جولة الإبراهيمي: «لجنة اتصال» إقليمية مصغرة
جولة الإبراهيمي: «لجنة اتصال» إقليمية مصغرة
البناء 18 تشرين الأول 2012
محمد شمس الدين
حطّ المبعوث الدولي – العربي لحل الأزمة في سورية الأخضر الإبراهيمي أخيراً
في لبنان. حيث أن جولته التي يتابعها على دول المنطقة لم تكن لتقفز عن هذا البلد، لقد
تبين للدبلوماسي المخضرم أنه يجب أن يبحث عن ضالته في الحل خارج سورية، بعدما وجد أن
بداخلها موقفاً مستعصياً ربطته الجماعات المسلحة هناك بقرار خارجي محوره المملكة العربية
السعودية وقطر من جهة وتتصدر لمتابعته أنقرة.
من المعروف أن الإبراهيمي بدأ جولته الأخيرة من تركيا وانتقل منها الى إيران
فالعراق ثم مصر مروراً بلبنان ليزور بعدها دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد لوضعه في آخر
ما توصل اليه من سيناريوهات للحل المنشود وسط تأزم سياسي تشهده المنطقة وأنظمتها ووقوفها
أمام حائط مسدود لا يجد أي واحد منها أن لديه قدرة على اختراقه ولا حتى جماعياً، لأن
في المقابل هناك من يمكن أن يواجهه في المكان والزمان غير المتوافقين مع مصالحه لا
في داخل الأزمة السورية ولا حتى خارجها.
عنوان جولة الإبراهيمي بات واضحاً وهو التفتيش عن حل خارجي للأزمة السورية
«الداخلية»، وقد اتخذ من فكرة إنشاء لجنة مشتركة سورية – تركية عليا للاتصال شعاراً
للتحرك الجديد الذي يمكن لجميع الأطراف إبداء الرأي فيه، وبالتالي المشاركة بوضع آلياته
درءاً للمخاطر الناجمة عن الاحتكاكات الحدودية بين البلدين التي شهدت تطورات عسكرية
دراماتيكية من الممكن في أية لحظة أن تتحول الى وقائع عسكرية خطيرة ما لم تتحول الى
حرب يجد الكثيرون فيها مخرجاً لأزماتهم أو مدخلا لتحقيق أفكار لم تستطع إيجاد أرضية
صالحة لها على مدى ما يقارب العامين من الحرب على سورية.
وفي هذا السياق، تقول مصادر سياسية إن زيارات الإبراهيمي المكوكية على دول الرباعية
المصغرة لـ»ثلاثية» بعدما انكفأت السعودية عن المتابعة فيها، إنما تهدف الى النظر في
ضبط الحدود المحيطة بسورية إن من تركيا أو العراق أو لبنان ناهيك عن الأردن غير المؤثر
نسبياً لابتعاد حدوده عن ساحة المعركة المباشرة، مشيرين الى أن ذلك هو ما طلبته سورية
وقيادتها تحقيقاً لمبدأ وقف تدفق المسلحين والسلاح تمهيداً لإعلان وقف إطلاق النار
الذي كان الإبراهيمي قد طلب البدء به اعتباراً من عيد الأضحى في 26 من تشرين الثاني
الجاري.
وتنقل المصادر السياسية عن مقربين من المبعوث الدولي قناعته بأن المدخل الى
تحقيق وقف إطلاق نار في سورية، يرتكز على تنفيذ طلب القيادة السورية وقف تدفق المسلحين
والسلاح ليصار الى الانتقال الى طرح مسودة قد أعدها المبعوث الدولي لخص فيها أفكاره
للحل القائم على الحوار بشكل اساسي توصلاً الى تغيير سبق وقُدم له عبر تسريبة من هنا
وأخرى من هناك، وبغض النظر عن امكانية تحقيق ذلك من عدمه، إلا أن الإبراهيمي الذي لم
يستطع حتى اللحظة تقديم ما يطمئن عرّابي الحرب الخليجيين على سورية الى مستقبل مبادرته
التي تلحظ دورهم فيها، كان مطمئناً وواثقاً من أنه يمكن الاعتماد على ما وعد به الرئيس
الأسد من التعاطي إيجابياً مع كامل بنود مسودته في حال استطاع إقناع هؤلاء بوقف تدفق
المسلحين والسلاح الى بلاده.
ركِب الإبراهيمي موجة لجنة الاتصال السورية – التركية على خطورتها من أجل الوصول
الى فتح قنوات الحديث المباشر مع أنقرة رأس الحربة في الحرب الغربية – العربية على
سورية ودمشق، علّ ذلك يفتح ثغرة في الحائط المسدود، في حين أن الإبراهيمي قد سمع في
عواصم دول المحور المؤيدة لسورية ما يبعث على الأمل في تحقيق وقف إطلاق نار خلال عشرة
أيام من الآن.
وتشير المصادر السياسية الى أن المبعوث الدولي الذي يعمل في اساس مهمته التي
تتبنى النقاط الست لسلفه كوفي انان، إنما يعمل على تسويق «مشاركة» بين الدولة والمعارضة
في سورية تلامس حد «التغيير» المطلوب خليجياً، وينطلق من أن إصلاح الأمور لم يعد ممكناً،
لكنه يصطدم بموقف الدولة السورية المتماسك وجيشها المسيطر على الأرض من جهة، وتعنت
مواقف الدول الداعمة للمسلحين من جهة ثانية، ما يجعل من الحسم حتى بالنسبة إليه في
هذه الحالة أمراً مطلوباً بشدة في أية مبادرة أو اتفاق أو سيناريو مقترح للحل.
وفي ما يبدو أن الإبراهيمي الذي أطلع المسؤولين اللبنانيين على أجواء جولته،
اقترح أن يصار الى ضبط الحدود بين لبنان وسورية انسجاماً مع ما طرحه بين تركيا وسورية
في وقت يجري الحديث فيه عن توسيع رقعة لجنة الاتصال بما يكفل مراقبة عملها وتحويلها
إلى لجنة اتصال «حوارية» إقليمية مصغرة.
تعليقات