انفراط عقد "الإرهابيين"

انفراط عقد "الإرهابيين"
البناء 13 شباط 2914
محمد شمس الدين

هل انفرط عقد التكفيريين في لبنان؟. قد يبدو السؤال غريباً في البداية، لكن بالنظر إلى ما حدث أمس فإنه يبدو أن هذا العقد قد بدأ ينفرط بالفعل بعد الإنجازات الهامة التي حققها جهاز المخابرات في الجيش اللبناني الذي كانت حركته سريعة في احتواء ما كان محضراً فعلا لضرب غير منطقة في لبنان بما فيها الضاحية الجنوبية لبيروت أو تلك المحسوبة على جهة بعينها فيه.

ما باح به نعيم عباس، الموقوف لدى مخابرات الجيش اللبناني قاد إلى سيارات مفخخة مركونة بالأماكن العامة في وسط بيروت والتي كانت تعرض المنطقة التي وضعت فيها للخطر بالرغم من عدم تشغيل فتائل تفجيرها إلا أنها تؤشر بما لا يدع مجالا للشك بأن المستهدف هو لبنان برمته وليس فقط تلك المناطق التي يقول التكفيريون أنهم يستهدفونها.

الإنجاز الأمني الذي تحقق كان ثمرة جهود كبيرة ومتواصلة قامت بها المؤسسة العسكرية اللبنانية التي عرفت كيف تمسك بأول الخيط منذ لحظة اعتقالها السعودي ماجد الماجد "أمير" ما يسمى بكتائب عبدالله عزام الذي مات خلال وجوده بالمستشفى العسكري، لكن ما تبع ذلك الإعتقال يؤكد أن الأخير قد أدلى بما لديه للمحققين حتى وصلت الأمور إلى (الشيخ) عمر الأطرش وما قبله وما بعده، لكن النفي الذي دأبت عليه المؤسسة الأمنية اللبنانية عندما روجت إلى عدم تمكنها من الحصول على أية اعترافات كان بخدمة هدف استكمال التحقيقات التي أدت إلى كشف عدد كبير من خيوط الإرهاب الموزعة في غير منطقة لبنانية.

نفذ الجيش اللبناني بالأمس يوماً أمنياً بامتياز استند إلى تخطيط محكم لجهاز مخابراته في اكثر من اتجاه، وهو ما قد يشير إلى أن بداية انفراط عقد التكفيريين وضرب مخططهم في لبنان، لكن ذلك لا بد أنه يشكل جزءً مهماً من عملية أوسع نطاقاً يجري تنفيذها بين لبنان وسورية حيث تركزت الجهود في الآونة الأخيرة على خط يبرود السورية وعرسال اللبنانية كخط وحيد لكل العمليات الإرهابية التي ضربت لبنان في وسطه وشرقه وجنوبه وربما يتكشف لاحقاً أن الجهة نفسها هي التي نفذت عملية المسجدين (السنيين) في طرابلس لتكون مقدمة لإطلاق العمليات باتجاه المناطق الشيعية مع سبق "الإعلان والترصد".

ما يجري على المستوى الأمني في لبنان لا ينفصل عن العمليات التي يخوضها الجيش السوري في جبال القلمون وتحديداً في يبرود، ورنكوس، والمناطق المحيطة بها علماً أن تلك المنطقة قد تم تحصينها من قبل الجماعات المسلحة المتعددة الجنسيات باعتبارها مقراً استراتيجياً لهم إضافة إلى أن خطوطها مفتوحة على مناطق عملياتهم داخل لبنان عبر "البيئة الحاضنة" في عرسال وكمائنهم الأمنية المتقدمة وامكانية رصدهم لكل حركة فيها. كان من الأجدى "بحسب المخططين"، أن تخاض المعركة ضد المجموعات التكفيرية المخصصة لتنفيذ العمليات على الجانب اللبناني من الحدود من داخل سورية ومن القلمون تحديداً عبر عملية عسكرية حاسمة وواسعة النطاق وهو ما يمكن أن يريح الحليف الإستراتيجي في لبنان أي حزب الله من عبء معركة قد تأخذ أبعاداً طالما عمل الحزب وقيادته على تجنب الدخول فيها وهي "الفتنة المذهبية" التي يسعى إليها البعض في المنطقة عبر لبنان، إلا أن ذلك ما كان ليثني حزب الله والجيش اللبناني عن إجراء عملية استئصال للجماعات المسلحة من معقلهم من عرسال فيما لو فشلت عملية يبرود وما تحقق من انجازات أمنية لا شك أن للحزب اللبناني دوراً أساسياً فيه.

تقول مصادر مطلعة إن توقيت العمليات العسكرية والأمنية في سورية ولبنان بشكل متزامن أربك الخصم، في حين أن توقيته أيضاً يخدم حكماً في السياسة أمرين، الأول، مجريات محادثات جنيف بالنسبة للجانب السوري، والثاني تعزيز وضع حزب الله على الجانب اللبناني وهو الذي كان وعد أن إجراءات صارمة سيتم اتخاذها لمواجهة العمليات الإرهابية التي تحاول عزل جمهوره واستضعافه ونقل المعركة إلى مناطقه وهو ما لن يرضى به على الإطلاق لاسيما وأن على عاتق الحزب مسؤوليات تتصل بالصراع مع العدو الصهيوني لا يمكن التفريط بها.

ما يمكن أن يضاف إلى ذلك، أن الجانب الإيراني الذي بدأ يسمع مجدداً التهديدات الأميركية وخاصة لجهة أن "كل الخيارات ما زالت موضوعة على الطاولة"، ثبت لديه مرة أخرى أن لا ثقة بالأميركيين الذين سرعان ما وجهوا كامل جهودهم باتجاه التصويب على الرئيس السوري بشار الأسد منذ الجولة الأولى لـ"جنيف 2"، الأمر الذي دفع بوزير الخارجية الإيراني إلى إعلان أنه واهم من يعتبر أن اية تفاهمات يمكن أن تحصل خارج رئاسة الأسد وما يمكن أن يكون عليه في المرحلة المقبلة.
    

     


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الأزمة بين التسوية والحل

البيان رقم 2: لا اعتذار