"جلبة" زيارة رئيس الى السعودية
"جلبة" زيارة
رئيس الى السعودية
البناء 11 تشرين الثاني 2013
محمد شمس الدين
لا تتعدى الزيارة
التي سيقوم بها رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان الى المملكة العربية
السعودية "إذا حصلت" حدود الإطار البروتوكولي بعد "الصفعة"
التي احدثها إلغاؤها من قبل الدولة الخليجية المصدومة من تحول الموقف الدولي تجاه
سورية أو تراجعه، منذ ما يقارب الشهر. ذلك أن الظروف السياسية التي منعت حصول تلك
الزيارة في موعدها الأول لم تتغير لكن الذي طرأ هو أن المملكة أدركت أنها يجب أن
تستوعب ما حصل وأن تستجمع قدرتها لتعيد إطلاق أنشطتها في الحرب التي باتت تخوضها
على مستوى دولي علها تعيد بعض ما فقد عقب سنتين ونيف من القتال كانت اقتنعت معها
أنها تجاوزت مرحلة تمكين القيادة السورية من إعادة التموضع على الأقل بأي شكل من
الأشكال.
هذا الإدراك
السعودي المتأخر جرى بعد جرعة العتب العالية التي منحتها زيارة وزير الخارجية
الأميركية جون كيري الى المملكة حيث كان صريحاً بقوله لها إن واشنطن مصممة على
الإبقاء على أفضل العلاقات مع الرياض لكن ظروف المنطقة والعالم من وجهة النظر
الأميركية يجب أن تراعى لا سيما من قبل الحليف الخليجي الأكبر والذي يجب عليه أن
يعيد النظر في مواقفه حيال كل الأزمات القائمة ودوره فيها كما فعلت الإدارة
الأميركية وتوصلت عبر إجراء مراجعة كاملة خلصت من خلالها الى التراجع عن تنفيذ
العدوان العسكري على سورية كإجراء فعلي، في الوقت التي انطلقت دبلوماسيتها باتجاه
فتح آفاق جديدة لحلحلة الملفات العالقة منذ سنوات طويلة من دون إحراز أي تقدم فيها
بل على العكس كانت تزداد تراجعاً الى درجة تسجيل الخسائر الكبرى فيها.
لكن المملكة
السعودية لا تزال مقتنعة أو متوهمة أنها قادرة على وضع العراقيل في طريق ما انطلق
دولياً وتحديداً اميركياً على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه دفعة واحدة إن حيال
سورية التي تعطيها السعودية الأولوية من بين الملفات حتى على حساب ملفها مع إيران
إذا أردنا الفصل، أو حيال لبنان الذي من الممكن أن تتساهل فيه إذا ضمنت تنفيذ شرط
واحد من مجموع بنود سياستها المرسومة سورياً وهو عدم ترشح الرئيس بشار الأسد
لولاية رئاسية جديدة في بلاده في آذار المقبل. إلا أن هذا الشرط الذي كان يجمع
عليه العالم بما في ذلك الولايات المتحدة لم يعد يشكل مطلباُ مهما له بعد العديد
من الخطوات التي تم السير بها إن على المستوى السياسي في معالجة أصعب العقد مع
إيران، أو على المستوى الميداني في سورية حيث تحقق القوات الحكومية وحلفاؤها
انجازات مهمة يقرأ من خلالها المعنيون انقلابا كاملا في موازين القوى على الأرض ما
يسقط امكانية فرض شرط رحيل الرئيس كما ينذر بأن الجماعات المسلحة المتعددة
الجنسيات والدول الداعمة لها بدأت تخسر فعلياً حربها هناك.
هذا الواقع الذي
وصلت اليه الأمور أفقد المملكة السعودية نسبة كبيرة من رصيدها وأضعف ما بقي منه
لديها، لكنها لن تكف عن محاولة إعادة تجميع عناصرها في كل المواقع لتعيد وزن
قوتها، ومنها لبنان ورئاسته الحالية وما هو مقبل عليه رئاسياً وحكومياً ناهيك عن
قدرة مخابراتها على أرضه والتي استطاعت توجيه ضربات محدودة سرعان ما تم تطويقها
لكنها ما زالت ناشطة وفاعلة على مستوى التخريب وإثارة الفتن في العديد من المناطق
ليس آخرها ما يحصل في طرابلس في شمال البلاد.
مصادر دبلوماسية
عربية قالت إن زيارة سليمان الى السعودية تندرج في إطار تعزيز الصداقة معه في هذه
الظروف "العصيبة"، مشيرة الى أن الرئيس اللبناني الذي لا يوجد تحت إبطه
إلا "إعلان بعبدا" الذي لم يستطع إحداث اختراق من خلاله، لن يكون بيده بالرغم
من إعلانه عدم التطرق الى موضوع الحكومة خلال اللقاءات مع المسؤولين السعوديين، سوى
محاولة اقناع المملكة "الإفراج" عن تشكيل الحكومة اللبنانية وفق
"الشروط" الموضوعة لتشكيلها والمشاركة فيها من قبل فريقها لأن ذلك يبقى
أفضل الخيارات أمام التراجع الحاصل في الموقف الدولي حيال سورية وإيران ومن خلفهما
روسيا في المشهد الجديد.
غير أن هذا الأمر
دونه عقبات كبيرة أمام ما يرشح عن توجه المملكة التي تستعد لإكمال الحرب في سورية
في ظل الحديث عن إقدامها على إعادة تشكيل قوة عسكرية ضخمة في إطار ما يسمى
"جيش الإسلام" على أن يكون قوامها سوري، وما صدر من أوامر جديدة عن زعيم
تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري تقضي بإبعاد تنظيم "دولة العراق
الإسلامية" عن الشام، وإيلاء زمام الأمور في سورية الى "جبهة
النصرة".
تعليقات