سورية.. حشود واستعدادات
سورية.. حشود واستعدادات
البناء 11 آذار 2013
محمد شمس الدين
أقفلت بورصة المواقف الدولية نهاية الأسبوع الماضي، حيال الأزمة السورية على
منسوب عالٍ من التصعيد السياسي، وقد تزامن ذلك مع معلومات تم تداولها عن تدريبات أميركية
– بريطانية للمعارضة المسلحة السورية بالاشتراك مع مدربين أردنيين في الأردن، وآخرين
أتراك في تركيا، إلا أن تسارُع وتيرة الحرب في الداخل ربما سبقت التحضيرات والاستعدادات
من قبل طرفيها للدخول في مرحلة «الحسم» الذي بات مطلوباً قبل الشروع في أية تسوية ممكنة.
لكن الأهم من ذلك هو أن ما يجري حالياً في الميدان يؤشر إلى سقوط كل نظريات
التوافق على أدنى الأمور وفشل كل المحاولات الرامية الى إطلاق أي حوار، وهو ما عبّرت
عنه تلك المواقف التصعيدية التي سرعان ما تطورت بعد انتهاء زيارة وزير الخارجية الأميركية
جون كيري الى المنطقة، والتي أعطت الضوء الأخضر لإطلاق عمليات ميدانية بإشراف وتوجيه
عسكري أميركي مباشر، يهدف الى إحراز «موطئ قدم» للمسلحين الذين لم ينجحوا على مدى عامين
في انتزاع أية بقعة جغرافية بشكل كامل على الأراضي السورية، كما لم تنجح كل الضغوطات
التي مورست لإقامة أية منطقة عازلة في أي من دول الجوار. فيما لم يستقر الوضع في الرقة
التي أعلنت المعارضة المسلحة أنها استولت عليها بالكامل، ولم تعد خاضعة في أي جزء منها
للحكومة، إلا أن المعلومات المتوفرة من الداخل السوري تقول إن الرقة ما زالت قلقة من
محاولات استرجاعها من قِبل الجيش السوري الذي يحاصرها عملياً أثناء الاستعداد لخوض
معركة حاسمة فيها، كجزء من عملية يبدو أنه على قاب قوسين أو أدنى من بدئها على ثلاث
جبهات:
الأولى في حلب، حيث استطاعت قوات الجيش إعادة وصل العاصمتين السياسية – الإدارية
والاقتصادية عبر فتح الطريق بينهما بعد انقطاع دام شهور، وقد وصفت مصادر عسكرية ذاك
الطريق «المزدوج» الترابي والإسفلتي بالآمن، مشيرة الى أن التعزيزات العسكرية بدأت
تتدفق من دمشق الى الشمال السوري، استعداداً لـ»المعركة الكبرى».
الثانية في الرقة شمال وسط سورية، التي تبعد حوالى 190 كلم الى الشرق من مدينة
حلب، وذلك لاستعادتها ومنعاً من إقامة اي نوع من أنواع الإدارة المحلية فيها، فيما
تقول مصادر عسكرية إنه من غير الممكن الإبقاء على القوى المسلحة التي سيطرت على المحافظة،
لأن بالإمكان محاصرتها بسهولة ضمن خطة محكمة وضعت لذلك.
الثالثة في دمشق وأريافها، حيث وصفت معركتها المقبلة بـ»الكبرى» أيضاً، بعد
الحشودات العسكرية التي يقوم بها الجيش بعدما استطاع خلال الأشهر الماضية صدّ أعنف
الهجمات عليها، وهو اليوم يستعدّ للهجوم المعاكس. وفي هذا السياق تقول مصادر أمنية
إن قوى «المعارضة» المسلّحة ومنها «الجيش السوري الحر» تعمل على إشعال منطقة حمص استباقياً
لتحصين الجبهة قبل الدخول في معركة دمشق «الكبرى»، ومن ضمن ذلك تصعيد التوتر في منطقة
جوسيه قرب الحدود اللبنانية لأنها تشكّل عامل ضغط أساسي بالموازين العسكرية على المركز
في دمشق وعاملاً حاسماً في معركتها.
انصاعت كل الأطراف في النهاية الى الميدان وكلمته الفصل، وهو ما فضّله الأميركيون
في نهاية المطاف كخطوة أخيرة، وهم انخرطوا في عمليات التدريب والتجهيز بشكل مباشر لتحصين
موقعهم، وليس موقع حلفائهم من المسلحين، التفاوضي فقط قبل اي حوار في حال جرى، لا سيما
بعدما اتخذت الأزمة السورية منحى دولياً علنياً واضحاً من خلال أمور عدة، أبرزها نتائج
جولة وزير الخارجة الأميركية التي دفعت باتجاه التصعيد مع القرارات الأميركية، بالدعم
وتزويد المسلحين بـ»السلاح غير القاتل»، على حدّ وصفهم له، والمواقف العربية التي بلغت
حد اقتراح منح مقعد سورية في الجامعة العربية «للمعارضة» بعد فشلهم في إدارة الحرب
في ذاك البلد على مدى عامين.
كان لا بد لسورية وحلفائها من مُواكبة الموقف الدولي التصعيدي بتصعيد مضاد بعد
فشل دعوتها للحوار، فقد أعلنت روسيا أنها متمسكة ببيان جنيف كأساس للحل وأنها لن تتدخل
في شؤون الدول ولا تعمل على تغيير أنظمتها.. وأن الرئيس بشار الأسد لن يستقيل من منصبه.
ينتظر سورية على ما يبدو شهران قاسيان على الرغم من طراوة الأجواء الربيعية
فهل ترتفع.. حرارة الربيع السوري ليزهر باكراً؟.
تعليقات