مجزرة.. وإخفاق دولي جديد
مجزرة.. وإخفاق
دولي جديد
البناء 31 ايار 2012
محمد شمس الدين
للمرة الرابعة على التوالي يخفق التحالف الغربي
– العربي في النيل من سورية بالرغم من هدره المزيد من دماء السوريين، وكان آخر ما اقدم
عليه المجزرة التي وقعت في منطقة الحولة في محافظة حمص والتي روّج بداية على انها من
فعل الجيش السوري وقصفه العنيف الذي ادى الى سقوط أكثر من 100 ضحية بينهم عشرات الأطفال
وأكثر من 300 جريح
.
لكن سرعان ما تغيرت الرواية لتصبح أن الضحايا قد قتلوا رمياً بالرصاص، وأن مجموعة
مسلحة ترتدي زياً اسود اقدمت على اقتحام بيوت هؤلاء وأطلقت النار على رؤوس كل من ظهر
في طريقها وهو ما اورده تقرير منظمة العفو الدولية مستنداً الى ما أسماه شهود عيان
.
ما يمكن تأكيده بالاستنتاج هو، أولاً أن الجيوش النظامية لا تقدم على افعال
كهذه، وثانياً أن لا مصلحة لها ولآمريها بذلك، في حين أن هذا الفعل الإجرامي يخدم ما
هو معلن من أهداف الجماعات المسلحة التي استباحت وتستبيح كل شيء وتوظفه في سبيل دعم
خيار التدخل الأجنبي في سورية، الأمر الذي مضى على طرحه حوالى العام وما زال حياً في
اذهان تلك الجماعات لأنه مطلب الدول الراعية للعنف الى حين تحقيق «التغيير» على مستوى
الدولة ورئيسها تحديداً والذي وضع كهدف واضح بغض النظر عن كل ما اقدم عليه من إصلاحات
وانتخابات ووضع دستور انتقالي جديد للبلاد .
مجزرة الحولة افتعلها التحالف الغربي – العربي عبر «شبيحته» المنتشرين في أكثر
من بقعة في سورية لا سيما تلك القريبة من تركيا التي تشكل لهم الملاذ الآمن، كذلك المناطق
المتاخمة للحدود في شمال لبنان حيث يتم تهريب السلاح ودعم المسلحين. وهذا الفعل الإجرامي
طال شرائح متعددة من النسيج الإجتماعي السوري حيث قتل العشرات من السنّة والشيعة والعلويين
في محاولة لإطلاق فتن مذهبية على امتداد الشمال السوري بين الحدود الغربية والشمالية
للبلاد
.
وتقول مصادر أمنية مطلعة إن معلوماتها تؤكد أن القتلى توزعوا على المذاهب الثلاثة
بهدف إحداث فتنة كبيرة تكون مقدمة لطلب التدخل الخارجي، أو على الأقل تفضي الى ما افضت
اليه من طرد للسفراء السوريين في عدد من عواصم العالم، في حين أن رؤساء أوروبيين أفصحوا
عن أن عملية الطرد تلك كانت منسقة بين دول عديدة، فإطلاق النار على الأطفال والنساء
والشيوخ وبالطريقة التي شوهدوا فيها عبر وسائل الإعلام هو أقصى ما يمكن فعله لاستثارة
المجتمع الدولي الذي كان بدوره جاهزاً لرد الفعل، بينما بدأ يطالب باتخاذ قرارات جديدة
ذات فعالية على مستوى مجلس الأمن ضد سورية، وكذلك لممارسة الضغوط على روسيا والصين
اللتين تمسكتا بموقفهما الرافض لأي تدخل دولي في الأزمة السورية من خارج مجلس الأمن
وأصرتا على العودة اليه لما يتمتعان به من نفوذ هناك
.
هذا الإخفاق للتحالف الغربي – العربي في تطويع قرار روسيا والصين لضغوطهما عبر
هدر الدم يعني أن الأزمة السياسية الدولية عادت الى مربعها الأول، ليس فقط حيال سورية
بل على مستوى أكثر من قضية يسعى ذلك التحالف الى تسجيل اختراقات فيها
.
أِّذِن ذلك التحالف للجماعات المسلحة بارتكاب فعلها الشنيع في الحولة لتبرير
التصعيد الدولي ضد سورية والضغط على روسيا لتليين موقفها حيال خيارين احلاهما مر بالنسبة
اليها ولحلفائها واصدقائها في المنطقة، فإما القبول بالسيناريو الليبي أو الذهاب الى
الآخر اليمني الذي يقضي بتنحي الرئيس وضمان وضعه وعائلته والإبقاء على حصة له في التركيبة
المقبلة، إلا أن هذين الأمرين لا يصحان في سورية لاختلاف النسيج الإجتماعي والجغرافيا
السياسية وحتى ميزان القوى في قضايا صراع رئيسي غير معلوم النتائج الى الآن في ظل المتغيرات
الجارية في المنطقة العربية
.
بسقوط هذين النموذجين تبقى «الأجندة» المعمول بها سورية الطابع والهوية ولو
طال زمن المواجهة في الداخل، مع عدم اغفال ما يمكن أن يستجد خارجها لاسيما في لبنان
البلد الأقرب الى الفتنة.. والحروب.
تعليقات