حكومة لبنان.. الدور والهوية؟؟؟

حكومة لبنان.. الدور والهوية ؟؟؟ /

 

  محمد شمس الدين /  

 

  دخلت الأزمة اللبنانية الأخيرة شهرها العاشر من دون تسجيل أي تقدم في معالجتها، لا من خلال تشكيل الحكومة العتيدة، ولا من خلال الأداء الذي اتبعته للحد من الإنهيار المالي والإقتصادي والتي جاءت على أساسه لتعود الأزمة السياسية تطفو على سطح الأزمات وينكشف عمقها الفعلي.

كل الحلول التي طرحتها الحكومة الحالية لمحاربة الفساد وتصحيح الخلل المالي والإقتصادي، وإن اعتبرت "كاسرة للمحرمات"، إلا أنها لم تنعكس تحسناً في الواقع، وظلت الأمور تدور في مكانها، فلا هي استطاعت أن تضع حداً لارتكابات المصرف المركزي بالرغم من "المعارك الشرسة" التي خاضتها ضده ومعه جمعية المصارف، بل على العكس فقد استعادت المنظومة المالية المصرفية توازنها وعادت لفرض شروطها في الحلول المتداولة بما يتناسب مع مصالحها وحفظ مكاسبها بالحد الأقصى.

 وفي السياق عينه، فإن الحكومة لم تتوصل بعد إلى ما ترسو عليه مع صندوق النقد الدولي الذي توجهت إليه باعتماده خياراً وحيداً للحل متجاهلة كل الحلول الأخرى التي جرى الحديث عنها على لسان الإقتصاديين المعروفين في لبنان والمنطقة، ومنها ترتيب الأولويات بحسب القدرات الذاتية للبلد واعتماد خطوط دعم دولي وإقليمي غير مشروطة سياسياً، ما يؤكد على عمق الأزمة السياسية الداخلية وارتباطها المباشر بالحروب الدولية التي تخاض على أرض منطقة الشرق الأوسط حتى إشعار آخر.

ما تقدم يقودنا إلى أن سلوك الحكومة اللبنانية العتيدة ليس سلوكاً صحيحاً، وهو بعيد عن رؤية الأمور على حقيقتها، وأنه يتجه إلى سبل غير مناسبة للمعالجة على الصعيدين المالي والإقتصادي اللذين بات مؤكداً ارتباطهما بالأزمة السياسية، وأن حلَهما غير ممكن إلا من خلال حسم موقفها من القضايا المطروحة بعيداً عن روح التسويات غير القابلة في هذه المرحلة للتنفيذ، هذا إذا أرادت الإنجاز قبل رحيلها الذي يعمل الكثير من الأطراف على تسريعه انسجاماً مع سيناريوهات تم إعدادها لإسقاط البلد في الفوضى إذا لم يخضع سياسياً.

السؤال الذي يمكن طرحه هنا يتعلق فعلاً بالدور الذي تلعبه حكومة حسان دياب في ظل هذا الوضع الشائك. هو يعرف أنه فشل في ربح أكثر المعارك دقة وحساسية وهي تلك المتعلقة بالوضعين المالي والمصرفي، وأن وضع الخطة المالية واستعادة ما يسمى الأموال المنهوبة أو المحجوزة وعدم تجاوب القضاء في وضع اليد على ملفاتها الحساسة وإصدار أحكام بها سيبقى حبراً على ورق، إذا لم يكن قادراً على تنفيذها لأسباب "حمائية" باتت معروفة الجهات التي تقوم بها.. ألا يتطلب هذا الأمر موقفاً صارماً من الحكومة لجهة تسمية الأشياء بأسمائها والإعلان عن المعطل الحقيقي للإصلاح المنشود؟، أم أن "المصلحة"  تقتضي فقط البقاء في الحكومة مع تصديق أن الإستقالة لا تنفع وأن الإتيان بحكومة جديدة غير ممكن!؟؟؟

الأطراف الداعمة لبقاء الحكومة تعبر عن خيبة أملها من السلوك الذي تعتمده هذه الأخيرة، في الوقت الذي تطالبها فيه "بخجل" بضرورة أن تكون أكثر حسماً في القرارات التي تتخذها، وأن تصر على تنفيذ ما اتخذ منها من دون مراعاة الجهات الدولية المتحكمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي تعلم الحكومة العتيدة علم اليقين أنها هي التي تملي الشروط وتوافق وترفض القرارات بحسب مخططها الذي تنفذه لمصلحة إسرائيل وأهدافها في لبنان والمنطقة. فإذا كانت الحكومة غير قادرة فإنه لا مبرر لوجودها بل يصبح هذا الوجود سلبياً وسيكون له أثر كبير على مجريات الأمور التي تتدحرج تدريجاً نحو أزمة من نوع آخر لا تنفع معها المعالجات والحوارات و"الحياد" بطريركياً كان أو سياسياً مزعوماً عنوانه "الحكم بالتوافق".. هذا العنوان فإنه إن صحَ بين أطراف داخلية غير مرتهنة بقراراتها، فإنه لا يصح بين أطراف داخلية وأخرى خارجية تملي قراراتها من خلال سياسيين داخل الحكومة أو خارجها.

ما يوحي به أداء الحكومة هو أنها دخلت مرحلة الإنتظار التي تفرضها وقائع السياسة الإقليمية والدولية، وهي بذلك تكون وافقت على أن تكون جزءاً من الحرب الدائرة من دون تقديم أية حلول لا مؤقتة ولا طويلة الأمد، كما أنها في الحسابات الدقيقة تكون تنفذ برنامج الضغوط التي وضع لبنان تحتها، ما يحسم هويتها وهي بالتأكيد غير تلك التي من المفروض أنها أتت على خلفيتها إن على الصعيد السياسي أو لجهة إدارة الأزمة أو حلها.  

  


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار