المملكة لا تملك ولا تحكم
المملكة لا تملك ولا تحكم
البناء 14 تشرين الثاني 2013
محمد شمس الدين
لا تنفك السعودية
عن ممارسة كل ما شأنه تصعيد حدة التوتر في المنطقة بعد خيبتها من الولايات المتحدة
الأميركية في ملفي سورية وإيران. كان واضحاً جداً أن المملكة الخليجية التي دفعت
بالأمور الى الهاوية ما زالت تعيش حالة من الإحباط الى درجة إعلان الحرب على نفسها
وعلى أعدائها.. يا رب!!.
ما ظهر من زيارة
رئيس الجمهورية اللبنانية الى الرياض خلال اليومين الماضيين يعبر عن نفس الإحباط
السعودي إن في الشكل أو المضمون. بدت تصرفات المسؤولين السعوديين غير ناضجة في
التعامل مع الزيارة. تعنت ورسائل بحجم عقول من يديرون السياسة فيها. لاشيئ سوى
المال يستطيعون مخاطبة الناس به أو دفعه من أجل القتل والفتنة في حال لم يرض الملك
أو حاشيته أو اجهزة الأمن القبلية التي تعبث بشؤون البلاد والعباد وكأنها تملك كل
شيئ من دون منازع.
لا أسف على الرئيس
اللبناني الذي رضي بما لا يرضى به أي مسؤول اقل منه "رتبة". إلا إذا
كانت السعودية اعتبرت أنها تجمع فريقها من هذا البلد لتعيد تقييم خططها في
الإنقضاض عليه بعد فشلها في إحكام السيطرة من خلال مجموعة من "الخصيان"
ولَتهم إدارته على الرغم من جرعات الدعم الكبرى التي مدتهم بها، وهو ما لن تجد
غيره من خلال ما قيل انها قدمته في تلك الزيارة المذلة لبنانياً الى حد الإنتحار.
فرضت المملكة وجود
أحد "غلمانها" في محضر لقاء مليكها برئيس الدولة اللبنانية لتقول إنها
تقرأ في كتاب سعد الحريري فقط، وهي الرسالة التي أرادت في الحقيقة أكبر دولة في
الخليج توجيهها الى سليمان بالدرجة الأولى، والى من يعنيهم الأمر بالدرجة الثانية،
وتحديداً الرئيس المكلف تمام سلام "إبن الطائفة"، الذي ورطته بالتكليف
وتدفعه من خلال الخطوة الملكية أكثر الى اختيار، إما حكومة أمر واقع ومواجهة، وإما
الإستقالة التي على سليمان أن يقبلها ليعاد تكليف من أصبح مهياً للإقدام على هذه
الخطوة ولو من المنفى، وإدارة شؤون التأليف من هناك، وتوجيه الإتهام الى أخصامه
بمنعه من ممارسة صلاحياته التي ينص عليها الدستور تمهيداً لإجراءات تدخل دولي لناحية
الإدانة والشجب وبدء مرحلة جديدة من الحرب السياسية التي هي استكمال لحرب خارجية
فرضت نفسها بفعل الأزمة السورية وتداعياتها وما نتج عنها حتى الآن.
تصرف السعودية مع
الرئيس سليمان ينم عن نية تصعيدية تصل الى حد الإنفجار الذي تم تطويقه حتى الآن
بفعل تصرف العقلاء. لكن السعودية أيضاً تقول إنها لن تأبه لبلد يعصاها في الوقت
الذي تعتبر نفسها اشترته من أناس هم في الحقيقة لا يملكونه ولا يستطيعون ذلك حتى.
لسان حال الممكلة حالياً هو "أننا نحن من صنعنا الطائف وإنا نحن من سيضربه
إذا لم تستو أمور لبنان على ما نرى له من وظيفة لكسب معركة وجود في المنطقة باتت
تهدد كياننا".
ما على المملكة أن
تستوعبه في هذه المرحلة الحرجة إقليمياً ودولياً أن قواعد اللعبة قد تغيرت كلياً
وأنه ليس في الإمكان إعادة عقارب الساعة الى الوراء، ما يفرض تجديداً في العقل السياسي
السعودي الذي لن يستطيع "النأي بنفسه" أو "تجنب" أو "الخلاص"
من كل ما يجري على امتداد العالم العربي وما طرأ عليه من متغيرات أدت الى تداعيات
كبرى في منظمومة حكمه التي اعتاد عليها خلال الخمسين عاماً الماضية، وهو ما ينطبق
على الوضع اللبناني لما يتصف به من خصوصية وما بات معروفاً بـ"التعدد
والتنوع" من جهة، وما حققته مقاومته من انجازات أدخلتها الى معادلة الصراع
الكبرى على مستوى المنطقة وصولاً الى صياغة توازنات دولية عبرت عن نفسها من خلال
موقع ودور تلك المقاومة في الحرب على سورية من جهة ثانية.
لن تستطيع المملكة
بما تملك أن تغير من هذا الواقع مهما بلغ تجبرها لأن مشروع مواجهتها بات جاهزاً
إذا ما أرادت ولوجه.
تعليقات