ولو على حساب كل شيئ في البلد والناس والمجتمع والإقتصاد والأرزاق وغيرها، في حين ان الحريري لا يعرف ان اللبنانيين بدأو يتكلمون عن أبيه بما لا يليق نتيجة مواقفه غير المسؤولة، عدا عن اعتبار أن مقتله لا يجب أن يشكل علامة فارقة بحياة هذا البلد بعد أن كان الجميع مصرا على معرفة الحقيقة الحقيقية، والتي سيطرت لفترة على أذهان الناس من باب الوفاء له ولإنجازاته.

قديما قيل "من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت"، فالإسلام استمر بعد وفاة نبيه عليه الصلاة والسلام، كما استمرت المسيحية بعد عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، ولن يكون بمقدور أحد أن يسلب اللبنانيين حياتهم مقابل حياة الحريري الذي قتل لأسباب ربما لم يتجرأ أحد بعد على تقديمها، لكن سيكون لها موعد بالتأكيد إذا استمر نجله اللامسؤول بأفعاله الصبيانية.

الى اين يريد "سعد" أن يأخذ البلد في ظل هذا الكذب المفرط، والتآمر المفضوح في الداخل ومع الخارج؟.. وآخر فصوله "التايم" التي منحت للحريري فرصة جديدة للكلام من الخارج، مع ملاحظة أن كل فريقه المقرب غاب غيابا كاملا عن الساحة اللبنانية في فترة نقاهة رئيسهم، فهل الجميع متورط في الفبركات التي ستؤدي بالبلد الى ما لا تحمد عقباه؟..

لن تنجح تلك المحاولات الدنيئة التي تبث السم كل يوم، لأن لبنان ليس متروكا لأصحاب الأهواء وهو لن يكون كذلك في الفترة المقبلة، كما لن يستطيع الكذب أن يصنع مستقبلا ربما كان أراده رفيق الحريري مشرقا وأراده ولده مظلما، في حين أن الرهانات على سورية بدأت تتهاوى، وربما ايضا يكون ذلك هو السبب أمام موجة الكذب الجديدة التي أطلقت مؤخرا عبر التايم، فـ"دولة الكذاب" قادر بماله ومال دُوله على شراء السيناريوهات الصالحة للنشر والتسويق في كل انحاء العالم. 

     
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار