طريق بيروت دمشق.. آمن
طريق بيروت دمشق.. آمن
البناء/الخميس 21 شباط 2013
محمد شمس الدين
أثار اغتيال رئيس المنظمة الإيرانية لإعادة إعمار جنوب لبنان المهندس حسام خوش
نويس، المعروف في لبنان بـ"حسن شاطري"، في طريق عودته من دمشق إلى بيروت
داخل الأراضي السورية، تساؤلات حول مدى سلامة وأمن الخط الدولي الذي يربط لبنان بسورية
بين اوتوستراد المزة غرب العاصمة دمشق وصولا الى نقطة الحدود في جديدة يابوس ومنها
الى الحدود اللبنانية عند نقطة المصنع، حيث فسرت جهات سياسية عملية الإغتيال على أنها
سيطرة كاملة لما يسمى "الجيش السوري الحر" وأطراف المعارضة السورية المسلحة
على تلك الطريق.
لكن مصادر أمنية قالت إن الطريق الدولية آمنة بشكل تام، وأن إغتيال خوش نويس
أو جنرال الإعمار الإيراني في لبنان كما اصطلح على تسميته، ليس دليلاً على سيطرة تلك
الجماعات على هذه النقطة الحيوية بالنسبة لمصالح لبنان وسورية لا سيما في هذه الظروف
الدقيقة التي يمر بها البلدان، مشيرة الى أن "التواصل الميداني" قائم على
مدار الساعات الـ 24 يومياً.
لم يكن وجود خوش نويس في سورية جزءً من عمليات عسكرية وأمنية كما حاول البعض
ترويجه، كما لم يكن على علاقة بأي شكل من الأشكال بما اشيع عن مشاركة مجموعات من حزب
الله في القتال الدائر في سورية، لأنه إن صح ذلك فإن للحزب "جنرالاته" الكفوئين
الذين يستطيعون ممارسة عملهم من دون إشراف المهندس الإيراني الذي يخدم اغتياله العدو
الإسرائيلي ومخططاته في لبنان وسورية شاء منفذه أم لم يشأ، أدرك ذلك أم لم يدرك.
وفي حين تؤكد المصادر أن الطريق مفتوحة ولن يستطيع أحد إغلاقها لما تشكله من
"بعدٍ استراتيجي سياسياً وعسكرياً"، تقول إن القتال الذي ينسب الى حزب الله
في بعض المناطق داخل سورية لاسيما تلك المتاخمة للحدود اللبنانية في القصير وغيرها
من القرى والبلدات المجاورة إنما يسكنها مسلمون شيعة تم تسليحهم للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم
وهو ما تمت الإشارة اليه سابقاً حتى من خلال كلام مباشر للأمين العام لحزب الله السيد
حسن نصرالله في إحدى خطاباته وهو ليس بالشيئ الجديد، لكن محاولات المسلحين المستمرة
للسيطرة على تلك المناطق لا ينطلق فقط من البعد المذهبي الذي دائماً يقدم على غيره
من الأسباب لغايات "فتنوية"، وإنما يهدف الى إسقاط تلك النقاط الإستراتيجية
عسكرياً لما لها من تاثير على مجريات الحرب الدائرة وما تحققه من نتائج على مستويين:
الأول: فتح طرق الإمداد للمجموعات المسلحة أو التي يمكن تسليحها في المنطقة
ومحيطها لصعوبة إيصال السلاح اليها من مناطق تعتبر بعيدة نسبياً قياسا على خطوط الإمداد
من لبنان.
والثاني: لما تشكله من نقطة ضغط عسكرية على المركز (دمشق) لقربها منه وسهولة
الوصول اليه منها، وهو ما حاولته تلك الجماعات أكثر من مرة على مدى عام كامل بتوجيه
من غرف العمليات التي توجه المسلحين وتشرف على سير القتال من خارج سورية إن في لبنان
أو في تركيا.
وفي هذا السياق تلفت المصادر الأمنية الى أن الكثير من العائلات الشيعية التي
تسكن تلك المنطقة والمنضوية تحت لواء اللجان الشعبية التي شكلت أخيراً بدعم من الحكومة
السورية والجيش، لها جذور وصلات دم مع قسمها اللبناني الذي لم تنقطع علاقاتها به أبداً،
ما يفسر على أنه قتال من حزب الله في سورية في حين لم تنف المصادر من وجهة نظرها امكانية
مشاركة الحزب في أي لحظة يشعر بها محوره الممانع بأن الخطر قد اقترب وهذا بطبيعة الحال
له مؤشراته التي لم تظهر بعد، بل على العكس تماماً، فإن الأسابيع القليلة الماضية حملت
في طياتها تقدماً في العمليات العسكرية التي نفذها الجيش السوري تحديداً في ريف دمشق
وحلب وذلك باعتراف قيادات المسلحين والتي تنادت فيما بينها الى طلب الدعم كما انعكس
ذلك على مجمل التحركات السياسية الاقليمية والدولية كما ظهر ايضاً في ما نقل عن الرئيس
السوري بشار الأسد.
قد يكون صحيحاً نظرياً أن الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل "غير منزعجتين"
من الحرب في سورية لأنها تقوض قوة الدولة والجيش فيها من جهة، وتذبح من تعتبرهم
"ارهاباً" يجب القضاء عليه وذلك من دون أية تكلفة أو أعباء او مخاطرة تتحملها
كما جرى معها في العراق، إلا أن الصحيح أيضاً أن ذلك لن تقدمه سورية مجاناً على مذبح
المصالح الدولية المتقاطعة في نقاط معينة ومتناقضة في نقاط أخرى.
ليست "قيادة العمليات العسكرية لـ"العميد" شاطري، أو "مشاركة"
حزب الله في القتال في سورية سوى ترويجاً رخيصاً ومحاولة لإسقاط هذا البعد على الحرب
هناك، في حين أن الحزب الذي لم تنجح اية محاولة منذ الـ 2005 لتوريطه في "مأزق"
مماثل في لبنان، لن يستدرج الى "حرب استنزاف" تسقطه فيه أميركا و "إسرائيل"
بعدما اصبح جزءً من معادلة الحرب و السلم الإقليمي وجهز نفسه لمواجهتهما فيها.
تعليقات