لماذا بقي الإبراهيمي في دمشق؟


لماذا بقي الإبراهيمي في دمشق؟
البناء 27 كانون الأول 2012
 محمد شمس الدين

تمديد مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي زيارته التي كان بدأها إلى سورية يوم الأحد الماضي للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، رسم الكثير من علامات الاستفهام حول ظروف وأسباب ذلك، بعدما التقى «الأخضر» الرئيس السوري لساعات وكان من المفترض أن تشكل نهاية اجتماعهما نهاية للزيارة، غير أن مضمون الاجتماع فرض تمديد الإقامة لتوسيع دائرة اللقاءات.
ماذا حمل الإبراهيمي معه إلى سورية ولماذا قرّر البقاء فيها أياماً إضافية لإجراء مزيد من اللقاءات وعلى ما يبدو، انتظاراَ لنتائج زيارة انطلق فيها أمس كل من نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يرافقه مساعد الوزير أحمد عرنوس إلى موسكو بشكل مفاجئ.
 الواضح أن الإبراهيمي لم يحمل معه إلى سورية أيّ جديد على الإطلاق سوى أنه يريد أن يعطي دفعاً لمهمته التي بهتت وهي تنتظر ما يحرّكها لا سيما على الصعيد الميداني بعدما وُضع المبعوث المخضرم في أجواء تفيد أن موازين القوى في سورية بدأت تتبدل وأن الجماعات المسلحة تؤكد أنها على مقربة من تحقيق «نصر» عسكري على «النظام» خصوصاً بعد انطلاق «معركة دمشق» منذ حوالى شهر أو أكثر بقليل. إلّا أن ذلك لم يحصل، الأمر الذي حثّ الإبراهيمي على تحريك مهمته بنفسه فقرّر الذهاب إلى دمشق لاستطلاع الأوضاع فيها عن كثب، وقراءة أفق ما يمكن أن يقوم به بعيداً عن الانتظار الممل والأخبار والوعود الكاذبة التي تهبط عليه من كل حدب وصوب.
ما وجده المبعوث الدولي في سورية مغاير لكل الروايات التي سمعها خارجها، وهو، وإن عبّر عن قلقه من الأوضاع السائدة هناك، إلّا أن ذلك و في حقيقة الأمر لا يعكس ما وصله من معلومات تشير إلى أن الدولة ورئيسها على حافة الانهيار، وبالمناسبة ذلك ما يسوقه الإعلام «الإسرائيلي» الذي نقل عن «عاموس يدلين» من موقعه كرئيس سابق للاستخبارات «الإسرائيلية»، كما هو مطابق لكلّ ما يتم تدواله لدى الغرب والعرب على حدّ سواء.
فوجئ الإبراهيمي بأن الرئيس الأسد يكرّر عليه ما سمعه منه في جلسات سابقة، وأنه لم يغير أيّاً من سياساته التي كان المبعوث الدولي يتوقع أن تكون قد لانت بفعل الضغوطات التي من المفترض أن يخضع لها الرئيس الأسد، لكنّه أكد على أن سورية دولة تحترم تعهّداتها وأن المشكلة ليست عنده لا بل عند الطرف الآخر، الذي يجب على الإبراهيمي أن يتواصل معه لمعرفة قدرته على تنفيذ ما يمكن أن يتوصّل إليه أيّ حوار، مع التشديد على أن لا مكان لكل من تلطخت يده بدماء السوريين على أية طاولة للتفاوض أو الحوار أو الحلّ إذ «لا حلّ مع المجرمين».
طرح الإبراهيمي صيغاً جديدة لأفكار قديمة تراعي إنضاج تسوية تحفظ بالحدّ الأدنى «الطرف الآخر» أي الدول التي تبنّت قتال المسلحين في سورية، فجاء رفض الرئيس السوري قاطعاً استنتج معه المبعوث الدولي أن لا مناص من الانطلاق من داخل سورية مجدداً عبر استطلاع رأي المعارضة الداخلية التي ترى الدولة أن الحوار معها قابل للحياة مع مراعاة أن تعكس آراء كل معارضة الخارج وتغطي بعباءتها كل الشراذم وتكون هي مسؤولة عنهم بطريقة من الطرق.
بقاء المبعوث الدولي في سورية تمحور حول دراسة إمكانية الانطلاق من داخل سورية، وقد أجّل زيارة مقرّرة إلى روسيا في نهاية زيارته إلى سورية كانت أعلنت عنها موسكو مطلع الأسبوع الجاري، لكن تمّ الاستعاضة عنها بموفدي الحكومة السورية الاثنين لوضع المسؤولين هناك في أجواء التحرك الجديد وضرورة تبنّيه دولياً وإقليمياً لمساعدة الإبراهيمي على إنجاحه وتسجيل اختراق في مهمته التي تواجه الفشل إذا لم يتم دفق الدم في عروقها عبر أي تحرك مقبول نسبياً.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار