تفجير السفارة
تفجير السفارة
المملكة ومؤشر التصعيد
البناء 21 تشرين الثاني 2013
محمد شمس الدين
مستويان ممكن
ملاحظتهما من خلال التفجير الذي استهدف السفارة الإيرانية في بيروت أول من أمس،
الأول فشل الوصول الى حزب الله بعينه بعد عمليتين مماثلتين في عمق مناطق الحزب
لكنهما لم تنالا منه في حين أن الإجراءات التي اتخذت لمنع تكرار مثل هذه
الإعتداءات قد نجحت الى حد بعيد في درء مخاطرها. أما المستوى الثاني يؤشر الى أن
أصحاب القرار بهذه التفجيرات صعدوا من حربهم التي باتت الى حد كبير معلنة على
الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحت عنوان اساسي يتلطون وراءه وهو التكفيريون.
من غير المرجح أن
احداً من الذين سمعوا الإنفجار وتضرروا منه أو علموا بخبره استطاع أن يبعد عن ذهنه
مسؤولية المملكة العربية السعودية عنه وهي التي ما زالت مصرة على خوض حربها في
سورية ولو كان عنوانها التكفير، ذلك أن رئيس استخباراتها ركب هذه الموجة لشن هجومه
ربما الأخير على سورية وحزب الله وحلفائهما وصولا الى ضرب المصالح الإيرانية عبر
توفير الدعم المادي واللوجستي لأصحاب الفكر الإنتحاري بعد فشله في إدارة الحرب في
الداخل فقرر أن يوسع دائرتها لتصبح حرباً شاملة بكل المقاييس لاعتبارات مختلفة
تتعلق بنظام الحكم في المملكة ولا ينتهي بعلاقاتها الخارجية وتموضعها ودورها في
الأزمات القائمة فيها.
ما جرى على
السفارة الإيرانية في بيروت لا يقل عن إعلان الحرب بغض النظر عن شكلها من قبل
المملكة على إيران، وهو الأمر الذي بات الجميع يعرفونه، في حين أن الدولة الخليجية
الأكبر تختزن اكبر عدد من التكفيريين من سعوديين وغيرهم وهي تسعى الى إحاطتهم
وتمويلهم وبالتالي الى تصديرهم لخوض معاركها الأمنية والعسكرية من أجل توظيف ذلك
سياسياً في ظل تراجع دورها على المستوى الإقليمي والدولي بما ينذر بخسارتها
الكاملة عقب فشل سياساتها ناهيك عن أن التغييرات التي طرأت على تركيبة المنطقة
ليست السعودية بمنأى عنها ولا هي محصتة ضدها في الوقت الذي برزت فيه إيران بعد
أكثر من 30 عاماً من الحصار الذي قادته السعودية عليها استطاعت أن تفرض حضورها
السياسي والإقتصادي وقوتها العسكرية على واقع المنطقة لا سيما في مكافحة الإرهاب
في العديد من دول المنطقة إن في الشرق الوسط أو شمال إفريقيا أو آىسيا الوسطى
الأمر الذي برز فيه دور للسعودية مباشرة أو غير مباشرة بدءً من عملية 11 ايلول في
الولايات المتحدة ووصولا الى سورية التي باتت راس حربة في الحرب لى هذه الافة حيث
حشد العالم كل ارهابييه فيها.
وحيث أن رد ايران
على عملية استهداف سفارتها في بيروت سيكون محتوماً، إلا أنه لن يكون مخالفاً
لطبيعتها، وبنفس المستوى الذي عملت عليه لتثبيت قدمها في المنطقة بوعي وحكمة
عالية. فما وصلت اليه طهران من خلال سياستها في برنامجها النووي السلمي وما تشهده
جنيف من محادثات على هذا الصعيد مع دول (5+1)، إضافة الى الأسلوب الذي اتبعته في
انتزاع دورها في أزمات المنطقة لاسيما في الأزمة السورية سيكون هو نفسه للرد على
المملكة السعودية وتكفيرييها الذين يزرعون الموت في كل مكان غير آبهين بمدني برئ
كان أو مدان.
انها مرحلة رسم
السياسات الكبرى في الشرق الأوسط الجديد الذي على ما يبدو قد انقلبت قواعده راساً
على عقب خاصة من وجهة نظر الولايات المتحدة الأميركية التي بات واضحاً أنها تعمل
على لجم أهم حليفين لها في المنطقة وهما المملكة السعودية وإسرائيل اللتين
تتشاركان الموقف نفسه من احتمالات التقارب الإيراني – الأميركي في حين أن تلك
المواقف ما زالت استباقية لأن موقف طهران النهائي لم يظهر بعد حيث أنه مرتبط بعدد
من القضايا الإستراتيجية التي لم تحسم أميركياً وهي تتعلق أولاً بالإعتراف العلني
بدور إيران الإستراتيجي الحيوي و"الندّي" في المنطقة الى جانب روسيا
والصين، ذلك أن هذا الدور يعتبر أفعل بالنظر الى التواجد الإيراني على أرض الواقع
لا سيما في الأزمات الحامية التي تدور فيها، وهو ما تحتاجه واشنطن في هذه المرحلة.
التفجير الذي
استهدف السفارة الإيرانية جزء من كل هذه العملية الجارية على مستوى المنطقة وما
ستشهده من تبدل واسع في تركيبتها والتي تظهر إحدى تجلياتها من خلال ما يجري في
سورية لا سيما في "القلمون" الذي بدأت معركته الممتدة حتى لبنان بكل
مناطقه ومنها بئر حسن في جنوب بيروت.
تعليقات