«اليونيفيل».. صدى صوت الداخل


«اليونيفيل».. صدى صوت الداخل
البناء 6 أيلول 2012
محمد شمس الدين  

سُمع صدى دعوة قوى الأقلية النيابية اللبنانية دولياً لنشر قوات دولية على الحدود الشمالية والشرقية مع سورية عقب نجاح تلك القوى بتوتير الأوضاع في اكثر من نقطة لا سيما تلك التي يتخذها ما يسمى بـ»الجيش السوري الحر» وأتباعه في داخل لبنان منطلقاً لعملياتهم باتجاه سورية.
الصدى جاء على لسان أندريا تيننتي، الناطق باسم القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» بموجب القرار الدولي رقم 1701 الذي اوقف العمليات العسكرية للحرب التي اندلعت بين لبنان و»إسرائيل» عام 2006، لكن المتحدث الدولي اشترط ان يتم ذلك بناء على طلب الحكومة اللبنانية التي لم تطلب بعد عملياً ذلك، لكن ما بات يلوح في الأفق هو أن تهيئة الأجواء لذلك قد بدأت فعلا عبر سلوك اكثر من طريق أكثرها اهمية المذكرة التي رفعها حزب «المستقبل» الى رئيس الحكومة وتتضمن هذا الطلب بالتحديد.
لكن المفارقة أن تعليق «اليونيفيل» الدولية على الموضوع استبق أية مذكرة رسمية أو حزبية وكان مجرد صدى فعلي لما تناقلته وسائل الإعلام عن ألسنة سياسيين، ما يكشف أن المسألة قد تعدت الاقتراح لتصبح بنداً رئيسياً يتم تداوله في كواليس السياسة الدولية خاصة تلك التي تلتزم الملف السوري وتحاول استغلال الوضع في لبنان لإكمال محاصرة سورية عبره.
ما يؤشر له ذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً بجملة الإجراءات التي تنفذ من خلال لبنان وقواه التي تتبنى الحرب على سورية وفيها، والتي باتت تتصرف على أنها تخوض معركتها الوجودية بها، لا سيما في ما يتعلق بتوفير الحماية وطرق الإمداد للجماعات المسلحة المقاتلة في الداخل السوري وتوفير المقاتلين والسلاح والمال لهم. والأهم من ذلك توفير منطقة آمنة تشكل قاعدة لإدارة عمليات هؤلاء اصطلح على تسميتها بـ»العازلة» لكن تلك المنطقة ما كانت لتكون محصنة إذا لم تتوفر لها منطقة حظر طيران. وهذه النقطة بالتحديد تصبح جاهزة إما عبر الوجود الجزئي للقوات الدولية في إحدى المناطق القريبة من الحدود وتحديداً في عكار لما تشكله من بيئة حاضنة تم تعزيزها منذ مدة، وهو ما دلت عليه وتيرة الحوادث التي شهدتها، أو عبر انتشار على طول الحدود الشمالية - الشرقية للبنان أو أقسام منها عبر نقاط مراقبة محددة.
وفي هذا السياق، تقول مصادر دبلوماسية إن البحث جارٍ فعلاً في كواليس السياسة الدولية بهدف التفتيش عن السبل التي تسهل إقامة منطقة عازلة في لبنان لإدارة العمليات العسكرية من خلالها تحت ستار حماية النازحين السوريين، بالرغم من وجود غرفة عمليات تمارس دورها على هذا الصعيد في تركيا، إلا أن الأداء الذي اظهره الجيش السوري في حلب وريفها قد أحبط كل الخطط التي وضعت للإبقاء على طريق الإمداد من تركيا الى الجماعات المسلحة مفتوحاً، فالجيش الذي توجه لتنفيذ عمليته في شمال سورية استطاع أن يسيطر بنسبة عالية على الأرض، في حين استطاع الحد بنسبة 90 % من وصول الدعم الى المسلحين الذين يسقط منهم المئات يومياً حسبما أكدت مصادر عسكرية سورية.
وتشير المصادر الى أن تحرك حزب «المستقبل» في اتجاه نشر القوات الدولية على الحدود الشمالية لم يكن من فراغ، بل يندرج ضمن مجموعة منسقة من الخطوات أولاها تعبئة الرأي العام من أجل الضغط على الحكومة، كما أن تولي «المستقبل» عملية تسويق هذا المطلب هو من أجل تحصينه مذهبياً في مواجهة اي اعتراض عليه من قبل حزب الله أو مقاومته أو حركة امل أو المسلمين الشيعة عموماً.
وأردفت المصادر بالقول إن اية مطالبة من قبل أي فريق آخر ستعتبر «إسرائيلية» لذا تقرر أن يضطلع حزب «المستقبل» السني بهذه المهمة لعلم الجميع أن القوى الإسلامية الشيعية لن تستنفر في مواجهته مخافة الوقوع في الفتنة التي تجهد لتجنبها.
لكن المصادر اكدت أن مقاربة القوى الإسلامية الشيعية والوطنية لهذا الموضوع مختلفة كلياً، وهي إذ منعت انتشار القوات الدولية خارج منطقة الليطاني بموجب القرار 1701 علماً أن الأمر كان مطروحاً في حينه، فإنها لن توافق حتماً عليه اليوم للاعتبارات عينها التي فرضت عدم الموافقة بعد حرب العام 2006، لأن ذلك تهديد مباشر لأمن المقاومة واستراتيجيتها الدفاعية وحماية ظهرها إضافة الى تهديد استراتيجية تحرير ما تبقى من أرض محتلة.
لا يمكن النظر الى قضية بهذا الحجم والخطورة وتأثيرها في استراتيجية الصراع في المنطقة بالطريقة نفسها التي تم النظر فيها مثلاً الى قضية المخطوفين اللبنانيين في سورية، أو أية تجاوزات من هنا أو هناك مما تقدم عليه أجهزة أمنية محسوبة على فعاليات في البلد وخارجها، ما يفرض الحذر من خطوات يكون قرار السير فيها بمستوى قرار عدواني من قبل العدو «الإسرائيلي».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار