الإتفاقيات اللبنانية - السورية والعقوبات
الإتفاقيات اللبنانية - السورية والعقوبات
البناء 22 آذار 2012-
محمد شمس الدين
تكتسب الاتفاقيات المعقودة بين لبنان وسورية في إطار معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق أهمية خاصة في ظل التداعيات الناجمة عن الأوضاع السائدة في سورية، لا سيما بعد التحركات التي تشهدها الساحة اللبنانية على خلفية تلك الأحداث وأهمها تحرك الجماعات الداعمة للمسلحين في سورية، في بعض المناطق اللبنانية وخاصة المتاخمة للحدود اللبنانية – السورية في شمال لبنان وشرقه.
تعتقد مصادر سياسية مطلعة إن لبنان قصّر في أدائه الذي تمليه الاتفاقيات وتحديداً في المجال الأمني، مشيرة الى أن الجيش اللبناني استدرك في الآونة الأخيرة أهمية العمل بموجبها بعد عدد من الحوادث شهدتها الحدود في الشمال، في ظل نشاط مكثف لجماعات سياسية وحزبية لبنانية تعمل في إطار أهداف الجماعات المسلحة في سورية لم تفلح جهودها في اختراق أو تقويض تلك الاتفاقيات بعدما حاولت القفز فوقها وتجاهلها، وبالتالي نسفها وصولا الى محاولة الاعتداء على الجيش من خلال اتهامه والتشكيك به على أكثر من مستوى.
تشدد المصادر على أن لبنان أحوج الى تطبيق تلك الاتفاقيات من سورية التي اثبتت أنها قادرة على الإمساك بزمام أمورها الأمنية والعسكرية، ناهيك عن افلاتها من الضغوطات الدولية سياسياً وصمودها في وجه العقوبات الاقتصادية، وما يحاول العالم إنجازه من لوائح إسمية الهدف منها التأثير المعنوي على الشخصيات المستهدفة في سورية. بينما أثبتت الحوادث التي شهدها لبنان على المستوى الأمني، من حالات خطف وتراجع وتيرة المراقبة والحراك السياسي والحزبي الذي عبر عن نفسه تجاه الحوادث هناك، إنما يدل على استعداد البلد لتقبل أية فتنة من أي نوع كانت في ظل الحديث المتنامي عن نشاط لجماعات أصولية متطرفة من بينها تنظيم "القاعدة"، في حين أن ظهور بعض الشخصيات المستجدة أو الطارئة على ساحة العمل السياسي والحزبي في لبنان في أكثر من منطقة وبمنطق غير مألوف، من شأنه تسليط الضوء على حاجة هذا البلد الى تفعيل إجراءاته، حيال أية مظاهر منفرة بسبب الأوضاع في سورية، إو تؤكد على أهمية أن يتمسك لبنان بتطبيق الاتفاقيات في المجالين السياسي والأمني وعدم السماح حتى بالتطاول عليها في وسائل الإعلام وإلزامها باحترامها في إطار القوانين المرعية الإجراء.
ففي هذا السياق، تشير المصادر الى أنه يتم الاحتماء بقانون الحصانة الذي يتمتع به النواب لينبري قسم منهم الى شن حملاتهم على تلك الاتفاقيات كجزء من معاركهم السياسية داخل البلد وخارجه، وبما يخدم تحالفاتهم مع قوى ودول خارجية تعتبر رأس حربة في المعركة الدولية على سورية وتحاول استخدام لبنان منصة أو معبراً للانقضاض عليها، فيما لم تلحظ تلك الجهات حجم الضرر الذي من الممكن أن يلحق بالجانب اللبناني جراء ذلك التوظيف.
وتقول المصادر إن الاتفاقيات مع سورية لعبت دوراً كبيراً في حماية لبنان في أوقات سابقة، وفرضت على سورية تقديم كل ما يمكن من أجل مساعدته لتجنيبه عقوبات كان الغرب يفكر باتخاذها عندما وجه حربه على حزب الله أحد مكونات لبنان السياسية خاصة في المجال الاقتصادي وبما يمنعه من متابعة نضاله ضد العدو «الإسرائيلي»، مشيرة الى أن العقوبات الاقتصادية على سورية لن تفلح في تحقيق أهدافها طالما ان الحدود اللبنانية – السورية بقيت مفتوحة ومحمية، وهو ما تحركت جهات دبلوماسية كلفت من قبل استخبارات دولها لحث بعض الجهات في الداخل على التحرك للمطالبة بتغيير واقعها حتى لو تطلب ذلك افتعال حوادث من شأنها فتح النقاش حول هذا الموضوع بما يخدم إما أقفال الحدود أو خضوعها لترتيبات تحت إشراف قوى دولية عبر توسيع نطاق عمل قوات "اليونيفيل" على امتداد الحدود اللبنانية - الإسرائيلية - السورية الى آخر نقطة في شمال لبنان.
وتضيف المصادر إلى أن الدوائر الدبلوماسية ناقشت الأمر مع جهات سياسية لبنانية غير رسمية تحمست للفكرة، بينما أبدت الجهات الرسمية خشيتها من أن يؤدي ذلك الى تغيير قواعد اللعبة إذ سيعتبر حزب الله وفريقه السياسي في لبنان أن ذلك بمثابة اعتداء خاصة وأنه يستلزم تغييراً في قواعد الاشتباك التي تضبط عمل قوات الطوارئ الدولية العاملة في إطار "اليونيفيل" المعززة.
ولفتت المصادر السياسية نفسها الى أن محادثات نائب وزير الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية الأميركي ديفيد كوهين لم تقتصر على الاستفسار عن العقوبات الاقتصادية المفروضة على البنوك الإيرانية من ضمن سلسلة العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران ومستوى تعامل المصارف اللبنانية معها، بل شملت أيضاً التحقق من معلومات تحدثت عن "سيطرة" حزب الله على مصارف في لبنان بما يخدم خرق أو إضعاف تلك العقوبات على إيران. لكن المصادر أكدت على أن الاستخبارات المالية الأميركية تدرس امكانية إلزام القطاع المصرفي اللبناني بتطبيق عقوبات من شأنها محاصرة سورية وذلك من ضمن اجراءات ينوي الاتحاد الأوروبي اتخاذها في هذا الإطار.
تقول المصادر إن تطبيق الاتفاقيات اللبنانية - السورية تعود بالفائدة الكبرى على لبنان الأضعف على كل المستويات والمتضرر الأكبر من استخدام أراضيه أو قطاعاته الاقتصادية أو المصرفية في تطبيق عقوبات على سورية في خرق واضح لتلك الاتفاقيات، مستذكرة التحذيرات الأميركية التي أطلقت من أكثر من مسؤول أميركي بينهم السفيرة مورا كونيللي في بيروت حول ضرورة ضمان عدم تأثير الأزمة في سورية على الأوضاع في لبنان في إطار ما يحضر على هذا الأساس.
تعليقات